لم تغادر سرير المستشفى منذ شهر كامل.

شعرت ديانا أبو هميا لوهلة أنها أصبحت أحد مقتنيات الغرفة المُعقّمة التي وجدت نفسها فيها قبل عملية زرع نقي العظام، في محاولة لمحاربة مرض التلاسيميا الذي لازمها كإسمها منذ كانت ترضع من والدتها في عمر الشهرين.

عايشت ديانا المرض كما لم يختبره أحد. عاش معها في بيتها ومدرستها وجامعتها والمؤسّسة التي عملت فيها، وكان ضيفاً ثقيلاً لا يجد من يطرده من جسدها ونفسيتها.

هذا الضيف الثقيل نفسه كان يحمل إسماً ثقيلاً أيضاً. هو التلاسيميا المعروف بفقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو مرضٌ وراثيٌ يؤثر على كريات الدم الحمراء، وينتج هذا المرض عن خلل الجينات الذي يُسبب فقر الدم المزمن، وقد يسبب الوفاة عند المصابين، لأنه يؤثر في صنع كريات الدم الحمراء التي تحمل مادة الهيموغلوبين وبدونها هي غير قادرة على القيام بوظيفتها، ما يسبب فقر دم مزمن يصيب الأطفال في مراحل عمرهم المبكر، نتيجة لتلقيهم مُورِثَات مُعتَلّة، من الأهل.

لا يُلام الوالدين على ما منحوا أولادهم بالوراثة. كان يريد الوالدان الذين اتخذوا من ضيعة كامد اللوز في البقاع الغربي مسقط رأسهم، أن يمنحوا أولادهم الحب والنجاح فقط، إلا أن سطوة الأمراض الوراثية كانت أقوى وأقسى.

دخل الطبيب المعالج في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، إلى غرفة ديانا بينما هي نائمة بفعل قوة الدواء الذي يسري في عروقها. قام بإيقاظها وانتبهت إلى أن الغرفة فارغة إلا من الآلات الطبية. وجدت والدتها تقف من خلف زجاج باب الغرفة الأخرى وهي تبكي. نظرت إلى الطبيب باستغراب متسائلة عن سبب البكاء الذي داهم والدتها على عجل.

بعد شهر من الحصول على العلاج الكيميائي، دخل إليها الطبيب ليخبرها بأن عملية زرع نقي العظام ستكون خطرة. بكاء الوالدة في الخارج كان لا إرادياً، وضرورياً في الوقت عينه. قال الطبيب إن إجراء العملية يُشكّل خطراً بنسبة 30 في المئة، فقد يفقد الفريق الطبي المريض في حال حدوث خلل ما. ورغم كل الكلمات التي كانت تدخل إلى مسمعها، كان بكاء والدتها يأخذ المساحة الأكبر من تفكيرها. لا يمكن للوالدة وحدها أن تقرر مصير ابنتها من دون استشاراتها، ولا يمكن للوالد الذي شغلت ديانا حيزاً كبيراً من حياته أن يقرر عن ابنته مصيرها.

استجمعت ديانا خوفها كله في شفتيها اللتان راحتا تهتزان واسنانها العاجية الصغيرة التي راحت تصطك بلا إرادة، تزامناً مع هرولة الدموع على خديها الرقيقين لتحسم أمرها وتطلب المباشرة بالعملية. كان هذا القرار من أصعب القرارات التي اتخذتها ديانا في مسيرتها المرضية. المرض مصيبة اجتماعية يصيب الجميع ولا يطال فرداً واحداً في العائلة.

عندما نريد أن نتخذ قرارات مصيرية، نفكر في وجوه الذين يحبونا وينظرون إلينا ونحن نتعذب أمامهم. نفكر بكل الصور التي خزناها سوياً في ذاكرتنا، الحلوة والمرة، ونفكر في  الفرص الجديدة التي تقدمها لنا الحياة في كل مرة نشعر فيها بالضعف والوهن.

لا تكف الحياة عن إعطائنا الفرص ولا تعني الحياة شيئاً لنا، حينما تكون بلا مجازفة. كان والدا ديانا، منذ بداية حياتها، يطلبون من معارفهم وأصدقائهم التبرع بالدم كل 15 يوماً، في بلد لا يوجد فيه بنك دم مركزي، بحيث تُقدّم المستشفى العينات المطلوبة من الدماء، ويطلبون من الأهل دفع ثمنها واحضار عينات بدلاً منها.

كلام يحطم القلوب

رافقها كلام الناس البغيض كما رافقها اسمها طيلة عمرها. لا يعرف الناس قوة الكلمة التي يرمونها على مسامع الاخرين، وخصوصاً حينما يكونون في وضع مرضي حرج. “هل انتِ ديانا، الشابة التي تحتاج دائماً إلى وحدات دم؟ لا تتعبي نفسك يا ديانا ولا تمارسي مجهوداً كبيراً. هل تعرفين أن الذين يصابون بالتلاسيميا يموتون في عقدهم الثالث؟ وهل تعرفين أنك من الممكن ألا تنجبي أولاداً”.

كلمة واحدة قد تكون سوطاً يُسلط على قلوبنا وكلمة أخرى قد تشكل شعوراً أكبر من عناق جماعي. يجب أن يعرف الذين يعيشون في الدائرة المقربة من المريض أن الأخير بحاجة دائمة إلى الدعم النفسي والمعنوي. يريد المريض ممن يحبهم أن يزودوه بالقوة التي تجعلهم قادرين على محاربة المرض. مشاعرهم هي مرآة للمرضى، ويجب أن تكون انعكاس الصورة في المرآة مليئة بالإيجابية.

ديانا أبو هميا

شعرت ديانا أن نهايتها بدأت تدنو، إلا أن الوالدان المنفصلان قررا أن يكسرا الشر ويعودان إلى بعضهما البعض، ليُولد شقيقها بعد ذلك بعام واحد، وليكون هو المتبرع بنقي العظام، بعد تطابق فئتيهما.

شعرت ديانا بخدر في يدها الأخرى التي لم يقترن بها أنبوب المصل الذي يحتوي على العلاج الكيماوي.

وجدت والدتها تغط بالنوم على الكرسي البلاستيكي وهي تضع رأسها على يد ديانا. لم تشأ ديانا أن تزيح يدها فتوقظ والدتها، لولا دخول الطبيب الذي بدا سعيداً بالنتيجة التي خرجت بها ديانا بعد عملية الزرع. أخبرها الطبيب أنها ستستعيد مناعتها ضد الامراض في اليوم السابع بعد العملية.

بعد فترة، غادرت ديانا المستشفى لتتعافى في البيت. وضعت نفسها أمام تحدٍ كبير. الصبية التي لازمها المرض على مدى 24 عاماً، وكانت خلالها بحاجة دائمة لوحدات الدم، باتت قادرة على التبرع بالدم، بعدما تعافى جسدها من آثار العلاج.

رسالة تضامن

تترك ديانا مخيلتها حينما يضع زميلها بسام إسماعيل يده على كتفها وهما يمشيان في ماراثون بيروت في 12 تشرين الثاني الماضي للمرة الأولى، ليعرّفها على الشاب وسيم بزيع الذي قرر فجأة أن يحلق شاربه وحاجبيه وشعر رأسه وجسمه ليبعث رسالة إلى كل مرضى السرطان، ليقاوموا المرض بابتسامة برغم كل مصاعبه. وعلى الرغم من اختلاف التلاسيميا والسرطان، إلا أن الرسالة واحدة.

قرر وسيم أن يتحدى الناس وينزل إلى الماراثون بشكله الجديد بعدما رفض مرات عدة أن يواجه المجتمع الظالم. وسيم الممثل، ومهندس الديكور، قرر إزالة شعر وجهه ليؤدي مسرحية واقعية أمام الناس، هدفها إيصال رسالة إلى المجتمع تفيد بأن المريض بالسرطان يحتاج إلى دعمٍ نفسي كبير، على أن ذلك، بين كل التفاصيل التي مرّ فيها، ستعلّمه درساً لن ينساه في حياته وستجعله رسولاً لكل المرضى الذين يعانون من قسوة المرض، لكي يتَّحِدوا ضد المفاهيم والصور الخاطئة التي تقتلهم قبل آوانهم.

لم يستطع أن يغلق عيناه الشاخصتين إلى السقف في ليلة ما قبل السباق. تحسس وسيم وجهه الخالي من الشعر، بعدما طلب قبل ساعات من الحلاق أن يحلق له كل شعرة في وجهه. مرت سبع ساعات على حلاقة الشعر، والذقن، والشارب والحاجبين. لم يبقَ شعرة واحدة في وجه وسيم تذكّره بمن كان.

أحس الشاب، الذي لم يستطع النوم، أنه فقد هوية وجهه مثلما تُفقِد نظرات الناس هوية مريض السرطان الإنسانية. لم يستطع وسيم أن ينام بعدما رشقه الناس بُعيد خروجه من باب متجر الحلاقة، بنظرات الشفقة على حاله ظناً منهم أنه مُصاب بالمرض الذي شغل العصر، والذي يخاف الجميع لفظ اسمه أو معرفة عوارضه، أو حتى معرفة المراحل التي يمرّ بها المريض حينما يُصاب به على غفلة.

قام من نومه ليعتدل أمام المرآة، مستعيداً ما حصل معه بالأمس وكيف بكى بشكل لا إرادي. كسرت خاطره عيون الناس القاسية بنظراتهم التي تتنبأ بانتصار المرض المميت.

خرج إلى الشارع الخالي في الصباح الباكر في منطقة الجناح في بيروت، ليتمكن بعد جهد من إيقاف سيارة أجرة بيضاء، مرسيدس متهالكة، يقودها عجوز.

نظر إلى وسيم الذي جلس في الخلف نظرة استغراب، من خلال المرآة التي عدّلها جيداً لرؤية الوجه الفارغ من ملامحه، بعدما ألقى نظرة أخرى على كيس المصل والعامود الذي يحمله. طلب وسيم من السائق العجوز بكل احترام أن يقف إلى جانب الطريق، ليبدل ثيابه، فكان له ذلك. لم يكن ينظر السائق إلى وسيم استحياءً. بعد انتهاء وسيم من ارتداء رداء المرضى الأبيض الممهور بالنقاط الزرقاء، وتجهيز عدة التمثيل من تركيب المصل في مكانه المناسب ووضع الشريط اللاصق فوق الأنبوب على معصم يده. طلب من السائق أن يكمل طريقه نحو الواجهة البحرية حيث سيبدأ الماراثون بعد ساعة واحدة.

وصل وسيم إلى حيث سيمشي مسافة 8 كيلومترات، وإلى جانبه عامود المصل المجهز بإطارات لا تتحرك عادة إلا ما بين غرف المستشفيات الكئيبة.

لم يتعاطَ الناس معه حينما رأوا شخصاً مريضاً يقترب منهم حاملاً “علاجه المفترض” إلى جانبه ليمشي معهم، إسوة بما يفعلونه مع الغير. سمع من بعيد دعوات بالشفاء، من أناس لا يعرفونه ولا يريدون الاقتراب منه، ولا الحديث معه، خوفاً واعتقاداً عن طريق الخطأ بأن المرض قد ينتقل إليهم. مع ذلك، حاول وسيم أن يحافظ على رباطة جأشه، وقدرته على التحمل، مردداً بكل شجاعة: سأضحك يوماً للحياة التي كسبتها بالفرح والحزن.

أطلقت رئيسة ماراثون بيروت مي الخليل، من خلال مسدسها طلقة الانطلاق. بدأ الناس يحيون وسيم حينما بدأ يمشي مثلما يفعل الجميع نحو نهاية بعيدة. بدأ قلبه ينشرح أمام الناس، وبدأ يوزع الابتسامات عليهم، كمن يريد أن يكسر الحاجز بينه وبين المرض الذي يعتقد الناس أنه يحمله، ويبعده عنهم. منهم من اقترب للحصول على صورة مع وسيم وهو يكافح الموت بالحياة، ليرسلونها إلى أصحابهم المعافين من أي مرض، الذين رفضوا أن يشاركوا في الماراثون، وذلك ليكسبوا مزيداً من ساعات النوم في يوم العطلة.

لحظة الانطلاق تذكر وسيم، الشاب الذي درس هندسة الديكور في ظروف صعبة، كيف كبر واخواته في بيت صغير في ظل احتلال إسرائيلي للأرض التي روت بدمائها شتلات التبغ، التي كانت والدته تقعد تحت الجل خلف البيت الجنوبي في زبقين، وتشكه بيديها الطريتين في مسمار فولاذي طويل، بينما يراقبها الإسرائيليون من خلف مناظيرهم المتطورة من الجبل البعيد حيث فلسطين، لتقوم بعده بنشره كما تنشر ملابس أولادها. وتذكّر وسيم يد والده التي لم تكن تريد الفكاك من يده، قبل اللحظات الأخيرة من طلب الأطباء أن يخرج الجميع من غرفة الوالد، لأنه أصبح قاب قوسين من الرحيل. كان والد وسيم، الذي عانى من سرطان الدماغ وبدأ يفقد شيئاً من ذاكرته، يعيش حياته اعتماداً على القوة التي كان يمنحها إياه أولاده، من دون أن يشعروه للحظة واحدة بأنه أصبح ضعيفاً.

بعد خروج الأطباء وإعلان وفاة الوالد، أراد وسيم أن يحقق الأمنية التي لم يستطيع نيل شرفها حينما توفيت والدته في العام 2000 قبل تحرير الجنوب من العدو الإسرائيلي ببضعة أشهر بعد إصابتها بالسرطان أيضاً.

وسيم بزيع مع رئيسة بيروت ماراثون، مي الخليل. بزيع خسر والديه للمرض الخبيث وقرر التنكر بشكل مريض بالسرطان خلال ماراثون بيروت لتوعية الناس. والخليل هي ناجية حاربت المرض في الماضي.

عانى الوالد والأولاد من الحياة التي لم يعيشوها عندما مرضت والدة وسيم بالسرطان. بقيت الوالدة قوية لكن الأولاد كانوا يافعين، لا يفهمون كيف يستطيع مرض خبيث أن يضع من نحب على سكة، يكون فيها الموت أقوى الرابحين. بقيت الوالدة متمسكة بالحياة حتى اللحظات الأخيرة وبقيت تكافح وتحاول أن تجعل أولادها ناضجين ليواجهوا مصاعب الحياة في وقت مبكر.

لا ينسى وسيم حينما كان يوقظه العطش من نومه، كيف كان صوت والدته يتسلل إلى سمعه وهي تصلي صلاة الليل، وهي في عز مرضها. كان يجد نفسه ممتلئاً بالدفء حينما يحضنها من الخلف وهي تصلي مرتدية ثوب الصلاة الذي حاكته بيدها من خيطان استطاعت الحصول عليها بالسر، حينما لم يكن أحد يستطيع الذهاب إلى القرى المجاورة لشراء الخيطان في ظل الإحتلال.

السرطان لا يعرف عمراً محدداً

تذكّر وسيم أنه قطع مسافة ليست بقصيرة، وهو يستعيد تلك الذكريات. وتذكّر أن بسام إسماعيل، الشاب الذي لا يزال يتلقى علاجه من مرض السرطان قد كافح المرض بقوة وشراسة كبيرتين.

الشاب العشريني، الذي شعر في أحد الأيام بوجع في قلبه وبضيق في النفس وبجهد غير مبرر، تأكد أنه مصاب بالسرطان بعد أن فاجأه الطبيب بالخبر. ورغم الخلفية الطبية التي يمتلكها بسام عن السرطان، ذرف دموعاً عفوية، ولكنه ما لبث أن تغيّر الموضوع، بعدما قرر أن يحارب المرض، مهما كلف ذلك.

شعر بسام أن عليه أن يقاوم المرض بالمحبة التي أمدها أصدقائه بها، وبالعائلة التي احتضنته وبالأحلام والطموحات التي لم تتخلى شقيقته سماح عن تذكيره بها، بحيث كانت الملهمة لمحاربة المرض.

شخّص الأطباء مرض بسام على أنه سرطان الغدد الليمفاوية وهو في مرحلته الثالثة. في الفترة الأولى، خضع بسام لست حلقات من العلاج الكيميائي خلال 7 أشهر، تبدلت فيها حالة بسام الصحية والنفسية كثيراً.

لم يشعر بسام يوماً بضعف شخصيته أمام ما يمر به من صعوبات علاجية من ناحية ضعف الجسد وتغيُّر ملامح الوجه وضعف المناعة. واكتشف كيف تكون اللحظات اليومية، برغم المرض، جميلة حينما نريد أن نقاوم المرض بالقوة التي نستمدها من الآخرين.

ما فقده بسام خلال علاجه، كان الحاجة إلى أشخاص يخبرونه عن المراحل التي مر بها، وهذا فعلياً ما أدى إلى ولادة جمعية revive والتي اجتمع أعضاؤها الذين لا يزالون يتلقون العلاج حول قضية يعاني منها معظم مرضى السرطان في لبنان والعالم.

العلاج بالمحبة

يحتاج المرضى بحسب بسام إلى كلمة تطيّب خاطرهم وتمنحهم أملاً جديداً في حياتهم التي يحاربون من خلالها المرض الأقوى في القرن الحادي والعشرين.

تعمل الجمعية على تذليل العقبات النفسية التي ترافق مريض السرطان والتلاسيميا وغيرها من الأمراض. يعملون على زيارة المرضى ليخبروهم عن تجاربهم الناجحة التي مروا بها، وكيف استطاعوا التغلب على المرض عندما تغلبوا على نظرة وكلام الناس، والارتياح النفسي الذي جعلهم يواجهون فيه المجتمع الذي لا يتقبل مريض السرطان بسهولة.

السرطان مرض اجتماعي كما يقول بسام، نظراً للتأثير الذي يتركه على جميع أفراد العائلة والأصدقاء وليس على المريض فحسب، ولا يفرّق المرض بين فقير وغني، أو متعلم وأميّ.

جميعنا معرضون للإصابة بالسرطان في يوم ما، وهذا ما يحتم علينا أن نكون مساندين لأنفسنا ولغيرنا، لأننا بذلك نكون قد حرمنا المرض من فرصة القضاء على أحلامنا.

بسام اسماعيل قبل وبعد العلاج الكيماوي

ماراثون بيروت يحتضن القضايا الاجتماعية

كانت لافتة حركة رئيسة مارتون بيروت مي الخليل حينما اقتربت من وسيم واحتضنته برقة الانسان الذي يحتاج إلى عناق جماعي. شجعته على حركته الإنسانية حتى ولو كانت عبارة عن تمثيلية، لأن وسيم ترك بصمة وبسمة في عيون من شاهدوه.

تقول الخليل إنها ارتعبت من وسيم عندما رأته عند خط النهاية وهو يجر حياته على قدميه ليمشي في الماراثون. اقتربت من وسيم وقال لها إنه ليس مريضاً ولكنه أراد أن يحدث صدمة إيجابية لدى الناس.

الخليل التي خرجت من حادث أليم في تسعينات القرن الماضي استطاعت أن تحول الإعاقة إلى طاقة، وقررت أن يكون السباق نقطة مضيئة في حياتها وحياة العالم أجمع. وهذا ما جناه الماراثون هذا العام عبر تباري 48 ألف عداء في مدينة بيروت، بعدما بدأت ب 6 آلاف عداء في العام 2003، على الرغم من الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان.

غياب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عن لبنان، كان حدثاً وطنياً ارتبط ارتباطاً وثيقاً بكرامة اللبنانيين جميعاً، وذلك حينما أعلن استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية، في 4 نوفمبر، من العاصمة السعودية الرياض. وبعد ذلك طلب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أن يتم تحويل الشعار إلى الركض من أجل عودة الرئيس الحريري.

تقول الخليل في حديثها إلى نيوزويك الشرق الأوسط إن قضية عودة الرئيس الحريري أضيفت إلى القضايا التي نركض من أجلها وعلى رأسها المحبة والسلام الداخلي والخارجي، ولم يتم تسييس الماراتون، لا بل بالعكس، كان تحدياً جديداً يضاف إلى التحديات التي نواجهها سنوياً، لأن الرياضة للجميع هي قضيتي الوحيدة، ووضع لبنان على الخريطة الرياضية العالمية هي قضيتنا جميعاً.

العمل على مسافة واحدة من الجميع بعد 15 عاماً، يتطلب أن يكون الواحد منا ذو صدر رحب، ليستطيع صد عدد كبيرٍ من الانتقادات. برأيها، أصبح الناس، بين الانتقادات الكثيرة التي تطال الماراثون، قريبون من ثقافة الركض وقريبون أيضاً من ثقافة العطاء، وذلك لأنهم صاروا مقتنعين أن الأموال التي يدفعونها للمشاركة في الماراتون، تذهب إلى 188 جمعية شريكة مع جمعية ماراتون بيروت، ليصبح الماراتون أكبر منصة لجمع التبرعات.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024