ملفات ضاغطة على عنق الاستقرار الأمني اللبناني، انهالت على الوضع السياسي المتأزم، بدءا من استئناف المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت طارق بيطار تحقيقاته، ولقاء المصالحة بين حزب الله والتيار الحر، واستمرار اعتصام نواب التغيير في مجلس النواب، وطبعا الصعود الجنوني المتواصل للدولار الأميركي إلى ما فوق 54 ألف ليرة!

واللافت أنه ليس بين هذه الملفات ما هو قابل للحل، عدا، ربما، عودة حزب الله للتلاقي مع التيار الحر.

أما الملف الأكثر قابلية للتفجير السياسي، فهو قرار القاضي بيطار استئناف التحقيق بانفجار المرفأ، بعد 13 شهرا من الجمود وإطلاقه سراح 5 من الموقوفين واحتفاظه بالآخرين، ومن ثم الادعاء على 8 من كبار المسؤولين السياسيين والقضاة والأمنيين العسكريين.

وبمعزل عن الحيثيات القانونية والانعكاسات السياسية لإجراءات القاضي بيطار، والتي تتسم بالسلبية والرفض حتى الآن، ثمة تساؤلات حول الأبعاد السياسية لتلك الإجراءات، من حيث التوقيت، ومن حيث الأشخاص المطلوب ملاحقتهم وهم: رئيس الحكومة السابق حسان دياب، الذي اعتزم تفقد المرفأ ثم تراجع بناء لنصيحة، والمطلوب معرفة من وجه له النصيحة بعدم الذهاب، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، والنائب غازي زعيتر، والنائب العام التمييزي غسان عويدات، والمحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، والقاضيان كارلا شواح وجاد معلوف، ورئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد طفيلي، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وكل من غض الطرف أو أهمل أو ساهم في إدخال النيترات المتفجرة إلى العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت أو تقاعس عن التصرف لإزالة هذه المواد الخطرة من داخل المرفأ.

واللافت هنا عدم ورود اسم الرئيس السابق ميشال عون بين المطلوب الاستماع اليهم، علما أنه سبق لعون ان اكد تلقيه تقريرا من أمن الدولة يشير إلى وجود هذه المواد الخطرة داخل حرم المرفأ، واكتفى بطرح الموضوع على جدول أعمال المجلس الأعلى للدفاع، الذي جرى حذفه لاحقا من الجدول وقبل اجتماع المجلس الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية حينها.

وقد حثت السفارة الأميركية في بيروت المسؤولين اللبنانيين على استكمال التحقيق الشفاف بانفجار المرفأ.

ولاحظت المصادر المتابعة أن تحرك القاضي بيطار جاء بعد مغادرة القضاة الفرنسيين بيروت، في أعقاب استطلاع التحقيقات بتفجير المرفأ، والاجتماع مطولا بالقاضي بيطار.

وفي تقدير هذه المصادر أن القاضي بيطار «لعبها بشكل صحيح»، لكنه «كبر حجره» كثيرا، في ضوء التوازنات المختلة في لبنان، بالرمي بالمنطق القانوني، أو بإقفال الطرق والتظاهرات الشعبية، ولذلك قيل «من يكبر حجره لا يسمحون له بالرمي»، لكن عمليا البيطار رمى.. إنما هل يسمحون له بأن يصيب؟

في ملف العلاقات بين الحزب والتيار أوضح المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين خليل، بعد لقاء استمر لساعتين ونصف مع رئيس التيار جبران باسيل، انتهى إلى ان للبحث صلة ولن يكون اللقاء الأخير، وعلق خليل على قرار القاضي بيطار، بقوله: نحن والإخوان في التيار نسير باتجاه واحد، كسيارتين على الاوتوستراد، وليس بعكس الاتجاه.

واتفق الطرفان على رواية متطابقة، تؤكد بأن الاجتماع تم بناء على طلب الحزب، وتطرق إلى 3 عناوين: الأول تخلله عتاب متبادل حول إدارة العلاقة في الفترة الماضية، حيث سجل باسيل على الحزب عدم احترام مبدأ الشراكة، من خلال مشاركته في جلسات الحكومة، وقد رد الخليل شارحا الموقف، وتناول العنوان الثاني، الاستحقاق الرئاسي، حيث شرح باسيل المواصفات التي يراها بالرئيس، من دون عرض أسماء، ورد الخليل بعرض تصور الحزب للملف الرئاسي والمواصفات التي يجب ان يتحلى بها الرئيس المقبل، أما العنوان الثالث، فقد تناول القضايا الثنائية، وتقرر الابتعاد عن النقاش عبر الإعلام والاتفاق على آليات تسمح بمزيد من التلاقي بين الطرفين.

وإذا صح أن العلاقة بين الحزب والتيار، عادت إلى سابق عهدها، فماذا عن علاقة الرئيس السابق ميشال عون وجبران باسيل مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد اتهام الأخير لعون وباسيل بمحاربته تحت عنوان «الميثاقية»، بهدف السيطرة على النصف المسيحي في حكومته قبل تأليفها؟

ميقاتي كشف عن أنه أبلغ باسيل، في لقاء جمعهما بعد انعقاد اول جلسة لمجلس الوزراء، إثر الشغور الرئاسي، أن 7 من أصل 12 وزيرا مسيحيا يشاركون في هذه الجلسات، فأجابه باسيل: ليس كل من رسم على وجهه صليبا أصبح مسيحيا.

واستهجن الرئيس ميقاتي متسائلا: كيف يمكن أن تدار البلاد بهذه الطروحات، واستعاد حوارا قال انه حصل بينه وبين عون قبل الانتخابات البرلمانية في مايو الماضي، وكيف أنه صارح الرئيس عون بأنه سيكون من الصعب تأليف حكومة بعد الانتخابات، إلا إذا استطاع عون أن يكلف رئيس حكومة من أنصاره.

وأضاف: قلت لعون انت تدخل مفاوضات تأليف الحكومة وانت مقتنع بأن الفراغ حاصل في موقع الرئيس وتريد وزراء تثق بموقفهم السياسي ومطواعيتهم.

وخلص ميقاتي أمام زواره إلى قناعة بأن عون يريد كل الوزراء المسيحيين في الحكومة.

وفيما يخص الاعتصام النيابي فمازال قائما وبالوتيرة عينها، ويخشى أن يصبح فولكلورا يوميا، في ضوء تقدم الملفات الساخنة الأخرى.

ويبقى ملف الدولار الأميركي الذي يتصاعد يوميا، بالتوازي مع الإشكالات القضائية والسياسية، حتى بلغ، امس، سقف 54 ألف ليرة للدولار الواحد، الأمر الذي حوله إلى صاعق تفجير لغضب الشارع، ترجم أمس باحتجاج عدد من اللبنانيين قاموا بقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة في الشياح.






أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024