في مسلسل الأزمات المتلاحقة، نحن أمام أزمة مزدوجة في قطاع المحروقات، فمِن جهة دفعت تقلّبات اسعار الدولار في السوق الموازي إلى تسجيل 3 ارتفاعات متتالية في اسعار المحروقات، ما دفع ببعض اصحاب المحطات الى الاقفال، ويُتوقع ان يكون لهذه الارتفاعات انعكاس على اسعار السلع في الايام المقبلة، ومن جهة أخرى، وعلى غرار اوروبا، يسير لبنان نحو شتاء قاسٍ نظراً للشح في مادة المازوت، لأنّ المتوفّر بالكاد يكفي لإنتاج الطاقة. فما الحال مع ارتفاع الطلب لغرض التدفئة؟

اربعة جداول لتسعيرة المحروقات صدرت في اليومين الماضيين، الاولى شهدت تراجعا في الاسعار، وما لبثت ان تبدّلت الصورة وبدأ سلّم الارتفاع بحيث زاد سعر صفيحة البنزين 95 اوكتان من 584 الفا الى 616 الفا عصر أمس مرتفعاً 32 الفا، ومن 597 الفا لصفيحة الـ98 اوكتان الى 630 الفا، اي بزيادة 33 الفا.

وقد أتت هذه الزيادة المتلاحقة نتيجة ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي من 32350 الى 35 الفا امس، وارتفاع سعر الدولار على منصة صيرفة من 27200 ليرة الى 27600 ليرة.


كذلك لم توفّر الزيادات صفيحة المازوت التي قفزت من 705 آلاف الى 779 الفا بزيادة 74 الفا، أما الغاز فارتفع من 317 الفا الى 331 الفا للقارورة بزيادة 14 الف ليرة.

 

وإزاء هذه التقلبات الحادة بالاسعار، أعلن تجمع اصحاب المحطات الاقفال القسري لبعض المحطات وأوضح، في بيان، انه «بعد ارتفاع سعر دولار السوق السوداء واصبح الفرق يشكّل اكثر من 70 بالمئة من الجعالة التي من الاصل لا تصل كلها ولا تكفي لسد حاجات المحطات، وبعد ان كنّا قد نبّهنا في المؤتمر الصحافي بتاريخ 23/8/2022 الى ان الاقفال سيكون قسرياً. بدأنا نرى غالبية المحطات تغلق ابوابها لوقف النزف الذي بدأ منذ بداية الأزمة في ظل عدم اكتراث من المعنيين»

وطالبَ التجمّع «وزارة الطاقة والمديرية العامة للنفط ان يلحظا جدول الاسعار جعالة اصحاب المحطات الذين يتكبّدون الكثير من الخسائر نتيجة الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار ولم يعد لديهم القدرة على الاستمرار»، مؤكدين انهم «حريصون على مصلحة المواطن وتأمين المحروقات، 

إقفال المحطات خلق بلبلة في السوق وتهافتاً على تعبئة السيارات بالبنزين خوفا من فقدانه وقد عاد مشهد الطوابير امام بعض المحطات، ويبدو ان بيان التحذير هذا فعل فعله بدليل صدور الجدول الرابع لاسعار المحروقات عصر امس لاحِظاً زيادة جديدة على اسعار البنزين بنوعيه وكذلك المازوت. وأوضحت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» ان الجدول الاخير الذي صدر امس بزيادة 13 الفا على بنزين 98 اوكتان و13 الفا لنوعية 95 اوكتان و28 الفا لصفيحة المازوت يلحظ زيادة في جعالة المحطات التي ارتفعت الى 1.323000 للبنزين 98 اوكتان و1.292.500 للبنزين 95 اوكتان و1474000 للمازوت

وبناء عليه، وبعد صدور الجدول الجديد يكون اصحاب المحطات قد نالوا مطلبهم بتحسين جعالتهم، ما دفع بالغالبية الى رفع الاشرطة واعادة فتح ابوابها لبيع البنزين، الا ان هذه الحلحلة لم تكن واضحة امام اللبنانيين الذي اصطفوا بالطوابير لتعبئة سياراتهم بالوقود.

 

هل من أزمة بنزين؟


وتعليقاً على إقدام بعض المحطات على الاقفال امس اوضح عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس انّ اقفال المحطات سيكون اختيارياً لكل صاحب محطة وذلك بالنظر الى مدى الوجع، صحيح ان الكل موجوع انما هناك من يمكنه الصمود أكثر من غيره. وقال لـ«الجمهورية» انّ ما يحصل في القطاع مجزرة حقيقية في حق اصحاب المحطات، ولطالما ناشَدنا وحذّرنا انه متى سيتم تحرير سعر البنزين يجب إيجاد آلية تسعير جديدة تحمي اصحاب المحطات. ما يحصل اليوم انّ جدول تركيب الاسعار احتسب دولار السوق السوداء، والذي يشكل 60 % من ثمن الصفيحة، على دولار 33800 ليرة، فيما دولار السوق السوداء وصل الى 35300 و 35200 ليرة في السوق، اي بخسارة 21 الف ليرة في كل صفيحة، وإزاء هذا الوضع ما عاد في إمكان اصحاب المحطات تَحمّل هذه الاعباء والخسارة، لذا ارتأى البعض منها الاقفال حماية لرأسماله.

 

ولدى سؤاله اذا كنّا نتجه نحو أزمة بنزين؟ قال: ليس بالضرورة، فما أطلقناه هو صرخة وجع لأن ليس في مقدور كل المحطات تَحمّل هذه الخسارة. وتابع: لا يمكن ان نلحق بالدولار طالما هو غير مستقر ويتقلّب نحو 2000 الى 3000 ليرة يومياً، وإلزام اصحاب المحطات على الشراء بالدولار والبيع بالليرة اللبنانية على تسعيرة ثابتة. لذا، برأينا ان الحل الوحيد اليوم الذي طالما طالبنا به هو إصدار التسعيرة بالدولار وبيعها باللبناني وفق سعر الصرف، الامر الذي يتّبعه كل التجار اليوم في لبنان، أمّا القطاعات المُجبرة على اعتماد آلية تسعير معينة فإنها تواجه المشاكل، مثل المحروقات والادوية والافران...


وعن أي توجّه لإعلان الاقفال التام للمحطات، قال: هذا احتمال وارد وربما لا مفر منه، انما السير به يُتخذ بقرار من الجمعية العمومية لأصحاب المحطات، ونحن نرجو الدولة ان تجنّبنا اتخاذ هذا القرار.

 

شتاء قارس

من جهة أخرى، ورداً على سؤال، أكد البراكس انّ هناك أزمة مازوت ليس فقط في لبنان انما في كل العالم، لا سيما في اوروبا ودول حوض البحر المتوسط، لأنّ الكميات المتوفرة باتت قليلة. وشرح انّ القسم الاكبر من هذه المادة كان يأتي عبر البحر الاسود انما بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا توقّف الاستيراد من هناك. كذلك تأثر لبنان بالعقوبات التي فرضتها اوروبا على روسيا، فهي عاقبت نفسها وعاقبتنا معها، وانتقلت الى إيجاد مصادر بديلة من حوض المتوسط، فالكميات المتوفرة قليلة جداً مقابل حجم الطلب الهائل. والاكيد انّ الشركات المستوردة للنفط تبذل مجهودا كبيرا لإيجاد المازوت. ولدى سؤاله اذا كان المخزون المتوفر يكفي حاجات لبنان؟ قال البراكس: انّ المازوت المستورد للبنان يستعمل راهناً فقط لإنتاج الطاقة ومع ذلك نحن في أزمة، فما الحال مع بدء موسم الشتاء وازياد الطلب عليه لاستعماله للتدفئة؟ وأكد انّ الشتاء سيكون قاسيا جدا كما في اوروبا كذلك في لبنان.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024