منذ سنة | لبنان / الأخبار

إحدى أبرز العثرات التي صادفت الرئيس نبيه بري في تعبيده طريق بعبدا أمام رئيس تيار المردة سليمان فرنجية هي مواقف صديقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط؟ مواقف لم يكن يتوقعها أحد من زعيم المختارة بهذا الشكل الثابت واللجوج والفج على نحو يفتح الباب أمام النواب المعارضين لفرنجية والمترددين للقول إن على بري إقناع الأقربين قبل الأبعدين.
 

 

لا أحد يعلم ما إذا كان الرئيس نبيه بري قد صارح مسبقاً صديقه، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكيّ النائب السابق وليد جنبلاط، بنيته ترشيح رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، لجس نبضه أو أخذ كلمة منه. ولم يكن أحد يتخيل أن يذهب جنبلاط في سلبيته إزاء ترشيح فرنجية إلى هذا الحد. لكن، ما هو معلوم وعلني، أن ديناميكية احتساب الأصوات بدأت فور إعلان الرئيس بري ترشيح فرنجية، قبل أن تعطلها بالكامل تتالي المواقف الاشتراكية المناوئة لترشيح فرنجية ليصبح الوصول إلى 65 صوتاً توصل رئيس المردة إلى بعبدا أمراً مستحيلاً. تأمين النصف زائداً واحداً كان سيفسح المجال لإطلاق معركة جدية من أجل تأمين نصاب الثلثين وتحميل القوى المسيحية مسؤولية عدم انتخاب رئيس، لكن تعثر تأمين النصاب الأول حال دون إطلاق معركة النصاب الثاني. وبدل أن يليّن جنبلاط مواقفه بمرور الوقت، كما كان بري ربما يعد نفسه، ازدادت مواقفه تصلباً، قبل أن ينتقل من وضع العصي في دواليب الـ65 إلى وضعها في دواليب الإليزيه حين أصبحت المعركة في الخارج. فها هو ينتقد، من باريس، السلة التي كان صديقه عرابها الأساسي. وهو أكثر من يعلم أن معركة فرنجية الرئاسية هي معركة سياسية وشخصية جداً بالنسبة لرئيس المجلس. في ظل مراعاة بري الدائمة لهواجس صديقه وتحالفهما الدائم، فإن أحداً لم يكن يتخيل أن يرد جنبلاط بهذا الشكل كل جمائل بري المتراكمة خلال السنوات الماضية. وإذا كان البعض لا يزال يراهن على «استدارة جنبلاطية» حين يجدّ الجدّ، فإن دعم بيك المختارة لبيك زغرتا يفقد وزنه المعنوي وقيمة أصواته إذا ما رسا الاتفاق الخارجي على فرنجية. وهذا الدعم مطلوب أمس قبل اليوم لتحقيق أربعة أهداف:


أولاً، تقريب القوى الداعمة لفرنجية من الـ 65 صوتاً لتحسين موقعها التفاوضيّ باعتبار أن مرشحها يملك أكثرية نيابية ولا ينقصه سوى النصاب، وهو ما حال جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل دون تحقيقه.


ثانياً، تثبيت فرنجية كمرشح وطني عابر للطوائف كما كان يبشر بري، قبل أن يسقط كل من جنبلاط ولقاء الاعتدال الوطني هذه الصفة، عبر حصر التأييد لفرنجية بالثنائي الشيعي وبقليل من النواب السنة والمسيحيين ممن يدورون في فلك الحزب والحركة. إذ كان يمكن لانضمام جنبلاط وكتلة الاعتدال (السنية بغالبيتها) أن يعزز «الإجماع الوطني» لتبقى «العقدة المسيحية» وحدها في منشار الاستحقاق، لولا أن جنبلاط حال دون ذلك، وأظهر أن تبنّي فرنجية يقتصر على طائفة واحدة.

 

ثالثاً، كان منتظراً من جنبلاط تشغيل محركاته الخارجية لتوسيع هامش الدعم للمرشح المدعوم من حليفه المفترض، فيما هو تحرك عكسياً نحو باريس لوضع العصي في دواليب التسوية المنتظرة، محاولاً شدها إلى الخلف بدل دفعها إلى الأمام.

ثالثاً، كان منتظراً من جنبلاط تشغيل محركاته الخارجية لتوسيع هامش الدعم للمرشح المدعوم من حليفه المفترض، فيما هو تحرك عكسياً نحو باريس لوضع العصي في دواليب التسوية المنتظرة، محاولاً شدها إلى الخلف بدل دفعها إلى الأمام.


رابعاً، رغم إثبات التجارب أن كل ما يشاع عن «أنتينات» المختارة مجرد وهم بعدما ثبت أن جنبلاط لا «يصيب« أبداً (وأحداث سوريا خير شاهد)، إلا أن تموضع البيك له تأثيره في المزاج السياسي والإعلامي العام، وهو كان يمكن أن يعطي لترشيح فرنجية زخماً معنوياً كبيراً، فيما رفضه لهذا الترشيح يعمم حالة التشكيك ويدفع نواباً من خارج الكتلة الجنبلاطية إلى ضبط حماستهم و«عدم التهور».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024