منذ 7 سنوات | العالم / روسيا اليوم

لم يتوقع أحد حدوث أي اختراق لموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مصير الرئيس السوري بشار الأسد. وذلك خلال لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لقاء بوتين – أردوغان كان اقتصاديا بحتا. أو بشكل أكثر دقة، كان أرضية أفقية خصبة للتمهيد لمشهد جيوسياسي وجيواقتصادي جديد إقليميا ودوليا، بصرف النظر عن "العامل السياسي" حول الأزمة السورية عموما، ومصير الأسد على وجه الخصوص. فالاختلاف أوالاتفاق أو التقارب أو حتى التطابق حول سوريا قد يأتي في المرتبة الثانية بعد ترميم العلاقات بين موسكو وأنقرة وإعادتها إلى ما قبل الأزمة.

لقد اقتصرت الإشارة حول سوريا على اتفاق الرئيسين الروسي والتركي على عزمهما التوصل إلى تفاهم مشترك للتسوية في سوريا، وأنهما سيتبادلان المعلومات ويبحثان عن الحل. بمعنى أن "المسألة السورية" لا تزال في مربعها الأول بالنسبة للطرفين الروسي والتركي، وإن كانت موسكو تحاول تلمس جوانب جديدة أكثر مرونة، وتسعى لإيجاد مقاربات وخطوط تماس، سواء في المجال السياسي أو في المجال الاقتصادي – التجاري أو في مجال الطاقة.

الرئيسان الروسي والتركي تجنبا التطرق علنا إلى نقاط الخلاف، وإنما تعاملا معها بطريقة دبلوماسية للغاية، وانتقيا التعبيرات والألفاظ والمصطلحات، من قبيل "أن لموسكو وأنقرة هدفا مشتركا في هذا السياق، وهو تسوية الأزمة السورية"، و"أن تركيا تشاطر روسيا تفاهما بشأن ضرورة مكافحة الإرهاب"، و"سنبحث عن حل مشترك مقبول"..

وترجمة للقاء قمة سان بطرسبورغ بين بوتين وأردوغان، أكد وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو أن بلاده:

-تتفق مع روسيا حول ضرورة حل الأزمة السورية سياسيا.

-لديها رؤية متقاربة مع روسيا بشأن المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار في سوريا.

- ستعمل مع موسكو على بناء آلية عمل قوية بشأن سوريا.

وعلى الرغم من ذلك، فقد اعترف جاويش أوغلو بأنه "قد يكون هناك خلاف فكري حول كيفية وقف إطلاق النار نحن لا نريد هجمات تلحق الأذى بالمدنيين .. فنحن نرى أنه من غير المناسب مهاجمة المجموعات المعتدلة ومحاصرة حلب". ومن الواضح أن موضوع حلب أصبح يثير قلق الجميع كل وفق توجهاته وأهدافه وتحالفاته، لدرجة أن الولايات المتحدة شكلت "أمما متحدة صغيرة" داخل الأمم المتحدة الرسمية، وجمعت فيها حلفاءها الصقور، من وراء ظهر روسيا والصين، من أجل بحث موضوع حلب والمساعدات الإنسانية.

إن الحرص والحذر في التعامل مع نقاط الخلاف بين موسكو وأنقرة، يعكس حرص الجانبين على تجاوز العديد من نقاط الخلاف، وإعادة العلاقات ليس بالضبط كما كانت عليه قبل الأزمة، وليس بالضبط وفق المعايير القديمة، وإنما وفق معايير وآليات جديدة تتطلب مرونة وبراغماتية. وهنا لا يمكن أن يتوقع أحد شكل هذه العلاقات أو مداها أو عمقها. ومن الممكن أن تفوق النتائج كل التوقعات في ظل الغضب التركي من أوروبا والولايات المتحدة، والتحدي الغربي لإردوغان نفسه، وحرص روسيا على التعامل ببراغماتية ووضوح، وإصرارها على استخدام كل الأوراق الممكنة لدعم وجهات نظرها وتصوراتها الإقليمية والدولية.

الرئيس التركي لم يغير موقفه من سوريا عموما، ومن مصير الرئيس الأسد على وجه الخصوص. وهو ما أعلنه مرتين عشية زيارته إلى روسيا عبر حوارين مختلفين مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، ووكالة أنباء "تاس" الروسية. ومع ذلك، فموسكو غير يائسة، وغير متشائمة، لأن تركيا ما قبل محاولة الانقلاب لم تعد تركيا بعدها، وإردوغان قبل المحاولة، لم يعد إردوغان قبلها. وبالتالي، فموسكو تعول على جملة من الأوراق والإجراءات والعوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية. وربما تكون كل هذه الأمور هي التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ قرار بإرسال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 24 أغسطس الحالي إلى أنقرة!


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024