منذ 7 سنوات | لبنان / الديار

أبعد من رئاسة الجمهورية، وقانون الانتخاب، الهموم اليومية (القاتلة) للمواطنين، تعتيم شبه كامل في معظم المناطق ترافق مع موجات متلاحقة من الحر الشديد، وانقطاع في المياه، وضائقة معيشية تزداد حدة يوماً بعد يوم...
اعتصامات وقطع طرق. ومعاناة فاقت المعقول، فيما اهل السلطة في مكان آخر، في كوكب آخر. اسوأ بكثير من الجدل البيزنطي حول كل شيء، من الموازنة الى قطاع الاتصالات، ومن ملف النفط والغاز الى ازمة النفايات، ومن قانون الانتخابات الى رئاسة الجمهورية...
منسوب التوتر الاجتماعي يتفاقم يوماً بعد يوم، لا مجال لتصور عذاب اللبنانيين اليومي من مشكلة الكهرباء التي حولتها المافيات داخل السلطة الى مشكلة ابدية (وقد لا تحل الا في العالم الآخر).
المياه تذهب هدراً الى البحر ولا مياه في المنازل، بعد مافيا اصحاب مولدات الكهرباء مافيا اصحاب صهاريج الماء. لافتات من قبيل «نحن في دولة ام في الادغال؟»
لا جواب. لا احد يعلم اين هو وزير الطاقة ارتيور نظاريان. مستشار له يقول: «ماذا يفعل هذا المسكين امام ياجوج وماجوج». هل تحولت الطبقة السياسية الى قبائل همجية...
لا مبالاة كاملة لدى اهل السلطة. اكثر من 70نائباً ذهبوا في رحلات استجمام هذا الصيف، مع انهم عاطلون عن العمل منذ سنوات. ماذا عن اصحاب المعالي الوزراء الذين يختلفون في جلسات مجلس الوزراء بين مؤيدين لدونالد ترامب ومؤيدين لهيلاري كلينتون، وبين من ينتصر لجون كيري ومن ينتصر لسيرغي لافروف، حتى ان احد الوزراء اقترح الوقوف الى جانب الصين في قضية بحر الصين الجنوبي.
الحراك المدني الى تصعيد. رهان على ان يستيقظ اللبنانيون من التنويم المغناطيسي بين لعبة المذاهب ولعبة القبائل، ولعبة المافيات، بعض اركان الحراك واثقون من ان الانفجار آتٍ لا محالة...
لا بل ان ديبلوماسيين غربيين في بيروت يدعون الى الفصل بين السياسي والانمائي، يعتبرون ان التدهور الاقتصادي يأخذ منحى كارثياً، وهذا لا بد ان يفضي الى ضائقة معيشية تنتهي الى الانفجار...
أهل السلطة يتذرعون بالمليوني نازح ولاجىء الذين اضافتهم الازمة السورية على عدد سكان لبنان، على ان هؤلاء النازحين المسبب الاكبر للتدهور، ان في ما يتعلق بـ«الصراع على لقمة العيش» او في ما يتعلق باستهلاك البنى التحتية المستهلكة اصلاً.
هذا كله لا يعني جماعة السلطة، اقتراح بنصب خيمة في فناء قصر عين التينة يصلح لاستضافة اللوياجيرغا اللبنانية. لا بأس ان يُطلب الى المتحاورين ان يرتدوا الملابس الافغانية، وان كانت التقارير الدولية تعتبر انه اذا ما بقيت الامور هكذا فان لبنان مقبل على «الهوة الافغانية».
القوى السياسية التي وضعت اللبنانيين تحت وابل من التصريحات والمواقف الببغائية، لن تبحث في اي من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، جدل حول رئاسة الجمهورية التي في ايد اخرى، ونقاش لولبي حول قانون انتخاب على مقاس الزعامات ودون الالتفات الى مقتضيات التحديث السياسي، وبالتالي انتاج سلطة تكون على تماس مع القرن لا مع القرون الوسطى.
عشية ثلاثية آب (احد المشاركين قال لـ«الديار» انها عقوبة من الرئىس نبيه بري). كل السبل مقفلة امام الحلول. اي حلول؟ كما الحديث عن ايد خارجية تمسك بملف رئاسة الجمهورية كورقة تكتيكية للمساومة، الحـديث عن ايد خارجية تمسك بملف قانون الانتخاب.
ذهاب الى الابعد بأن الوضع اللبناني لم يعد يعالج بقانون انتخاب يعيد انتاج السلطة نفسها، وان مع تغيير كاريكاتوري في بعض الوجوه، بل بجراحة دستورية تتناول بنية النظام بعدما اظهرت السنوات الـ26 على الجمهورية الثانية وجود اختلال عميق في التوازنات السياسية.


 السنيورة بالمرصاد


الرئىس فؤاد السنيورة بالمرصاد، هو الذي يقود الصقور في تيار المستقبل ويعتبر ان التطورات الاقليـمية لا يمـكن الا ان تكون في نهاية المطـاف لـ«مصلحتـنا»، وعلى اسـاس انتظار نتائج الانتخابات الاميركية، اذ ان دونالد ترامب لا يطيق حتى ذكر اسم ايران امامه، كما ان هيلاري كلينتون اخذت على باراك اوباما انه لم يدكّ قصر الشعب في دمشــق بصواريخ توماهوك التي كان بينها وبين لحظـة الانطلاق 40 ثانية فقط من البوارج المنتشرة في المنطقة، قبل ان تأتيها الاراء من البنتاغون بالغـاء العمـلية.
الاثنان ضد ايران و«حزب الله». وهذا يظهر الى اين تمضي الامور مع الادارة الجديدة...
السنيورة قال «ان كل الكلام الذي يحكى عن اعادة النظر باتفاق الطائف او العمل لمؤتمر تأسيسي عبارة عن وصفات سريعة من اجل الانفجار؟


 المشنوق... اجتهاد صحافي 

رئيس كتلة المستقبل يشيع، ويشيع من وراءه، بأن ما صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق حول «قرار دولي كبير وجدي بانتخاب رئيس للجمهورية»، هو اجتهاد صحافي. ولا تنسوا ان المشنوق صحافي عتيق، والصحافي يشطح، الكلام تنقله «الديار» عن قيادي في تيار المستقبل غالبا ما ينهي كلامه بعبارة «الله يرحم رفيق الحريري» لان كل شيء بعده «هباء».
قوى 14 آذار تعتبر ان الامين العام لـ«حزب الله» بحملته العاصفة على السعودية، اراد القول «ما بعد حلب ليس كما قبلها»، ثمة تغير في المشهد الاستراتيجي بعدما انكفأ رجب طيب اردوغان الى الداخل، وبعدما مال شرقاً (اي باتجاه الكرملين)، المعركة المقبلة في الغوطة وتنظيف ضواحي دمشق...
لا تبدل في الموقف من العماد ميشال عون، وفي اللحظة التي يعلن فيها الرئيس سعد الحريري موافقته على انتخابه سيكون النائب محمد رعد مع اعضاء كتلة الوفاء للمقاومة على مسافة دقائق من ساحة النجمة.
تأكيدات بأن اتصالات دولية تجري حول لبنان، ومرجع سياسي يقول لـ«الديار» ان الكلام عن استخدام الرئاسة اللبنانية كورقة مساومة على اساس رئيس للبنان مقابل بقاء الرئيس بشار الاسد على رأس الدولة في سوريا «اكثر من ان يكون مضحكاً، لان قضية الاسد جزء من صراع له ابعاده الاقليمية والدولية التي تتعلق ببلورة قواعد النظام العالمي الجديد، مع ما تعنيه سوريا بالنسبة الى سائر الصراعات في الشرق الاوسط.
المرجع يضيف بان هناك جهات تسعى من اجل «دفع حزب الله الى الزاوية»، وبالتالي الاتيان برئيس للجمهورية لا يؤمن تغطية وازنة للحزب كما هي الحال مع العماد ميشال عون.
وفي رأيه فان هذا الاتجاه اذ يشكل نقطة ضعف بالنسبة الى الجنرال، فانه يشكل ايضاً نقطة قوة لان الاطراف الاقليمية والدولية، ناهيك عن الاطراف المحلية، على اقتناع تام بان الطريق الى قصر بعبدا يمر حتماً، بحارة حريك، اي بمقر قيادة «حزب الله».
استطراداً، لا رئيس للجمهورية الا عون، هذا الا اذا حدث  تبدل استراتيجي صاعق في المنطقة، لكن التطورات الاخيرة، وما تعنيه حلب بالنسبة الى الخارطة السورية، وحتى بالنسبة الى الخارطة الاقليمية، تميل لمصلحة رئيس تكتل التغيير والاصلاح.
ولان جنبلاط قارئ  محترف للاحتمالات وللرياح الاقليمية والدولية على الاطلاق، فهو ابلغ اكثر من جهة محلية وخارجية، ومنذ اكثر من اسبوعين، بان الانتظار بات مضيعة للوقت، وان واشنطن، وبالرغم من كل الغبار الاعلامي، تعتمد كثيراً على موسكو في ادارة الساحة السورية...
حتى اذا ما وقع الزلزال التركي وظهرت مؤشرات على توتر في العلاقات بين انقرة وواشنطن تلامس حتى المسائل الاستراتيجية، فان الادارة الاميركية تريد من موسكو ان تضطلع بدور محوري في هذه المرحلة كي لا يذهب اردوغان بعيداً في «حربه» ضد الولايات المتحدة....

 نصيحة بوتين 

معلقون غربيون كبار ويعتبرون ان اول نصيحة سيتلقاها الرئيس التركي حين يلتقي فلاديمير بوتين فــي 9 آب في بطرسبرغ، وهي مسقط رأس الرئيس الروسي الذي طالما تمثل ببطرس الاكبر الذي اعطى اسمه لهذه المدينة، هي (اي النصيحة): «حافظ على علاقتك بواشنطن.
الروس خبراء في المنطقة منذ ألف عام وليسوا طارئين على البحر الاسود والدول المشاطئة. يعلمون ان واشنطن ان شاءت باستطاعتها تفكيك تركيا. الاكراد ورقة بيدها ربما مدت يدها الى العلويين ايضا... وثمة تعليقات لمحللين قريبين جدا من اصحاب القرار في واشنطن وهؤلاء يعتبرون انه غير مسموح لانقرة ان تذهب بعيدا إن في العلاقات الاقليمية او في العلاقات الدولية إن كان ذلك يتعارض ومصالحها الاستراتيجية...
والمثير ان تذهب بعض التعليقات الى حد القول ان الاميركيين يلوحون بـ«الورقة الايرانية» كبديل من الورقة التركية...
لكن المؤكد هنا وتبعا لما تشير اليه اوساط ديبلوماسية وثيقة الاطلاع فإن بوتين سيطلب من الزائر التركي ان يقفل كل نقاط العبور الى سوريا ويرفع الغطاء عن الفصائل المرتبطة بصورة مباشرة او غير مباشرة بالاستخبارات التركية..
تقتضي الاشارة هنا الى ان جهات عربية واوروبية لاحظت وعبر الشاشات «الضياع» في الكلام الاخير لمدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان الذي يستعد لمغادرة منصبه مع تولي الرئيس الخامس والاربعين مقاليد السلطة في كانون الثاني المقبل.

 بري: المتألم... اليائس 

هذه ليست المرة الاولى التي يتحدث فيها برينان عن سوريا لكنه منذ اشهر كان جازما في كلامه عن تغيير في الخارطة السورية الان تكلم بارتباك عن هذه المسألة ليقول انه لا يدري ما اذا كانت سوريا تتجه نحو الفيديرالية ام نحو الكونفديرالية بعدما كان قد ابلغ زملاء له في اوروبا ومنهم رئىس الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه بأن الخارطة السورية ستتغير طالبا نسخة عن محاضر اللقاءات بين وزير الخارجية الفرنسي فرنسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس والتي افضت الى اتفاقية سايكس - بيكو (1916).
أين لبنان من كل هذا؟ وزير الخارجية الاسبق فارس بويز نقل عن بري انه يتألم حين يشاهد كيف يتخبط البلد في مواجهة المخاطر ما دامت المنطقة بأسرها عند مفترقات غامضة. قال ايضا انه يحاول ان يفتح بأظافره ثغرة للخروج من الازمة.
كلمات تكفي لوصف واقع الحال. هل وصل اليأس ببري الى هذا الحد؟


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024