منذ سنة | لبنان / اللواء




قد يكون إرجاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة اليوم لمناقشة الاتهام بحق ثلاثة وزراء سابقين للاتصالات، بينهم الوزير العوني نقولا صحناوي، والوزيران السابقان بطرس حرب وجمال الجراح، واحداً من النتائج السياسية التي ترتبت على جلسة مجلس الوزراء للحكومة المستقيلة على هيئة تصريف اعمال، والتي وإن أثمرت قرارات مالية لمصلحة المستشفيات والمرضى والمتقاعدين والمتعاقدين على حدّ سواء، لا سيما العسكريين منهم، والاساتذة بالساعة في التعليم ما قبل الجامعي، لكنها شكلت مادة دسمة للتيار الوطني الحر، ورئيسه جبران باسيل، الذي تقصد إجلاس رئيس حزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان الى جانبه، خلال المؤتمر الصحفي، للتأكيد على عدم اهتزاز العلاقة مع الطاشناق، على خلفية حضور وزير الحزب في الحكومة النائب جورج بوشكيان، الجلسة التي وفرت النصاب، وليتمكن بالتالي اي باسيل من تسديد ضربات اعلامية، علنية لحزب تفاهم مار مخايل: حزب الله وحليفه حركة امل برئاسة الرئيس نبيه بري، وهما «المستغلان للرئيس ميقاتي» حيث ان المواجهة، او المشكلة مع «الصادقين الذين نكثوا بالاتفاق والوعد والضمانة». في اشارة الى حزب الله بالدرجة الاولى، الذي سجل عليه مآخذ «في الفترة الاخيرة من انتخاب المنتشرين والانتخابات بحد ذاتها الى الحكومة».

الاخطر المعادلة التي طرحها باسيل، وكأنه في مواجهة، او امام مرحلة حاسمة من التحولات او مفترق طرق.. فعلى نحو ما جاء في مسلمة الفقرة «ي» من الدستور: «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، اعلن باسيل: «لا قيمة ولا قيامة لأي تفاهم وطني يناقض الشراكة الوطنية»، وهو بتفسير بسيط، يعني ضمن ما يعني، تفاهم مار مخايل الموقع عام 2006 بين مؤسس التيار العماد ميشال عون، الذي اوصله التفاهم الى الرئاسة الاولى، ومن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
إذاً، على نحو دراماتيكي، قدّم باسيل مراجعة العلاقة مع حزب الله على ما عداها: فإما ان يبادر الحزب الى تصويب الخطأ، ويجعل من التأزم المستجد فرصة للإنقاذ بالتفاهم مع الجميع..
ربط رئيس التيار «الوجود الحر» برزمة من الخطوات «المأساوية»: فما حدث في مجلس الوزراء غير شرعي وغير ميثاقي، بل هو اعدام للدستور.. والموضوع «لن يمر موجوداً الحر اهم من اي تفاهم». في اشارة ايضاً الى التفاهم مع حزب الله:
1- فإذا كانت الجلسة للضغط بالرئاسة، فهو ذاهب الى الخروج من الورقة البيضاء الى التصويت، لمرشح ما.. ولو كان في الأمر ضرب «نكاية»..
2- اذا لم يراجع الحزب حساباته، ويضغط لمنع تكرار جلسات الحكومة، فلا بأس من خطوة تفسخ الشراكة، ولو ناقضت البند «ط» من الدستور: أرض لبنان واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الاقامة على اي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على اساس اي انتماء كان، ولا تجزئية ولا تقسيم ولا توطين».
وقال باسيل صراحة: مش ماشي الحال أبداً.. ويجب البدء جدياً باللامركزية الموسعة إن لم يكن بالقانون بعد 30 سنة من الطائف، تبدأها على الارض.
فهل هذا يعني ان باسيل يحاول ان يحاكي ما يخطط للمنطقة، من شرذمات وكانتونات طائفية ومذهبية، وكيف يطالب بالتأكيد على الفقرة «ي» وينقض على الفقرة «ط».
حزب الله أخذ علماً بما اسماه «المواقف البرتقالية» بلغة سياسية يومية، «ككسر الشراكة» و«السطو على صلاحيات رئاسة الجمهورية وغيرها»، مبدياً امتعاضاً من الموقف المستجد، الذي سيخضع لمراجعة غير انفعالية، لكن جدية مع شراكة التيار الوطني الحر.
وأوضحت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن المعنبين قالوا ما لديهم بالنسبة إلى مجلس الوزراء وعاد الموضوع الدستوري ليشكل سلاحا يرفعه الأفرقاء بوجه بعضهم البعض وقالت أن الساحة المحلية ستبقى مفتوحة على صراع سياسي ودستوري، وفي هذا السياق يضاف ملف الأستحقاق الرئاسي الذي يبقى على حاله دون خرق يذكر، في حين أن عددا من الكتل النيابية يرفض التشريع قبل إتمام الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن مجلس النواب قد لا يعقد جلسة قريبة له.
‎إلى ذلك، اشارت الى ان الثنائي الشيعي لم يقرر بعد طرح ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، وأكدت أن لا اتصالات جديدة تأخذ مداها من أجل تمتين هذا الترشيح لا سيما أن التيار الوطني الحر لا يزال على موقفه بعدم ترشيح فرنجية..
إذاً، سياسيو لبنان ما يزالون يلعبون في حالة الفراغ من دون تأثيرات إيجابية على الوضع العام، حتى انه تم تأجيل جلسة مجلس النواب المقررة اليوم الاربعاء المخصصة لمناقشة الادعاء في ملف الاتصالات على ثلاثة وزراء اتصالات سابقين (جمال الجراح وبطرس حرب ونقولا الصحناوي)، «إفساحا في المجال لمشاركة أغلبية الهيئة العامة». وذلك في ضوء رفض القوى المسيحية التئام الهيئة العامة جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، حيث من المقرر ان يعقد المجلس غدا الخميس الجلسة التاسعة من جلسات تطيير النصاب.
وفي هذا الصدد افادت مصادر نيابية ان شيئاً لم يتغير منذ جلسة الانتخاب الماضية وستبقى الامور على حالها في جلسة الخميس حتى يحصل التوافق على شخصية معينة للرئاسة.
تأجيل الجلسة الاتهامية
فقد رأس رئيس المجلس نبيه بري إجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب، حضره نائب رئيس المجلس الياس بو صعب وأمينا سر هيئة مكتب المجلس والمفوضون النواب: هادي ابو الحسن، الان عون، عبد الكريم كبارة، هاغوب بقرادونيان وميشال موسى وأمين عام مجلس النواب عدنان ضاهر. 
بعد إنتهاء الاجتماع، قال بو صعب: تمنت هيئة مكتب مجلس النواب على الرئيس بري تأجيل الجلسة التي كانت مقررة يوم غد (اليوم) لمناقشة ادعاء ملف الاتصالات، وذلك إفساحا في المجال لمشاركة غالبية الهيئة العامة للمجلس في القرارات المطلوبة. 

الى ذلك، استمرت تداعيات وذيول جلسة مجلس الوزراء امس الاول برغم محدودية القرارت التي اتخذت، واعلن وزير الثقافة محمد مرتضى أننا «لم نكن لنسمح بتفجير جلسة مجلس الوزراء بالأمس، اذ لم يكن ثمة مصلحة لأحد، او للوطن، في ان يتم تفجيرها».
واضاف: لقد حرصنا على مراعاة الهواجس لدى البعض واسهمنا في إقتصار المواضيع المبتوتة على ملفات حياتية لا تحتمل أي تراخ او تأجيل، والحكومة المستقيلة مكلفة بمقتضى الدستور بالاستمرار بأداء واجباتها لا سيما تلك الملحة التي لا تحتمل التأجيل، وعلى هذا الاساس اجتمع مجلس الوزراء ليؤدي واجباته تجاه المرضى والمؤسسات الرسمية ولو امتنع لكان خارقا للدستور وعرضة للمحاسبة اخلاقيا ودستوريا وجزائيا.
وختم مؤكدا ان «المرحلة تفرض علينا جميعا ممارسة اعلى درجات الحكمة والوعي، بروح تعاون بعيدا من السلبية والإنفعالية».
لكن النائب علي فياض في كتلة الوفاء للمقاومة اعتبر قبل مؤتمر باسيل أن معادلة فرنجية أو الفوضى غير مطروحة والتفاهم أساسي، مضيفاً نتفهم وظيفة التصعيد السياسي ومستمرون مع «التيار» بالتحالف على أعلى مستوى.
وقال باسيل في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع تكتل لبنان القوي في ميرنا الشالوحي: اعلنوا امس انهم يصدرون مراسيم بلا توقيع رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعاً الذي تناط به صلاحيات الرئيس بحسب المادة 62 من الدستور، لكننا لن نقبل بما جرى والموضوع لن يمر ولا احد يتعاطى معنا بأقل من ذلك، وما حصل ليس اقل من سطو على موقع رئاسة الجمهورية عن سابق اصرار وتصميم.
اضاف: ان ما حصل يؤكد ان المطلوب من نجيب ميقاتي كان عدم تأليف حكومة وهذا ما ابلغناه للجميع عندما رفضنا التسمية، ان رئيس الجمهورية لا يجزأ، فالصلاحيات اللصيقة بشخصه لا احد يمارسها عنه والصلاحيات المرتبطة بتوقيعه يمارسها مكانه كل الوزراء كما حصل بين عامي 2014 و2016.

واشار الى ان ثلث الحكومة لم يكن مشاركاً امس والحكومة غير مكتملة المواصفات والبعض قرر تغييب مكون عن مجلس الوزراء ولا احد يستطيع ردنا الى ما قبل 2005. مضيفاً : العودة الى ما قبل 2005 تتطلب اما نفياً واما سجناً او قتلاً… وطالما نحن احياء لا عودة الى تلك المرحلة.
وقال باسيل: حصل اتفاق مسبق على هذه الجلسة ولو لم يحصل ذلك لما تجرأ ميقاتي على الدعوة ومشكلتنا ليست معه بل مع مشغليه. ودورنا هو سلاحنا ولا تنازل عنه… الواضح ان المطلوب هو الاستفزاز وكسر الارادة وضرب التوازن الذي تحقق على عهد الرئيس العماد ميشال عون بعد نضال طويل للتيار والتكتل.
واكد باسيل «اذا كان احد يظن انه يضغط علينا في الموضوع الرئاسي نقول له: لن ينفع… هذا الامر يؤدي الى تصلب اكبر»، مضيفاً: اما العودة عن القرارات او اسقاطها قضائياً وفرض الامر الواقع لن نقبل به، وعدد الثلث او الثلث زائداً واحداً ليس الاساس لأن التعاطي مع الحكومة كأن الوضع طبيعي هو امر غير مقبول.
وفي موقف تمني (تربيح جميلة) ذكر باسيل: «وقفنا معهم سنتين في الشارع ايام الحكومة التي سميت بالبتراء… فهل تصبح الحكومة اليوم ميثاقية بوجود سعادة الشامي ونجلا رياشي؟ الشراكة عندما تنكسر تصبح عرجاء: سواء كانت وطنية ام حزبية»، معتبراً ان «ما حصل امر كبير ولن نحضر مجلس النواب اذا لم نجد حاجة وطنية كبيرة تقتضي هذا الامر وسنسعى اكثر واسرع للخروج من قضية الورقة البيضاء والذهاب لمرشح رئاسي».








أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024