منذ سنتين | اقتصاد / سبوتنيك


هبط سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار بشكل حاد اليوم الاثنين، بعد قرار مفاجئ من البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، والسماح للعملة المحلية بامتصاص ضغوط التضخم التي تؤثر حاليا على كل العالم تقريبا.

وأعلنت لجنة السياسة النقدية اليوم عقب اجتماع غير مجدول، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بمقدار 100 نقطة أساس لكل منهما، ليصلا إلى 9.25% و10.25% على التوالي. كان من المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية في 24 آذار.

وبحسب موقع بنك مصر – ثاني أكبر مصرف في البلاد والمملوك للدولة – سجل سعر صرف الدولار بحلول الظهيرة بالتوقيت المحلي، 17.8 جنيه للبيع، لكن بيانات وكالة "بلومبيرغ" أظهر انخفاضا أكبر بحلول الساعة 1:45 مساء بتوقيت القاهرة (11:45 صباحا بتوقيت غرينتش) والذي تجاوز 15% إلى 18.2 جنيه.


التضخم والتمويل

ويأتي ذلك بعد مزيج من ارتفاع أسعار السلع والطاقة نظرا لظروف عالمية مختلفة، ما أدى إلى زيادة الضغط على اقتصاد البلاد الذي سجل أعلى مستوى تضخم منذ منتصف عام 2019 في شباط الماضي عند 8.8%.

وذكرت وكالة "رويترز" أن التراجع في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، جاء بعد أسابيع من الضغط على العملة، نظرا لسحب المستثمرين الأجانب مليارات الدولارات من سوق السندات المصرية. ونقلت عن مصرفيين قولهم إن نقص الدولار أدى إلى إغلاق الموانئ المصرية، بعد أن لم يتمكن المستوردون من الحصول على العملات الأجنبية اللازمة لخطابات الاعتماد لتخليص بضائعهم.

على جانب آخر، وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، تتماشى متطلبات التمويل في مصر لعام 2022 مع أقرانها عند نحو 4%، وفقا لمصرف الاستثمار "مورغان ستانلي".

لكن المصرف قال بتاريخ 10 مارس: "بالنظر إلى هذه القيم من حيث القيمة الاسمية تنكشف خطورة التحدي الذي يواجهها (مصر)". وأضاف أن الاحتياجات الخارجية لمصر تبلغ 18.6 مليار دولار، وهي نسبة مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بخمسة مليارات دولار للنظراء.

بلغ علاوة المخاطرة على ديون مصر مستوى قياسيا عند 1040 نقطة أساس هذا الشهر، وفقا لمؤشر "جيه بي مورغان تشيس".

في وقت سابق من هذا الشهر، قال "جيه بي مورغان" إن العملة المصرية قد تكون مقيمة بأكثر من قيمتها الحقيقية، وإنها ربما بحاجة لانخفاض بأكثر من 15% لتصل إلى قيمتها الفعلية، مضيفا أن البلاد ربما تكون بحاجة لمساعدة من صندوق النقد الدولي.


ضغوط عالمية

ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأسبوع الماضي أن مصر تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على دعم يمكن أن يشمل قرضا، بعدما أدت الصدمات الناتجة عن الأزمة الأوكرانية إلى زيادة الضغط على اقتصادها.

أدى النقص الحاد في الدولار في مصر إلى تعويم العملة المحلية وطلاق حزمة إصلاحات شاملة في عام 2016 بدعم من برنامج صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 12 مليار دولار.

وكتب دانييل ريتشاردز، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك الإمارات دبي الوطني في مذكرة، أن خطوة البنك المركزي ستزيد من احتمالية الموافقة على برنامج جديد لصندوق النقد الدولي في الأسابيع المقبلة.

وأرجع ذلك إلى أن بعض المتطلبات الأساسية المحتملة للدعم المالي المتجدد من الصندوق - رفع سعر الفائدة بشكل كبير وعملة أرخص - قد تم الوفاء بها بالفعل حتى الآن.

وتوقع الخبير مزيدا من الارتفاعات في أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في المجموع هذا العام، مرددا توقعات الاقتصاديين الآخرين الذين يرون المزيد من التشديد في السياسة النقدية المصرية.

من جانبها، قالت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية الأسبوع الماضي، إن الأزمة الأوكرانية ستؤدي إلى انخفاض التدفقات السياحية الوافدة وارتفاع أسعار المواد الغذائية و"تحديات تمويل أكبر" لمصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.

يذهب نحو 6.6% من صادرات مصر إلى أوكرانيا وروسيا، في حين شكّل البلدان في السابق ثلث إجمالي عدد السياح الوافدين. وقالت "فيتش" إن الأزمة ستضعف الجاذبية المصرية لبيع السندات للأجانب.


ما أهمية رفع الفائدة؟

بيان لجنة السياسة النقدية الذي استشهد بالضغوط التضخمية العالمية، قال إنه حرصا على الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي المحقق، يؤكد البنك المركزي المصري أهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة ممتص للصدمات من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية لمصر.

وأضاف: "ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية الناتج عن المزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد بالإضافة إلى زيادة الشعور بالابتعاد عن المخاطرة، زاد من الضغوط التضخمية المحلية وكذلك الاختلالات الخارجية".

قال محمد الإتربي رئيس بنك مصر عقب قرار المركزي، قرر بنكه والبنك الأهلي المصري – أكبر مصرفين في البلاد - تقديم شهادات إيداع مدتها عام للأفراد بفائدة 18%.

من جانبه، قال آلان سانديب مدير الأبحاث في النعيم للسمسرة في مذكرة، إن تحرك البنك المركزي اليوم الاثنين مفيد للجنيه والاقتصاد المصري بشكل عام، ولكن على المدى القصير، من المرجح أن يصل التضخم إلى مستويات من خانتين (10% فأكثر).

قالت رضوى السويفي، رئيس قسم الأبحاث في "الأهلي فاروس" إن قرارات البنك المركزي "جريئة وفي الاتجاه الصحيح"، مضيفة أن الضغوط المطولة على تدفقات العملات الأجنبية والارتفاع المستمر في السلع العالمية لا يزالان بين المخاطر الرئيسية للاقتصاد المصري في المستقبل، وفقا لـ"بلومبيرغ".

فيما قال فاروق سوسة، كبير الاقتصاديين في بنك "جولدمان ساكس"، إن ضعف الجنيه اليوم قد يحفز تدفقات العملة الأجنبية، فيما من غير المرجح أن يبيع المستثمرون الذين لديهم أموال بالفعل في سندات الخزانة المصرية الآن.

وأضاف في تصريحات لوكالة "رويترز": "هذه الخطوة تهدف إلى حبس السيولة في السوق وجلب المستثمرين الذين قد يجلسون في انتظار أن يصل الجنيه إلى أدنى مستوياته".

ولكن من المرجح أيضا أن يؤدي ذلك إلى زيادة التضخم والدولرة المحلية المحتملة، وقال: "السؤال الكبير هو ما إذا كان هذا كافيا، أو إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد لإغراء مستثمري المحافظ".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024