منذ سنة | لبنان / الديار

كتبت "الديار" تقول: يدخل لبنان الفراغ الرئاسي بعد يومين، ما يترك صراعا دستوريا حيث ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها ان تاخذ صلاحيات رئيس الجمهورية دستوريا وفي الوقت ذاته، لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال ان تترك الامور تتدهور ولا تاخذ القرارات اللازمة بالحد الادنى والمقبول لان الدستور لم يحدد ما اذا كانت حكومة تصريف اعمال قادرة على اتخاذ القرارات التي هي من صلاحيات رئيس الجمهورية ام انه عليها ان تتصرف بالامور البسيطة لخدمة المواطنين اللبنانيين. والحال ان الدستور قال صراحة انه في حال حصول فراغ رئاسي تتولى الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية، ولم يحدد عبارة حكومة تصريف اعمال ام حكومة عادية. هذا الامر يثير جدلا دستوريا، وقد طلب الرئيس نبيه بري من الوزير السابق نقولا فتوش الذي هو خبير دستوري، اعداد دراسة عن كيفية ادارة البلاد من قبل حكومة تصريف اعمال في ظل الفراغ الرئاسي المرتقب. وعلى كل حال لا يمكن ترك البلاد في ظل حكومة لا تفعل ولا تتخذ قرارات لان هناك فراغا رئاسيا حيث ان المؤسسات انهارت في عهد عون والوضع الاقتصادي سيىء جدا والعملة الوطنية خسرت 95% من قيمتها، اضافة الى ازمة تربوية وصحية وامنية مما يترتب على حكومة تصريف الاعمال معالجتها، ومن اهم هذه النقاط مواصلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ولا يجب ايقافها لان هناك فراغا رئاسيا. هناك ضرورة لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد وتنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، وبداية يحصل لبنان على قرض 3 مليارات دولار من صندوق النقد كاول قرض من اجل نهوضه ماليا واقتصاديا. اضف الى ذلك، ازمة شركة الكهرباء التي تتضاعف حيث ان التغذية الكهربائية لا تتجاوز الساعة الواحدة في معظم المناطق، ما يحتم زيادة تعرفة الكهرباء لرفع ساعات التغذية، وهذا هو مطلب صندوق النقد الدولي. وفي النطاق ذاته، هناك البنك الدولي الذي يسعى لتقديم قروض للبنان، الا انه يطلب اصلاحات جدية في الاقتصاد وفي هيكلية المصارف اللبنانية حيث اعلن عن تقديم 150 مليون دولار لتحسين الكهرباء، اضافة الى انه اعلن منذ خمسة ايام عن استعداده لتقديم نصف مليار دولار للمساهمة جديا في النهوض الاقتصادي في لبنان.

 

توازيا، يجري صراع سياسي بين حزب الله الذي يريد مع الرئيس بري حكومة ذات صلاحيات مكتملة في حين ان القوى المعارضة المسيحية تعتبر ذلك انتقاصا من مقام رئيس الجمهورية حتى لو كان هناك فراغ رئاسي. وتشدد على ان التركيز يجب ان يكون على انتخاب رئيس للجمهورية باقصى سرعة .

ومن جهة أخرى، لبكركي موقف واضح من الأزمة السياسية والفراغ الموعود، ان الجهود التي وضعت لتشكيل حكومة لو وضعت لانتخاب رئيس للجمهورية لكان اليوم حصل تسلم وتسليم بين الرئيس ميشال عون ورئيس الجمهورية الجديد حيث كان الاخير اجرى استشارات لتكليف رئيس حكومة جديد وكنا دخلنا مرحلة جديدة في انتاج السلطة.

 

رئاسيات

وحتى الان ليس هناك اسم بارز لانتخابات لرئاسة الجمهورية بل مرشحان هما الاقوى: الوزير سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون. الاثنان لا يملكان الاكثرية النيابية التي هي 65 نائبا لانتخاب احدهما لرئاسة الجمهورية، ومن هنا سيبدأ الرئيس نبيه بري مشاورات في المجلس النيابي مع الكتل النيابية للتوصل الى رئيس توافقي وقد يكون مرشح تسوية . ومن بين هذه الاسماء الوزير السابق ناجي بستاني ثم الوزير زياد بارود والوزير جهاد ازعور، لكن الامور لا تتجه بهذا الاتجاه السريع بل سيمتد الفراغ الرئاسي لخمسة اشهر على الارجح في اقصى حد. والسبب هو ان الوضع الاقتصادي والفقر والجوع وتفكك المؤسسات خاصة القضائية والسنة المدرسية والحفاظ عليها، اضافة الى المشاكل الصحية واخرها وباء الكوليرا تتطلب انتخاب رئيس للجمهورية باقصى سرعة قد تكون بين ثلاثة اشهر او خمسة اشهر خلافا لما حصل عشية انتخاب العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون.

وفي السياق ذاته، تؤدي فرنسا والولايات المتحدة وحزب الله والقوات اللبنانية والسعودية وكتلة اللقاء الديمقراطي دورا كبيرا في اختيار شخصية الرئيس المقبل . وفي المعلومات ان سفير السعودية وليد البخاري ابلغ الدكتور سمير جعجع ان المملكة العربية تؤيد العماد جوزيف عون، كما ابلغت السفيرة الاميركية بعض القوى المهمة ان واشنطن تدعم قائد الجيش ايضا لرئاسة الجمهورية. في المقابل، هناك الثنائي الشيعي الوطني فانه يؤيد الوزير سليمان فرنجية مع حلفاء له من الطائفة السنية، ويعمل حزب الله بكل جهده لاقناع الوزير جبران باسيل بتأييد فرنجية رئيسا للجمهورية، لكن الاخير ما زال رافضا هذا الطرح حتى اللحظة.

 

لا حكومة في الافق

على صعيد اخر، هناك محاولات مستمرة حتى اللحظة لايجاد مخرج لتشكيل حكومة بضغط مباشر من حزب الله وان يتم امضاء المراسيم من الرابية. لكن هذه الجهود التي بدت ايجابية امس عادت وتعثرت اليوم بسبب عدم الثقة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس ميشال عون والتي زادت توترا بعد المقابلة التلفيزيونية على ال.بي.سي، والتي حمل عون مسؤولية عدم التاليف لميقاتي وفشل حكومته في حل كل القضايا، وهذا ما استدعى ردودا من ميقاتي. كما ان كلام عون على الرئيس نبيه بري بانه المحارب الاول للعهد جمد ايضا الاتصالات التي كان يتولاها النائب علي حسن خليل. وبالتالي فان ملف التشكيل عاد الى نقطة الصفر ولا حكومة في الافق.

من جهتها، كشفت اوساط سياسية مطلعة للديار ان الملف الحكومي سيبقى على نار حامية حتى الدقيقة الاخيرة من نهاية الولاية الرئاسية، مشيرة الى ان هذا الفريق يضع كل جهوده من اجل تاليف حكومة.

 

واعتبرت الاوساط، ان فريق العهد يقوم بذلك كي يخضع كل الافرقاء لمطالبه، علما ان هناك ديبلوماسيين وشخصيات اخرى تقول ان هذا التهويل لا يصرف وغير قابل للتطبيق مذكرين الرئيس عون ان اليوم لا يشبه عام 1988 اي دستور الجمهورية الاولى، كما لا يملك قوة عسكرية اي ليس قائدا للجيش اللبناني اليوم.

 

هل دفنت دعوة بري للحوار مسيحياً في مهدها؟

الى ذلك، لا تزال دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الكتل النيابية الى طاولة حوار تعنى بالاستحقاق الرئاسي محل اخذ ورد، وخصوصاً بعد هجوم رئيس الجمهورية ميشال عون في الإطلالة المتلفزة على بري والحوار، وكذلك اتهام رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لبري والرئيس نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط بتعطيل الحكومة وتحقيق الشغور الرئاسي والفراغ الحكومي مع رفض تسلم حكومة ميقاتي المستقيلة لصلاحيات رئيس الجمهورية.

وتكشف اوساط نيابية مقربة من بري لـ «الديار» ان الاخير في صدد دراسة المواقف النيابية والحزبية، وهو يستمزج الآراء والافكار ويجوجلها وينتظر استكمال الاتصالات، وهو حتى الساعة لم يحدد شكل الحوار او موعده، باستثناء انه مخصص للاستحقاق الرئاسي.

 

اما الملفت فهو ان معظم الكتل المسيحية رفضت هذه الدعوة واعتبرتها «لزوم ما لا يلزم»، فهل دفنت دعوة الرئيس بري في مهدها ام انها قابلة للحياة ولاحداث اي خرق في الساحة السياسية اللبنانية؟ من جهته، انتقد التيار الوطني الحر دعوة بري مشيرا الى انه لا يحق له الدعوة للحوار في ظل الفراغ الرئاسي المرتقب، ومشددا على ان هذه الدعوة منوطة فقط برئيس الجمهورية ولا يمكن لبري ان يمارس الدور الرئاسي. واضافت مصادر مقربة من الوطني الحر: « لو كان بري جادا فعلا في اجراء طاولة الحوار لكان حضر دعوة رئيس الجمهورية الى الحوار منذ شهرين، ولكن بري رفضها.

 

بدورها، لم تبد القوات اللبنانية عبر رئيسها الدكتور سمير جعجع رغبتها في تلبية الدعوة الى الحوار معطية الاولوية لانتخاب رئيس الجمهورية. وقالت مصادر القوات اللبنانية للديار ان موقفها نابع من تمسكها بالدستور الذي ينص ان الانتخابات الرئاسية تتم وفق اليات دستورية ضمن البرلمان وليست مسألة حوارية. وتساءلت: «من قال ان هذا الحوار لن يتحول الى مسألة استعراضية اعلامية غير مجدية لا تؤدي الى نتيجة، خاصة ان كل الحوارات التي عقدت في لبنان لم يطبق منها اي شيء». ولذلك نرى ان الهدف من الحوار في لبنان هو عملية شراء وقت، خصوصا ان الازمة الرئاسية اليوم متعلقة بفريق 8 اذار وفريق العهد، حيث لم يحسما خيارهما من ناحية اذا كان باسيل سيرشح نفسه ام سيتبنى مرشحا معينا، فضلا عن ان حزب الله يقف الى جانب حليفه المسيحي على هذا المستوى. وتابعت المصادر القواتية انه ما دام هذا الامر الذي ذكرناه لم يحسم فالحوار لن يؤدي الى اي نتيجة. اما نحن ، القوات اللبنانية ،فنؤيد اجراء حوارات جانبية ضمن جلسة انتخابية لرئاسة الجمهورية.

 

كذلك اعتبرت الكتائب ايضا ان دعوة بري للحوار هي لزوم ما لا يلزم، مشددة على ان الانتخابات الرئاسية هي الاهم الان ولا يعلو عليها اي قضية اخرى.

واللافت ان مصادر مقربة من بكركي ترفض اعطاء الاولوية لتأليف حكومة وتشدد على ان الاهمية اليوم لملء الفراغ الرئاسي، مشيرة الى ان اي محاولة التفاف على الموضوع يصب في خانة ضرب موقع المسيحيين الاول في الدولة اللبنانية.

من جهة اخرى، تؤكد اوساط «المردة» و «الاشتراكي» ان الحوار مفيد في المبدأ وليس هناك من موانع لحضوره وفي انتظار توجيه بري للدعوة وتوقيتها وساعتئذ لكل حادث حديث.

 

في هذا الصدد، جددت أوساط قيادية في الحزب التقدّمي الاشتراكي للديار التأكيد على موقف الحزب المرحّب دائما بالحوار، وذكّرت بالمسار الحواري الذي يسلكه رئيس الحزب وليد جنبلاط في كل الاتجاهات، معتبرة أنه من الطبيعي لحال الدعوة إلى حوار أن يكون التقدمي إيجابياً في هذا المجال، مع التشديد على ضرورة أن يتم وضع الأولويات الأساسية لأي نقاش ممكن ان يحصل، وهي كيفية إخراج لبنان من أزماته، بدءًا من ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق المعايير التي كان أعلنها رئيس الحزب، إلى ضرورة إقرار وتطبيق وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي. وأكدت أوساط التقدّمي أن هذه الأولويات يجب العمل عليها بصرف النظر عما اذا تم عقد جلسات حوار أو لم تعقد، لأن هذه العناوين تشكل المخرج الوحيد المتاح مما يعيشه اللبنانيون من أعباء وهموم.

 

لبنان من ضمن نادي الدول النفطية

في نطاق ترسيم لبنان حدوده البحرية، دعت اوساط قيادية في الحزب التقدّمي الاشتراكي إلى وقف بعض المزايدات غير المنطقية في ملف ترسيم الحدود البحرية، مشيرة إلى أن ما يقوله العدو ومسؤولوه ليس المرجع في هذا المجال، بل هي إرادة اللبنانيين التي تحدد كيفية تحصين لبنان بوجه أطماع العدو. وتوقفت الأوساط في الوقت نفسه عند الحاجة الماسّة إلى العمل الجاد والشفاف في عملية استثمار الغاز والنفط عبر شركة وطنية، وضمان حق الاجيال المقبلة عبر الصندوق السيادي، وهي اقتراحات قوانين تقدمت بها كتلة نواب الحزب، يجب إقرارها وتنفيذها.

من جهتها، رأت القوات اللبنانية في حديثها للديار ان اي ترسيم يحصل لحدود لبنانية سواء مع «اسرائيل» ام مع سوريا فهذا يثبت نهائية الكيان اللبناني، وبالتالي هذا انجاز للبنان. من هنا، نؤيد اي ترسيم بحري او بري لانه يندرج في خانة القضايا السيادية. ولكن في الوقت ذاته حذرت القوات اللبنانية من توظيف الترسيم في الداخل اللبناني، فهذا خط احمر ولن نسكت عنه، فضلا عن اننا سنكون رأس حربة لمنع الاستفادة من اموال النفط لتمويل المنظومة السياسية الفاسدة حيث يجب ان تذهب هذه الاموال لمصلحة الشعب اللبناني خلافا لما حصل في السنوات السابقة حيث سرقت المنظومة اموال الناس في المصارف وافلست البلد.

 

الرئيس عون سيطلق معارضة شرسة بعد 31 تشرين الاول

الى ذلك، علمت الديار انه عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون رسميا في 31 تشرين الاول سينتقل الى الرابية وعندئذ سيطلق حملة معارضة شرسة ضد اخصامه السياسيين والذين يعتبر انهم من المعرقلين كانوا لعهده.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024