حضر الملف اللبناني على طاولة الرئيسين الأميركي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون في واشنطن كما كان منتظرا، وتبادل الرجلان التنويه بمواقف كل منهما، التي ساعدت في اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الذي وصفاه بالحدث التاريخي، ثم تناولا الاستحقاق الرئاسي اللبناني، الأكثر إلحاحا، بالنسبة للشعب اللبناني، عبر الوعد «بمواصلة الجهود المشتركة لحض قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية، والمضي قدما في الإصلاحات الجذرية».

وبمقياس الأصداء اللبنانية لما تمخضت عنه قمة واشنطن، فإن مصادر فريق الممانعة، دعت إلى عدم المبالغة في التعويل على الأمر، وان لدى الرئيس الفرنسي أولويتان: حرب أوكرانيا، والإجراءات الأميركية لمواجهة التضخم، وحماية الاقتصاد الأوروبي من هذه الإجراءات، أما أولوية بايدن، فإلى جانب حرب أوكرانيا، فهناك تنشيط الصناعات الأميركية الوسطى للوقوف بوجه الصين، وتاليا كان مرور الكرام على أزمة الشغور الرئاسي في لبنان عبر دعوة اللبنانيين لانتخاب رئيسهم، وإصلاح بنيتهم السياسية والاقتصادية، بحسب رؤية صندوق النقد الدولي.

هذا التقليل من أهمية، ما صدر عن قمة واشنطن، من جانب الممانعين، ترده المصادر المتابعة إلى «حفظ حق ودور إيران»، في حل الأزمة الرئاسية اللبنانية ليس إلا.

بالمقابل، لا ترى المصادر السياسية المتابعة، على الضفة الأخرى من نهر الأزمة اللبنانية، ان اتجاهات الأمور مطمئنة، في ظل المسار الظاهر نحو رئيس تسوية، وفق الترسيم الفرنسي، ما يعني اننا سنكون أمام رئيس لإدارة الأزمة لا إلى حلها، وأنه لن يكون قادرا على اتخاذ القرارات، او حتى على تشكيل حكومة، في ضوء الأخذ بالاعتبار نفوذ فريق التيار الحر.

ويقول أستاذ الدراسات الإسلامية د.رضوان السيد لإذاعة «صوت لبنان» ان جماعة الثامن من آذار وحزب الله والتيار الحر، مصرون على مرشح منهم، وبالتالي عدم خروج البلد من واقعه، ونحن من أنصار الإصرار على التغيير، والأمر يتطلب صبرا وجلدا، والأوضاع ليست على ما يرام، وهذا استنتاج لا انفرد فيه».

وزير الإعلام زياد المكاري، المحسوب على تيار المردة، قال: ان سليمان فرنجية لن يكمل المسار الرئاسي، ما لم يتأمن الدعم العربي له، كاشفا ان الفرنسيين لا يمانعون وصول رئيس تيار المردة إلى قصر بعبدا.

أما النائب طوني سليمان فرنجية فقد أبلغ قناة «أم تي في»، عبر برنامج «صار الوقت» للإعلامي مرسيل غانم، ان والده ينتظر إحداث خرق معين في البلد، لأن الهدف ليس إدخاله إلى نادي المرشحين للرئاسة، إنما انتخابه مع مشروع إنقاذي.

وعلى جبهة حزب الله وحلفائه، تتفاقم مشكلة توفير إجماع على دعم فرنجية، مع تعذر إقناع جبران باسيل بحسم أمره في هذا الاتجاه.
ويقول نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الله علي دعموش ان هناك من يصر على ترشيح رئيس يجاهر بأنه يريد مواجهة أكثر من نصف الشعب اللبناني، وبالتالي أخذ البلد الى الفتنة، ولا يمكن لأحد أن يفرض على اللبنانيين رئيسا تابعا للخارج بلباس سيادي مزيف، وهو يقصد ضمنا ميشال معوض.

وكان المرشح الرئاسي ميشال معوض اعلن في ختام جلسة الانتخاب الرئاسية الثامنة امس الأول، عن خيار متقدم مع تكتل «لبنان الجديد» عازيا تراجع عدد المصوتين له في الجلسة الأخيرة إلى قرارات المجلس الدستوري بإبطال نيابتي رامي فنج وفراس السلوم.

بدوره، الوزير السابق مروان شربل يقول: أنا لست متفائلا، بقرب التوصل الى انتخاب رئيس، وتوجه إلى النواب سائلا، كيف يكون الرئيس العتيد سياديا، إذا كنتم تنتظرون كلمة السر من الخارج؟

تبقى نقطة ضعف فريق الممانعة، في كون الأجواء العربية، ترفض الشراكة في تسوية تأتي بفرنجية رئيسا للجمهورية، وهذا ما يعزز الاتجاه نحو مرشح متحرر من الانتماءات الفئوية.

حكوميا، ينتظر ان يوجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الدعوة لاجتماع مجلس الوزراء، للضرورات الصحية الملحة، قبل التاسع من ديسمبر الجاري، حيث يفترض ان يسافر الى الرياض.

ويرتبط قرار ميقاتي، بمدى تجاوب الآخرين، خصوصا بعد اعتراض التيار الحر على اجتماع مجلس الوزراء، حيث يعتبره مستقيلا ومقبولة استقالته، بموجب آخر مرسوم وقعه الرئيس السابق ميشال عون قبل مغادرته قصر بعبدا.

لكن المصادر القريبة من رئاسة الحكومة، تراهن على غطاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، توفيرا للميثاقية المسيحية، في حال مقاطعة وزراء التيار للجلسة الوزارية المطلوبة، وقد عاد البطريرك من روما الى بيروت امس، ويتحضر للسفر الى الأردن، يوم الأحد، لمتابعة أنشطة دينية ورعائية للأبرشية المارونية في الأرض المحتلة، وسيكون له لقاء مع الملك عبدالله الثاني.

ومن عمان تتجه الأنظار الى مؤتمر «بغداد 2» في 20 و21 من هذا الشهر، بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إضافة الى المملكة العربية السعودية وإيران والعراق، ويشكل هذا المؤتمر مناسبة لعقد لقاءات ثنائية، تتناول ضمن متناولاتها الأوضاع اللبنانية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024