ذكرى مأساوية لا تُنسى، منذ عام حلّت فاجعة على عائلة كرديّة كانت تعيش في كوباني، حيثُ هربت من أهوال الحرب متجهةً إلى أوروبا، إلا أنّ الغرق كان نصيبها. من لا يذكر قصّة إيلان كردي؟ الطفل ذي الأعوام الثلاثة الذي استلقى على شاطئ بودروم التركي مودّعًا الحياة مع شقيقه غالب (5 أعوام)، بعدما خسرا والدتهما أيضًا خلال غرق قارب، تاركين الأب عبدالله كردي يندب حظّه السيء.

بمناسبة العام الأوّل على هذه المأساة، رأى الكاتب الشهير روبرت فيسك في مقال نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطانيّة أنّ "إيلان يمثّل جيشًا من الأطفال الموتى". وسأل: "هل تلقّن العالم درسًا عن الطفل الذي غطّته المياه وتوفي على أحد شواطئ تركيا؟". وقال فيسك: "إنّ صورة جسد إيلان، الطفل القادم من عائلة كردية لاجئة كانت قادمة من تركيا إلى أوروبا تصدّرت الصحف العالمية"، معتبرًا أنّها "تحجب مجموعة من الدروس التي نجهلها. إنّه بالطبع يمثل آلاف الإيلانيين الذين ينامون على أسرّة شواطئ البحر المتوسط. إيلان كان رمزًا لجيش الأطفال الموتى، فقد ضحّى بأعوامه الثلاثة بعدما قذفته الأمواج وأصبح شهيدًا".

وتابع فيسك: "اللاجئ.. المهاجر الخائف صوّر على أنّه تلقّى حملاً ثقيلاً وفريدًا في القرن الـ21. لكن يمكننا العودة بالذاكرة من خلال صورته إلى الملايين الذين نزحوا بعد الحرب عام 1945 في أوروباـ والأرمن الناجين من الإبادة الجماعية عام 1915 وغيرها من الذكريات الأليمة". وأضاف: "يمكننا قراءة قصة العائلة الكردية المأسوية. لكنّ السؤال الآن ليس كيف جرت الأحداث بل ماذا يجب أن نفعل؟". وقال: "لا تسألوا لماذا اتهم 19 رجلاً مسلمًا بارتكاب جرائم دولية ضد الإنسانية في 11 أيلول، لا تسألوا عن أسباب غزو أفغانستان والعراق ولا كيف وصل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الى السلطة!".

ولفت الكاتب البريطاني إلى أنّ "المسلمين والمسيحيين تركوا المساجد والكنائس خلفهم. الجميع يفرّ من قادة الميليشيات والديكتاتوريين وأمراء الحرب". وأشار إلى أنّ دانيال ماكلوغلين، وهو من أبرز المراسلين في شرق ووسط أوروبا، لفت الإنتباه إلى المخاطر الكامنة في الدول الإسلامية الآسيوية والتي ظهرت على أنقاض الإتحاد السوفياتي منذ ربع قرن، مضيفًا إنّ المنطقة المليئة بكنوز الغاز والنفط وذات أهمية إستراتيجية، قادتها، الذين تتودد لهم موسكو وواشنطن، متورطون في جرائم ضد حقوق الإنسان.

توازيًا، نقلت صحيفة "دايلي تلغراف" عن والد إيلان، عبدالله كردي الذي يعيش وحده في إربيل بعدما فقد عائلته، أنّه اتهم العالم بأنّه يدير ظهوره إلى سوريا في الوقت الذي يستمر السوريون بالموت.

وقال كردي في حديثٍ لصحيفة "بيلد" الألمانية: "الجميع قال إنّه سيفعل شيئًا بعد تأثره بصورة طفلي. لكن ماذا حدث اليوم؟ الناس يموتون ولا أحد يقوم بشيء من أجلهم. كان يجب أن تنشر صورة طفلي. هكذا أمور تظهر للعالم بوضوح ماذا يحدث. لكن في النهاية الصورة لم تغير الكثير. يجب أن يتوقف الرعب في سوريا".

ولفت إلى أنّه لا يزال يحتفظ بألعاب إيلان، وقال: "أنا الآن بأمان لكن لمَ أعيش؟ الصورة ساعدت على إثارة الجدل حول أزمة اللاجئين وكانت جزءًا مما دفع المستشارة أنجيلا ميركل لفتح أبواب ألمانيا للنازحين السوريين".

كما تحدّث كردي لـ"BBC" مشددًا على ضرورة وقف الحرب في سوريا وعودة الناس إلى حياتهم الطبيعية وأعرب عن مدى تأثره بالذكرى الأولى لخسارة عائلته، قائلاً: "كلّ يوم أفكّر بهم، أشعر كما لو أنهم عادوا إليّ وناموا بقربي. هذا الأمر يحزنني".

من جهتها، عرضت صحيفة "غارديان" قصة إيلان المأسوية ولفتت إلى أنّها جعلت القادة الأوروبيين يراجعون مسألة اللاجئين، لافتةً إلى أنّ رئيس الوزراء السابق دايفيد كاميرون فتح الباب أمام 4000 لاجئ ليدخلوا بريطانيا حتى عام 2020.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024