في العام 2014، تعرّف رياض شرف الدين على الطبيب السوري أيهم عودة في منطقة فليطا والذي كان يُدير مستوصفًا طبيًّا. كان عودة يعالج عناصر "جبهة النصرة" كما كان الطبيب الخاص لأمير الجبهة في القلمون "أبو مالك التلّي". عنده، خضع "رياض" لتدريبات مكثّفة في مجال الإسعافات الأوليّة وبعض الأمور الطبيّة الطارئة والمستعجلة وصار يرافق "أستاذه" لمعالجة التلّي في المغارة.

خلال معارك عرسال، شارك الشاب المنتهي حديثا من فترة مراهقته في معالجة جرحى "النصرة" أوّليّا، ومن بينهم "أبو القعقاع" و"أبو أمين" وغيرهما ممن أصيب في المعارك وصار يتابع وضعهم الصحّي في الجرود إلى حين شفائهم تمامًا.

رافق "الممرّض" الطبيب السوري إلى إحدى المغارات الكائنة في جرود عرسال. هناك أيقن أنّ تلك المغارة كانت تُستخدم لإيواء العسكريين الأسرى من الجيش اللبناني فعمل على تضميد جراحهم. خلال تردّده على مكان احتجاز العسكريين، شاهد السوري "أبو تراب" الذي كان مسؤولًا عن مراقبة العسكريين، كما علم أنّ "أبو طلحة" و"أبو بكر" كانا يقومان بتعذيبهم.

تلك الإعترافات التي أقرّ بها "رياض" صراحة في التحقيقات الأوليّة، مؤكّدا أنّ لا معلومات لديه أكثر عن الأشخاص المسؤولين عن أسر وتعذيب وسجن العسكريين المخطوفين، كونه كان تردّد مرّات قليلة على المغارة مع الطبيب واقتصر دورهما على الجانب الطبّي، نفاها جملة وتفصيلًا خلال استجوابه بالأمس أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين عبدالله.

هنا يقول الشاب أنّه راعي غنم، ينفي علاقته بـ "جبهة النصرة"والقيام بأي أعمال لصالحها. يلفت العميد نظر المستجوب إلى أنّه "مبلّش غلط، اعترافاتك الأوليّة واضحة، إذا بدّك تساعد حالك إحكي..". يصرّ الموقوف على نفيه ويبدأ بالتفوّه بجملٍ غير واضحة وهو الذي يُعاني أساسًا بمشكلة في النطق، يزداد ارتجافه كلّما زاد إنكاره ويصّل إلى قمّة التلعثم الكلامي حين يُسأل عن رؤيته للأسرى العسكريين وتردّده على مكان توقيفهم ومعالجتهم. يطلب منه رئيس المحكمة الوقوف جانبًا لسماع باقي الموقوفين في الملف، وبعد الإستجواب ترافعت المحاميتان عليا شلحا (عن السوريين شرف الدين وأمير عاتكة وخالد الأسعد) وهلا حمزة (عن العرسالي فايز البريدي).

ومساء، أصدرت المحكمة حكمها الذي قضى بسجن "رياض" لمدّة سنتين ( قضى مجملها وبقي منها شهر واحد) والعقوبة نفسها للبريدي، وأعلنت براءة كلّ من عاتكة والأسعد لعدم الدليل.