بعد انغماس "حزب الله" في توفير الدعم لانعقاد جلسة حكومة تصريف الأعمال أمس الأول، أظهرت التوجهات لدى رئيس التيار جبران باسيل أنه ينوي رد الصاع في جلسة الانتخابات الرئاسية التاسعة غدا الخميس.

وبالفعل هذا ما لوح به باسيل في مؤتمره الصحافي عقب اجتماع تكتل «لبنان القوي» في ميرنا الشالوحي أمس قائلا «سنسعى أن نطلع من الورقة البيضاء ونذهب صوب مرشح رئاسي ونحن نبحث جديا عن مرشح و«مش ماشي حال البلد هيك».

وفي رسالة غاضبة غير مباشرة الى حزب الله قال باسيل: «وجودنا الحر هو أغلى من أي تفاهم» والمقصود هنا طبعا اتفاق «مارمخايل».

واعتبر ان جلسة الحكومة «غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية»، مؤكدا انها «اعدام للدستور وضربة قاتلة للطائف وطعنة باتفاق وطني حصل واعلن عنه في مجلس النواب».

وقال: «اعلنوا انهم يصدرون مراسيم بلا توقيع رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعا الذي تناط به صلاحيات الرئيس بحسب المادة 62 من الدستور»، وشدد على «اننا لن نقبل بما جرى والموضوع لن يمر ولا احد يتعاطى معنا بأقل من ذلك وما حصل ليس اقل من سطو على موقع رئاسة الجمهورية عن سابق اصرار وتصميم».

وأكد ان «رئيس الجمهورية لا يجزأ، فالصلاحيات اللصيقة بشخصه لا أحد يمارسها عنه والصلاحيات المرتبطة بتوقيعه يمارسها مكانه كل الوزراء كما حصل بين عامي 2014 و2016».

وأشار الى أن ثلث الحكومة لم يكن مشاركا والبعض قرر تغييب مكون عن مجلس الوزراء مشددا على أن «تغييبنا يتطلب إما نفيا، أو حبسا، أو قتلا ولا عودة الى ما قبل 2005 وزمن التسلط والهيمنة على وجودنا السياسي أفقد الدولة توازنها ولن يعود».

وبالعودة إلى الجلسة، جاء رفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تعطيلها، للتأكيد على أن حكومة تصريف الأعمال موجودة ولا يمكن لأي جهة ضرب حيثيتها، كما ولأن مقام رئاسة الحكومة، لا يخضع للابتزاز الطائفي أو السياسي.

وكان باسيل بذل كل ما يستطيع لتعطيل الجلسة، ولما لم يفلح أوفد عضو كتلته، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، عله يستطيع تعطيل الجلسة من الداخل، حيث طلب من الرئيس ميقاتي، التوقف عن عقد الجلسة، وسمع صوت الرئيس والوزير الاقتحامي من خارج القاعة، لكن رئيس الحكومة استمر في تلاوة جدول الاعمال، فما كان من الحجار الا ان حاول الاقتراب منه لكن لم يبلغ الاشكال مرحلة التدافع، أو لمس الأكتاف، كما تردد.

وتمكن ميقاتي من تعطيل مفعول الصاعق الباسيلي المكلف بتفجير الجلسة قائلا: «اذا كان البعض يتلطى وراء الدستور والعيش المشترك، نقول له انهما لا يتحققان بموت المرضى، وبكل الأحوال لن يحصل ذلك على يدنا«.

وهكذا تمكن ميقاتي من تكريس مبدأ وشرعية انعقاد حكومة تصريف الاعمال، عند حالات الضرورة، الأمر الذي لم يتيسر لقيام مجلس النواب بالتشريع وهو في وضعية الهيئة الناخبة، بعدما تتالت اعتذارات النواب عن المشاركة في الجلسة التشريعية المقررة اليوم ومخصصة لمناقشة الادعاء ملف الاتصالات والذي يطال ثلاثة وزراء سابقين هم بطرس حرب، نقولا صحناوي، وجمال الجراح، وهو ما دفع رئيس المجلس نبيه بري لإرجاء جلسة الهيئة العامة للمجلس، بعد اجتماع لهيئة مكتبه برئاسة بري أمس.

وقال نائب الرئيس الياس ابو صعب إن اجتماع الأمس كان مخصصا لمناقشة جلسة اليوم، وفي نهاية الاجتماع «تمنت الهيئة تأجيل الجلسة التي كانت مقررة لمناقشة الادعاء في ملف الاتصالات افساحا في المجال لمشاركة اغلبية الهيئة العامة في القرارات المطلوبة».

وكان عدد من الكتل النيابية اعلن مقاطعة الجلسة من بينها «القوات اللبنانية» والكتائب، اضافة الى نواب التغيير من منطلق ان مهمة المجلس في هذه المرحلة انتخاب رئيس الجمهورية. على اي حال، ثمة مفارقتين ظهرتا في مضمار اجتماع الحكومة الاثنين، الاولى انه في مرحلة تصريف الاعمال من جانب حكومة حسان دياب السابقة، ضغط الرئيس ميشال عون على دياب لعقد جلسة لحكومته بعد استقالتها.

ومعه جبران باسيل، لكن رؤساء الحكومة السابقين وبينهم الرئيس ميقاتي، عارضوا ذلك، ولم يدع دياب حكومته للانعقاد، واذا بالرئيس ميقاتي يدعو حكومته المصرفة للاعمال الى الاجتماع بوجه معارضة شديدة من جبران باسيل عينه! والمفارقة الثانية التي كشفت عنها الازمة، ان الثلث المعطل الذي استخدمه باسيل كسلاح لمحاولة تعطيل جلسة مجلس الوزراء، غض ميقاتي الطرف عنه، عند تأليف الحكومة، استجابة لشروط باسيل.

وهكذا كشف الخلاف عن اجتماع حكومة التصريف مقايضة مع التأليف. لكن جبران باسيل كان مطمئنا الى وجود الثلث الوزاري المعطل في جعبته، ولم يتوقع من ميقاتي وحلفائه، وفي المقدمة الرئيس نبيه بري، سحب بساط هذا الثلث من تحت قدميه، في آخر لحظة، بواسطة مسبار الوزير بوشكيان، ممثل حزب الطاشناق في الحكومة من خلال صيغة رسمت بعناية، بحيث أبعدت حزب الطاشناق عن الملامة، واعتبر الوزير مخالفا لتعليمات حزبه.






أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024