منذ 6 سنوات | العالم / فرانس24



يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء بزيارة إلى الجزائر يرتقب أن يجدد خلالها التأكيد على "العلاقة الخاصة" بين البلدين، محاولا في الوقت ذاته تجاوز خلافات فترة الاستعمار. وما زالت زيارة ماكرون للجزائر أثناء حملته الانتخابية عالقة في الأذهان، إذ وصف خلالها الاستعمار الفرنسي لها بأنه "جريمة ضد الإنسانية".

يتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في أول زيارة له إلى هذا البلد منذ توليه منصبه في أيار/مايو الماضي، حيث من المتوقع أن يؤكد مجددا على "العلاقة الخاصة" بين البلدين، ويحاول طي صفحة الماضي الاستعماري، على غرار ما فعل الأسبوع الماضي في جنوب الصحراء الأفريقية.

وستتميز زيارة ماكرون إلى الجزائر، التي كانت استعمرتها بين 1830 و1962، باللقاء مع الرئيس الجزائريعبد العزيز بوتفليقة في مقر إقامته بزيرالدة غرب العاصمة. وتجيئ هذه الزيارة في وقت زاد فيه الصراع السياسي حول بوتفليقة مع تدهور صحته، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن المرحلة الانتقالية إذا تنحى عن منصبه قبل انتهاء فترة ولايته في 2019.

وقال دبلوماسي فرنسي "الجزائر قد تكون أكبر اختبار للسياسة الخارجية بالنسبة لماكرون، لأن الحالة الصحية لبوتفليقة مصدر قلق، وما قد يحدث بعدها ستكون له تداعيات كبرى بالنسبة لنا".

ومنذ فاليري جيسكار ديستان في 1975 الذي قام بأول زيارة رسمية لرئيس فرنسي إلى الجزائر المستقلة، زار كافة رؤساء فرنسا الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند قد تبنى نبرة تصالحية واصفا استعمار بلاده للجزائر بأنه "وحشي وجائر" ومن المستبعد أن يزيد ماكرون على ذلك.

وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون "يتمتع بصورة جيدة جدا في الجزائر"، موضحة أنه زارها مرارا حين كان وزيرا للاقتصاد. وخلال زيارة للجزائر في شباط/فبراير عندما كان مرشحا للرئاسة، سبب ماكرون صدمة للكثيرين في فرنسا عندما قال إن استعمار فرنسا للجزائر الذي استمر 132 عاما كان "جريمة ضد الإنسانية".

ولقي هذا التصريح ترحيبا في الجزائر مقابل انتقادات شديدة في فرنسا من اليمين واليمين المتطرف.

وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية "استخدم الرئيس كلمات قوية نالت استحسان الجزائريين، لكن الفكرة اليوم هي طي الصفحة وبناء علاقات جديدة مع الجزائر" مضيفا أن الشباب سيكونون محور رسالته.

الجزائر تنتظر الكثير من زيارة ماكرون

وكان ماكرون قد قال الأسبوع الماضي أثناء جولة في غرب أفريقيا إنه إزاء الاستعمار "لا إنكار ولا توبة. لا يمكن أن نبقى حبيسي الماضي".

بيد أن الجزائريين ينتظرون بادرة بهذا الإتجاه على غرار إعادة جماجم المقاومين الجزائريين الذين قتلوا في خمسينات القرن 19 والمحفوظة في متحف الإنسان بباريس.

وفي 2012 سمح اعتراف فرانسوا هولاند بـ"الآلام" التي سببها "الاستعمار الفرنسي" بتحسن في العلاقات بين البلدين.

وإحدى أولويات باريس إعادة دفع المبادلات الاقتصادية في وقت تركت فيه فرنسا مكانها كأول مزود لأفريقيا للصين. وبين القطاعات ذات الأولوية صناعة السيارات والصيدلة والصناعات الغذائية.

الأولوية للاقتصاد

وتبقى فرنسا أول مستثمر خارج مجال المحروقات، وأول موظف أجنبي في الجزائر مع 40 ألف وظيفة مباشرة ومئة ألف وظيفة غير مباشرة. لكن البلد يعاني من تراجع سعر برميل النفط الذي يوفر 95 بالمئة من مواردها الخارجية.

كما ستشمل المباحثات الأمن الإقليمي والدولي خصوصا الأزمة الليبية ومكافحة الإرهاب.

وفي ظل ارتفاع معدل البطالة وانخفاض أسعار النفط وإجراءات التقشف وعدم اليقين السياسي فمن المرجح أن يكون الشباب الجزائري أكثر تقبلا من قدامى المحاربين لدعوة ماكرون للتطلع نحو المستقبل. وتحسنت العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل محدود منذ 2012، إذ تحتل فرنسا الآن المركز الثاني بعد الصين كشريك تجاري رئيسي للجزائر. ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي نحو ثمانية مليارات يورو مقارنة مع 6,36 مليار يورو قبل خمسة أعوام.

ويحصل أكثر من 400 ألف جزائري على تأشيرات دخول لفرنسا سنويا، ما يعادل نحو ضعف العدد في 2012.

وقال سليمان خليفة (25 عاما) وهو مهندس في شركة حكومية "إذا سهل ماكرون إجراءات الحصول على تأشيرة فسيكون هذا أمرا رائعا بالنسبة لي. أما فيما يتعلق بالتاريخ فأنا حقا لا أكترث".

وخلفت حرب الاستقلال بين عامي 1954 و1962، التي لاقى فيها مئات الآلاف من الجزائريين حتفهم، ندوبا عميقة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024