كتبت صحيفة " الشرق الأوسط " تقول : كشف مصدر نيابي بارز أن باريس تمنت على الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة ‏نجيب ميقاتي التريث وعدم الاعتذار عن عدم تأليفها إفساحاً في المجال أمام ‏معاودتها التحرك باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي لحثهما ‏على تسهيل مهمته بتأليفها بسحب شروطهما التي تعيق تأليفها. وقال لـ"الشرق ‏الأوسط" إن ميقاتي على تواصل مع أعضاء الفريق الفرنسي الذي كلفه الرئيس ‏إيمانويل ماكرون بمواكبة مشاورات التأليف التي تُعقد بين الرئيسين لإخراج ‏لبنان من أزماته المتراكمة وتهيئة الظروف السياسية لإنقاذه لوقف انهياره الذي ‏يتدحرج نحو الهاوية‎.



ولفت المصدر النيابي إلى أن الفريق الفرنسي الذي يتواصل باستمرار مع ‏ميقاتي تمنى عليه بأن يمهله بعض الوقت قبل أن يعاود اتصالاته الرامية إلى ‏تسريع تشكيل الحكومة فور انعقاد قمة بغداد، خصوصاً أن الدوائر المحيطة ‏بماكرون كانت انشغلت في التحضير لها لضمان نجاحها بتوفير كل أشكال الدعم ‏للحكومة العراقية. وأكد أن ميقاتي يعول على معاودة التدخل الفرنسي بدءاً من ‏اليوم لدى عون وفريقه السياسي باعتبار أنهما يضعان العراقيل التي تؤخر ‏تشكيل الحكومة، وقال إن الرئيس المكلف لم يأمل بأن تكون زيارته المقبلة لبعبدا ‏حاسمة إلا بعد أن تلقى ضمانات من باريس بأنها ماضية في مبادرتها لإنقاذ لبنان ‏بتشكيل حكومة مهمة، وبالتالي ليست في وارد التخلي عن مبادرتها، وهذا ما ‏ستعمل لأجله بدءاً من اليوم‎.



وقال المصدر النيابي إن جولة المشاورات المقبلة ستكون حاسمة ولن تكون ‏كسابقاتها من الجولات، وخصوصاً الأخيرة منها التي أعادتها إلى المربع الأول ‏رغم أن ميقاتي أودع عون تشكيلة وزارية متكاملة من 24 وزيراً وهو ينتظر ‏منه الجواب الذي يعيد الاعتبار للمشاورات ويفتح الباب أمام إزالة العقبات التي ‏تعيق تشكيلها، ورأى أن باريس ستسعى جاهدة لتهيئة الأجواء التي تعيد التواصل ‏بين الرئيسين‎.



واعتبر أن باريس وإن كانت تدعو إلى تزخيم التعاون بين الرئيسين فإن تركيزها ‏في اتصالاتها مع عون وفريقه السياسي ينطلق من قناعتها بأنهما يؤخران ‏تشكيلها وإلا لماذا تحصر اتصالاتها بهما من دون الآخرين، وأكد أن المشكلة لا ‏تتعلق حصراً بتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف ولا في إسقاط أسماء ‏الوزراء عليها وإنما تكمن في إصرار عون على الثلث الضامن في الحكومة‎.



وعزا تفاؤل بعض الأطراف - بأن الأبواب لم توصد في وجه تشكيل الحكومة، ‏وأن هناك إمكانية بالالتفاف على الشروط التي تؤخر إخراج مشاورات التأليف ‏من التأزم - إلى ما توافر لديه من معلومات بأن باريس ستعاود تدخلها بقوة ولن ‏تنفك عن ممارسة الضغوط على عون وفريقه السياسي اللذين لم يعد في ‏مقدورهما الهروب إلى الأمام برميهما مسؤولية التعطيل على الآخرين‎.



وأكد أن عون أصبح مكشوفاً دولياً ومحلياً وهذا ما يعبر عنه عدد من السفراء ‏الذين يتنقلون باستمرار ما بين المقرات الرئاسية في محاولة لمعرفة الأسباب ‏التي يتحصن خلفها عون لفرض شروطه للمجيء بحكومة ما هي إلا نسخة طبق ‏الأصل عن الحكومات السابقة التي تتحمل مسؤولياتها في إيصال البلد إلى ‏الهاوية، وقال المصدر نفسه إن عون يخطئ في رهانه إذا كان يعتقد، وبتحريض ‏من رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أن أخذه البلد إلى حافة ‏الهاوية سيدفع بميقاتي للتسليم بشروطه‎.‎

ورأى أن البلد وصل إلى قعر الهاوية ولم يعد من جدوى لتهديد عون بجره إلى ‏حافة الهاوية، وقال إن إصراره على استرداد صلاحياته والحفاظ على حقوق ‏المسيحيين لم يعد يشكل مادة للتحريض على المسلمين وتحديداً نادي رؤساء ‏الحكومات السابقين بعد أن أيقن المجتمع الدولي أنه يتوخى من طروحاته تطييف ‏عملية تشكيل الحكومة لتعويم وريثه السياسي باسيل بوصفه الممثل الأوحد ‏للمسيحيين وما على الآخرين إلا التسليم بتجيير ما يسمى بحقوق المسيحيين ‏لصالح باسيل‎.



وكشف المصدر النيابي أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو من شجع ميقاتي ‏على التريث بتمديد الفرصة للمشاورات لعل اللقاء بين الرئيسين سيكون حاسما ‏لأن البلد لم يعد يحتمل هدر الوقت وإضاعة الفرص، وقال إن بري يواكب عن ‏كثب القرار الذي اتخذته باريس بمعاودة تشغيل محركاتها للضغط على عون ‏وباسيل لتسهيل مهمة الرئيس المكلف الذي يصر على عدم تمديد أمد المشاورات ‏إلى ما لا نهاية، وبالتالي من غير الجائز استباق ما ستؤول إليه الضغوط ‏الفرنسية، وعلينا أن ننتظر النتائج لنبني على الشيء مقتضاه‎.



واتهم المصدر النيابي رئيس الجمهورية بالانقلاب على الدستور بقوله - بحسب ‏ما ورد في البيان الصادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية - إنه يبذل ‏جهداً لتشكيل الحكومة، وسأل: كيف يجيز لنفسه أن يحصر عملية تأليفها بشخصه ‏متجاهلاً الدور الذي يقوم به وقافزاً فوق اتفاق الطائف وكأنه لم يكن‎!



وأكد أن الرئيس القوي إذا صح التعبير لا يستمد قوته من الانقلاب على الطائف ‏والدستور ولا باحتكاره للسلطة بإلغاء الشراكة، وقال إن قوته يستمدها من قدرته ‏على أن يكون جامعاً للبنانيين وساعياً للتوفيق بين القوى السياسية وعاملاً لحل ‏الخلافات فيما بينهم بدلاً من الاستقواء عليهم وإلغائه لكل من يخالفه الرأي‎.

ورأى أن انقلاب عون على الطائف والدستور ليس بجديد، وهو كان قاد حملة ‏ضد توافق النواب على وثيقة الوفاق الوطني التي أنتجت الدستور الجديد الذي ‏أسهم في إنهاء الحرب الأهلية وفي إلغاء خطوط التماس بين اللبنانيين وقطع ‏الطريق على الدعوات التقسيمية، وقال إن عون كان أول من اتخذ المواقف ‏المناهضة للطائف والالتزام بمفاعيله السياسية والدستورية لأنه كان وراء ‏إخراجه من بعبدا واضطراره للجوء إلى السفارة الفرنسية في الحازمية تمهيداً ‏لانتقاله إلى باريس‎.



ويبقى السؤال: ماذا سيحمل الأسبوع الطالع معه بدءاً من اليوم؟ ومتى سيزور ‏ميقاتي بعبدا لاستئناف مشاورات التأليف مع عون؟ وهل أن الطريق السياسية ‏سالكة بينهما؟‎

في الإجابة عن هذا السؤال لا بد من الإشارة - كما يقول مصدر مواكب لترحيل ‏مشاورات التأليف - إلى أن الكرة هي الآن في مرمى رئيس الجمهورية الذي ‏يتوجب عليه أن يعطي أجوبة واضحة لا لبس فيها على التشكيلة الوزارية التي ‏طرحها عليه ميقاتي في اجتماعهما الأخير؟‎



فالرئيس المكلف لم يتلق حتى الساعة أجوبة حول التشكيلة الوزارية للوقوف ‏على رأي عون بالوزراء والحقائب لمعرفة ما لديه من ملاحظات في ضوء ما ‏تردد بأن اليومين الأخيرين لم يسجلا أي تواصل بينهما بصورة مباشرة أو عبر ‏أصدقاء مشتركين، وهذا يعني حتماً أن استئنافها يبقى عالقاً على أجوبة عون ‏ليكون في وسع ميقاتي أن يبني على الشيء مقتضاه، إضافة إلى ما ستتوصل إليه ‏باريس في تجديد اتصالاتها بعون وفريقه السياسي لعلهما يعيدان النظر في ‏حساباتهما باتجاه سحب شروطها من التداول‎!‎


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024