بات عيد الميلاد على مسافة أيّام قليلة؛ البهجة تعمّ العالم بأسره، وزينة العيد تغطي أرجاء المعمورة، إلّا هذا البلد بهجته مسروقة وممنوع عليه أن يفرح. وكيف له أن يفرح وذهنيات العقم السياسي والغلّ الطائفي والمذهبي والشخصي، تقتل البسمة وتزرع التعاسة والمرارة في كل أرجائه، وتتسابق في حقدها على تحويله إلهاً من تمر ليؤكل على موائد الشياطين والمارقين؟!

سيكتب الميلاد هذا العام أسوأ حكاية؛ عن وطن انعدمت مناعته وبات يعيش بالصدفة، وعن دولة مشتتة، مفكّكة، مفلسة، مخلّعة في كلّ مفاصلها وأوصالها، تعتقلها إرادة الانقسام بين مكوّنات سياسية تقدّم نفسها من جنس الملائكة والقديسين، وتقرع على مدار الساعة اجراس الحرص على وطن يُحتضر وتتباكى على مصيره ووجوده، فيما هي من خلال أدائها، وصراعاتها، وحساباتها، وأجنداتها، وحزبيّاتها، ورهاناتها الخرقاء، ومناطحاتها الفارغة لبعضها البعض، قدّمت أسوأ نموذج في اللؤم والحقد على هذا البلد. وباتت عنواناً ومثالاً صارخاً لانعدام الحياء وإعدام الحياة، ورسخت في البلد معادلة مفادها أن لا شرايين حياء للمتصارعين والمتباكين فوق الركام، وفي المقابل، لا شرايين حياة لشعب بات مدفوناً تحت الركام.

 

سيمرّ عيد الميلاد، ويلحق به عيد رأس السنة، كمحطتين هاربتين من واقع لبناني عقيم، عالق في دوامة فوضى شاملة ليس في أفقها وميض ضوء داخلي او خارجي يبشّر في إمكان انتشال البلد وشعبه من تحت الركام، بل تنذر بفلتان اكبر وباحتمالات صعبة تجرّ احتمالات أصعب تجهز على ما تبقى.

 

سيمرّ عيد الميلاد، ويلحق به عيد رأس السنة، كمحطتين هاربتين من واقع لبناني عقيم، عالق في دوامة فوضى شاملة ليس في أفقها وميض ضوء داخلي او خارجي يبشّر في إمكان انتشال البلد وشعبه من تحت الركام، بل تنذر بفلتان اكبر وباحتمالات صعبة تجرّ احتمالات أصعب تجهز على ما تبقى.

 

شرارات ومخاوف

 

وسط هذه الصورة، حسمت مكونات الانقسام الداخلي خياراتها في ما خص الملف الرئاسي، وثبّتته في مربع التعقيد والصدام. فالحوار مرفوض والتوافق مستحيل والتقارب ثبت بما لا يقبل أدنى شك، انّه كذبة ولا مطرح له في قاموس هذه المكونات. واكثر ما يُخشى منه في هذا الوضع، ان يكون في خلفية الهروب من الحوار والتوافق، رهان لدى بعض مكوّنات الانقسام على «صدمات موجعة» تضرب الواقع اللبناني وتعجل بانتخاب رئيس للجمهورية، او رهان على انّ المنحى الصدامي قد يستدعي «قوة خارجية قاهرة» تفرض متغيرات توجّه الملف الرئاسي في اتجاه معيّن.

 

الداخل بات محضّراً لأيّ شيء، فعلى الصعيد المالي يبدو انّ ثمة من اعطى الإشارة لعصابات السوق السوداء للتحرك من جديد، وإشعال شرارة الانفجار المالي الكارثي، عبر القفزات المرعبة التي يسجّلها الدولار، حيث بات يطرق باب الـ 50 الف ليرة، بالتوازي مع حملة شائعات عنيفة يروّج بعضها لانهيارات مالية وشيكة اكثر خطورة، ويروّج بعضها الآخر لسقوف عالية جداً ترفع الدولار إلى عتبة الـ 100 الف ليرة. واما اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والحياتية، فصارت أحرّ من جمر النّار. وما هو أسوأ من هذا الحريق هو انّ كل هذا يجري امام أعين مكونات الانقسام الداخلي المتلهية بحساباتها، من دون أن يرفّ لها جفن امام هذه العاصفة التي تهدّد بالإعدام الجماعي للبنانيين.

سيمرّ عيد الميلاد، ويلحق به عيد رأس السنة، كمحطتين هاربتين من واقع لبناني عقيم، عالق في دوامة فوضى شاملة ليس في أفقها وميض ضوء داخلي او خارجي يبشّر في إمكان انتشال البلد وشعبه من تحت الركام، بل تنذر بفلتان اكبر وباحتمالات صعبة تجرّ احتمالات أصعب تجهز على ما تبقى.

 

شرارات ومخاوف

 

وسط هذه الصورة، حسمت مكونات الانقسام الداخلي خياراتها في ما خص الملف الرئاسي، وثبّتته في مربع التعقيد والصدام. فالحوار مرفوض والتوافق مستحيل والتقارب ثبت بما لا يقبل أدنى شك، انّه كذبة ولا مطرح له في قاموس هذه المكونات. واكثر ما يُخشى منه في هذا الوضع، ان يكون في خلفية الهروب من الحوار والتوافق، رهان لدى بعض مكوّنات الانقسام على «صدمات موجعة» تضرب الواقع اللبناني وتعجل بانتخاب رئيس للجمهورية، او رهان على انّ المنحى الصدامي قد يستدعي «قوة خارجية قاهرة» تفرض متغيرات توجّه الملف الرئاسي في اتجاه معيّن.

 

الداخل بات محضّراً لأيّ شيء، فعلى الصعيد المالي يبدو انّ ثمة من اعطى الإشارة لعصابات السوق السوداء للتحرك من جديد، وإشعال شرارة الانفجار المالي الكارثي، عبر القفزات المرعبة التي يسجّلها الدولار، حيث بات يطرق باب الـ 50 الف ليرة، بالتوازي مع حملة شائعات عنيفة يروّج بعضها لانهيارات مالية وشيكة اكثر خطورة، ويروّج بعضها الآخر لسقوف عالية جداً ترفع الدولار إلى عتبة الـ 100 الف ليرة. واما اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والحياتية، فصارت أحرّ من جمر النّار. وما هو أسوأ من هذا الحريق هو انّ كل هذا يجري امام أعين مكونات الانقسام الداخلي المتلهية بحساباتها، من دون أن يرفّ لها جفن امام هذه العاصفة التي تهدّد بالإعدام الجماعي للبنانيين.

ويقارب المصدر المسؤول بريبة كبرى ما سمّاها «الغزوة الاخيرة للاشرفية بالدراجات النارية والهتافات الطائفية والشعارات الاستفزازية»، وقال: «هذه الغزوة وما خلّفتها من توترات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، واعتبارها فردية او عابرة او بريئة مرتبطة بحدث رياضي، حيث لم تُفهم حتىّ الآن اسبابها، كما لم يُعرف الدافع اليها بل والمحرّض عليها، في وقت يسير فيه البلد على حدّ السكين السياسي والطائفي والمذهبي».

 

ولا يعزل المصدر المسؤول عن هذا المنحى التوتيري ما حصل في بلدة رميش الجنوبية وإثارة خلاف مريب حول اراضي البلدة، وهو الامر الذي حرّك الحساسيات والنعرات. وكذلك لا يعزل عنه ما جرى ترويجه منذ ايام قليلة حول تهريب اسلحة عبر مطار بيروت.

 

على انّ الأخطر من كلّ ذلك، يقول المصدر المسؤول، هو الاعتداء على قوات «اليونيفيل» في بلدة العاقبية وقتل جندي ايرلندي، وهو اعتداء لا يمكن النظر اليه على انّه حادث عابر ايضاً أو هو وليد اللحظة التي حصل فيها. وبالتالي ايّ كلام ودعوات عن إجراء تحقيق عادل لجلاء ملابسات هذا الحادث، لا تغيّر في حقيقة انّه حادث مشبوه، يطرح علامات استفهام حول الغاية من حدوثه في هذا التوقيت بالذات، وفي بلدة العاقبية بالذات الواقعة خارج نطاق عمل «اليونيفيل» شمال خط الليطاني، وهل هو حادث مدبّر؟ ومن هو المدبّر؟ وهل هذا المدبّر لبناني؟ وهل هو غير لبناني؟ وهل هذا الاعتداء مؤشّر إلى وضع القوات الدولية في دائرة الاستهداف؟ وهل هو مقدمة لحوادث مماثلة في اماكن اخرى؟ وهل الغاية منه خلق وقائع جديدة تضع المشهد الجنوبي أمام احتمالات صعبة، تفرض واقعاً اكثر صعوبة على المشهد اللبناني العام؟ وقبل كل ذلك، من هو المستفيد من هذا كلّه؟ علماً، والكلام للمصدر المسؤول، انّه إن كان من متضرر أساسي ووحيد من كل ما يجري، فهو لبنان في أمنه واستقراره

وفي خلاصة كلامه، لفت المصدر المسؤول إلى مسألة قال انّها جديرة بالتوقف عندها والتعمق فيها ملياً، حيث انّه «بقدر ما كان لافتاً تنصّل ايّ طرف من مسؤوليته عن هذا الحادث، وكذلك مساحة الاستنكار الداخلي لهذا الإعتداء، بقدر ما كان كانت لافتة مساحة الاستنكار الخارجية والدعوات الى تحقيق عادل لتحديد المسؤول عن هذا الاعتداء، والتي شملت للمرة الاولى دولاً لم يسبق ان سجّلت حضوراً لها بمواقف وتصريحات حيال حوادث مماثلة حصلت في منطقة عمل الطوارئ جنوب خط الليطاني».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024