منذ 7 سنوات | لبنان / الأخبار

لا يمكن وصف بما اقدمت عليه مراسلة «الجديد»، ليال أبو موسى أمس، سوى بـ «الخزي». لم تعرف الصحافة يوماً هذه «المدرسة» التي ابتكرتها. أبو موسى عرضت تقريراً في نشرة القناة المسائية، بعنوان «قضية منال عاصي بلسان قاتلها». خصّص التقرير لمحامي قاتل منال أحمد بدران مساحة 3 دقائق، ليدلي بوجهة نظر القاتل محمد نحيلي، ويبرر جريمته الوحشية التي حصلت قبل عامين تقريباً، كما ليبرر الحكم الصادر تجاه القاتل.

أبو موسى مررت في نهاية تقريرها عبارة تبرّر «فعلتها» قائلةً إنّ «هذا التقرير مجرد عرض لوجهة نظر الفريق الآخر وليس دفاعاً عن القاتل أياً كانت أسبابه». لكن التقرير برمته، أعاد إبراز موقف القاتل، بنفيه منع الإسعاف عن الضحية وتعذيبها لأكثر من 7 ساعات. كيف لمنطق أن يحتمل ما يدلي به بدران، بأن «القاتل وصل الى بيته الساعة الحادية عشرة، ومنال دخلت المستشفى الساعة الثانية فجراً»، في محاولة لدحض ما قيل عن تعذيب للضحية ومنع عنها الإسعاف؟ كيف لمنطق أن يقبل إمراة قتلت بالمياه المغلية ونكّل بها لاحقاً، أن يخرج علينا صوت نشاز ويدافع عن القاتل، بوصفه كان في حالة «ثورة غضب» أو فورة بركان»، بعدما أدرك «فعل الزنا»؟
أبو موسى صاحبة نظرية جديدة في عالم الإعلام، مفادها أن يصمت الصحافي طيلة المقابلة، ويترك للضيف المساحة الكاملة ليدلي بما يريد أن يدسّه في الإعلام، وكيف إذا هذا الرجل ناطقاً بإسم مجرم؟ وأكثر، تنهي المراسلة تقريرها بأن كل ما شاهدناه لا يمكن تصنيفه ضمن «التبرير للمجرم»!.
يوم الجمعة الماضي، إستضافت lbci في برنامج «نهاركم سعيد»، والدة الضحية ندى عاصي، الى جانبها منسقة الخدمة القانونية في منظمة «كفى»، ليلى عواضة. كانت حلقة هامة، فنّدت فيها، الأحكام القضائية الإستنسابية التي ما زالت تحاسب المرأة على أساس سلوكها، ونوعها الإجتماعي، وتبرر للرجل جريمته بما أنه كان في «حالة غضب». في هذه الحلقة، نصّت عواضة بعضاً من وقائع المحاضر، وأظهرت التناقض في قرار المحكمة بين إقتناعها التام بأن الجريمة وقعت عن سابق تصوّر وتصميم، وأن المجرم كان واعياً تماماً لفعلته والى أين ستؤدي بالضحية. كشفت هذه الحلقة النقطة الأهم التي تهمل عادة في هذه القضايا، وهي أن منال عاصي عنّفت قبلاً، ولم تكن هذه الحادثة المأساوية سوى أحد فصول التعنيف المستمرة. وإذا ما تحدثنا عن «الزنا»، فإن القاتل، وبإعترافه كان على علاقة مع إمرأة أخرى وتزوج منها لاحقاً، وهذا الأمر لا يعدّ برأي المحكمة والمجتمع «فعل زنا»، بما أنّ فاعله هو «رجل»!. في ما سبق، وفي جمع لهذين المشهدين في التعاطي الإعلامي مع قضية منال عاصي، والعنف الأسري بشكل خاص، يظهر حجم التفاوت في الخطاب وتصويب الهدف. قضايا العنف الأسري التي كما قالت المراسلة الفذة، إنّها «قضية رأي عام»، نحتاج اليوم، الى أصوات مناصرة وليس لمنصات تبرر للمجرم فعلته. مسيرة النضال المدني والقانوني، ما زالت طويلة، خاصة مع هذه النماذج التلفزيونية التي تخرج علينا، في إنتزاع حقوق المرأة وتجريم قاتلها بالأحكام المؤبدة، وليس كما يحصل بتقديم له الأعذار والتبريرات، ومحاكمة إمرأة باتت تحت التراب، بحجة «تصرفاتها»، وتناسي أنها قتلت بدم بارد في ليلة من ليالي شباط البارد.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024