يريدها عارية على البحر ونصف عارية على النهر، مستورة في دور العبادة ومفرّعة في البيت، يريدها طبّاخة ماهرة وخادمة نظيفة وشريكة جنسية نشيطة، ولكن في نفس الوقت أماً مثالية وزوجة حنوناً... يريدها أنيقة في ملابسها ومقتصدة في كلامها وجذابة في إطلالتها ومهذّبة في حديثها ولكن في نفس الوقت متواضعة ومحتشمة وكاتمة أسرار... وأمّا هو، فيعيش على راحته، لأنه ماذا؟ رجل...

كثير من الرجال اللبنانيين يستلقون على ظهورهم ويلبسون سروالاً قصيراً ويديرون المروحة على أفخاذهم بأعلى قوتها حتى يبَوردوا أعضاءهم، ومن ثم "يَتأمّرون" على زوجاتهم وأمهاتهم وشقيقاتهم ويديرونهنّ بريموت كونترول أخلاقي وعرفي واجتماعي كانوا قد اشتروا بطارياته من رجال الدين والأمن والقانون.

احتَرنا مع هؤلاء المُسترجلين ولم نعد نعرف ماذا يريدون من المرأة؟ وكيف يريدونها حتى يديرونها ويتحكّمون بحياتها وبالقوانين التي تحاكمها والشرائع التي تسيّرها والشهوات التي تلبسها وتعرّيها؟

وكلّ ما يريده هؤلاء، ولسوء الحظّ هم كثر، هو التحكّم بحياة كلّ كائن لا يملك عضواً ذكرياً ولا ينبت شعر على صدره، ويريد المرأة أن تكون في أوقات فراغها (عندما تنتهي من الغسل والشطف والنفخ) كيس ملاكمة يستمتع بتفريغ كلّ عقد نقصه ومشاكله النفسية فيه، ويستفيد أيضاً من تمرين عضلاته لربما احتاج أن يضربها ويؤنبها إذا أخطأت بحقّه أو حقّ كلّ مَن هُم على شاكلته.

بعض الرجال الشرقيين يحملون هواتف ذكية موديل 2016 في جيوبهم وجماجم فارغة موديل 1786 على اكتافهم، ويعيشون يومياً معضلة التوفيق بين العصرَين. فهم على سبيل المثال يستطيعون أن يغتصبوا زوجاتهم ويضربونهنّ، مع إمكانية تصويرهنّ ونشر مقاطع الفيديو والصوَر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه خاصية لم يكن يمتلكها أجداد أجدادهم عندما كانوا يعاملون المرأة ككيس لبنة.

وأجمل ما في هؤلاء امتلاؤهم "للشفّة" بالرجولة والعنفوان والكرامة إلى حدّ أنه لم يبق فيهم مكان للشرف أو أي شيء آخر. وبالطبع في هذه الحال، وضعوا شرفهم في المرأة وأقسموا بالدفاع عنه بأيّ ثمن، حتى لو كان حياة الشريكة أو الشقيقة أو الحنونة.

وبما أنّ هؤلاء طمأنوا بَالهم أنّ شرفهم ليس عبئاً عليهم ومحفوظ في مكان أمين وموثوق، منحوا أنفسهم الحقّ في الخيانة والمصاحبة والمجون وتنفيس كلّ احتقاناتهم الجنسية في أيّ "قناة تصريف" يختارونها... وهم إن عادوا إلى البيت وحتى لو في ساعة متأخرة، فمن أجل الإطمئنان على أنّ شرفهم بقي طاهراً.

مشكلة الرجولة المفرطة والمُسترخية على حساب الأنوثة في شرقنا العريق، هي ليست في الرجال فقط بل في قوانينهم المفصّلة على عرض أكتافهم... وإذا كنّا اعتقدنا أننا بدأنا نخطو قليلاً ناحية التطوّر والتمدّن والتأنسن، تأتي حوادث اجتماعية ونتائجها القضائية التي خفّفت الأحكام أو افرجت عن الجناة في مقتل منال عاصي على يد زوجها بطنجرة ضغط، واغتصاب الفتاة اللبنانية في منطقة الكورة، لتؤكّد أننا "عَم نْكِرّ لوَرا وبسرعة تصِل غبرتها إلى حدود الغَيم".

ليس من الضروري أن يضرب الرجل زوجته ويغتصبها ويعنّفها حتى يكون مصادراً لحقوقها، بل يكفي أن يسكتها وأن لا يدللها أو لا ينظر لاحتياجاتها حتى يكون مقصّراً في حقّها ويستحقّ المحاكمة أمام عدالة ليست من هذا العالم، عدالة تقدِّر التضحيات التي تقدّمها المرأة حتى تسير حياة الرجل على السكّة الصحيحة.

يغلي في نفس غالبية الرجال شعور بالتحكّم بحياة المرأة بالريموت كونترول وتسييرها حسب هواهم... ولكن لا بدّ أن يتذكّر هؤلاء أنه في حال انقلَبت الآيات وأصبحت السلطة في يد النساء، "إي والله ليمَشّونا بالمِسّاس والخيزران مِتل الدوَاب".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024