منذ سنتين | صحف / النهار


من تراه يسبق الآخر في السباق المصيري القاتل والحاسم الذي يظلل مصير لبنان ‏واللبنانيين: إنفجار الوضع الإجماعي على أبشع ما يمكن ان تكون صور الانفجار بفعل ‏تساقط الازمات الكارثية فوق رؤوس اللبنانيين من دون أي علاجات ولو ظرفية، ام محاولة ‏جديدة محتملة لاختراق حكومي انقاذي في اللحظة الحاسمة بعدما بلغ اليأس من #تشكيل ‏الحكومة الموعودة ذروة غير مسبوقة ؟ ‎ ‎ الواقع ان الساعات الأخيرة اعادت رسم هذه المعادلة بقوة في ظل احياء الرهان على ‏محاولة محتملة لتأليف الحكومة بعد عودة الرئيس المكلف #سعد الحريري مساء الاحد الى ‏بيروت من خلال اطلاق المشاورت بدءاً بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري. واذا كانت ‏سوابق تجربة الأشهر التسعة من تكليف الحريري تلزم المراقبين والاوساط المعنية إبقاء ‏الحذر والتحفظ في اعلى المستويات خشية انهيار متجدد لأي محاولة جديدة لاختراق جدار ‏التعطيل المنصوب بين بعبدا وميرنا الشالوحي بقوة لا تخترق، فان ذلك لا يعني التقليل من ‏أهمية الدلالات التي يكتسبها التطوران اللذان برزا في الساعات الأخيرة على المشهد ‏المأزوم لبنانياً سياسياً وحياتياً ومعيشياً : التطور الأول تمثل في تحرك قطري جديد في اتجاه ‏لبنان وأزمته، والتطور الثاني تمثل في تشغيل محركات الاتصالات والمشاورات المتعلقة ‏بأزمة تاليف الحكومة وسط دفع لافت من الثنائي الشيعي مجدداً لمهمة الرئيس المكلف‎ .‎
‎ ‎
وفي ما يتصل بالتحرك القطري أعلنت السفارة القطرية في بيروت في بيان وصول وزير ‏الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى لبنان، الخامسة بعد ظهر اليوم في ‏زيارة ليوم واحد يلتقي فيها رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ‏ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وقائد الجيش العماد جوزف عون‎ .‎
‎ ‎
وأفادت محطة "الجزيرة" القطرية ان وزير الخارجية القطري سيزور لبنان في إطار مساعي ‏قطر للمساعدة في حلحلة الأزمة السياسية في لبنان. وذكرت المحطة انه في شباط ‏الماضي حثّ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأطراف السياسيين في لبنان على ‏تغليب المصلحة الوطنية والإسراع في تشكيل حكومة جديدة خلال استقباله رئيس الوزراء ‏المكلف سعد الحريري الذي زار قطر حيث أطلع الحريري أمير قطر على تطورات الأوضاع ‏والجهود المتعلقة بتشكيل الحكومة في لبنان. وفي نيسان الماضي جدد أمير دولة قطر ‏تأكيد دعم بلاده المستمر للبنان ووقوفها الدائم إلى جانب الشعب اللبناني. كما دعا خلال ‏لقائه في الدوحة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، جميع الأطراف اللبنانية إلى ‏تغليب المصلحة الوطنية، والإسراع في تشكيل حكومة جديدة من أجل إرساء الاستقرار في ‏لبنان‎.‎
‎ ‎
بري والحريري‎ ..‎
وأما على المسار الداخلي، فان المعلومات المتوافرة عن الملف الحكومي أفادت غداة ‏عودة الحريري الى البلاد، ان خيار التاليف لا يزال متقدماً على الاعتذار، وقد عززه كلام ‏الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله الذي توقع في إطلالته امس ان تكون الايام ‏القليلة المقبلة حاسمة لجهة تشكيل الحكومة، كاشفاً عن ان اللقاءات التي ستعقد يمكن ان ‏ترسم المسار الحكومي في شكل واضح. ولعل من ابرز اللقاءات التي تحدث عنها نصر الله ‏لقاء عقد بعيداً من الأضواء بين الحريري ورئيس المجلس نبيه بري في اطار استكمال ‏مبادرة الاخير، علما ان الحريري كان اعلن انه لن يلجأ الى اي خطوة قبل اطلاع بري عليها‎.‎
‎ ‎
وفهم من اجواء اللقاء الذي انعقد امس بين الرجلين ان الحريري ليس في وارد الاعتذار بل ‏تردد انه في صدد تقديم مسودة تشكيلة جديدة الى رئيس الجمهورية ربما في وقت لم يعد ‏بعيداً. فإذا وافق عليها، يمكن عندها ان تشهد البلاد ولادة حكومة جديدة أولى مهماتها ‏فرملة الانهيار والا فإن مسؤولية التعطيل ستُحمل بالكامل لبعبدا‎.‎
‎ ‎
‎ ‎
نصرالله
وبدا لافتاً في كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد #حسن نصرالله امس أنّه بادر بسرعة ‏غير متوقعة الى فتح النار على مهمة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق ‏البيطار غداة إصداره الدفعة الأولى من طلبات سحب الحصانة عن نواب وطلبات الاذن ‏بملاحقة أمنيين وعسكريين. واسوة بموقفه من المحقق العدلي السابق فادي صوان، قال ‏نصرالله امس "العدالة ما زالت بعيدة والحقيقة ما زالت مخفية" في قضية انفجار مرفأ ‏بيروت، معتبراً أنّه "من المؤسف أن يعرف المدّعى عليهم الأسماء عبر الإعلام" ومحذّراً ممّا ‏اعتبره "توظيفاً سياسياً" وقال انه سيتريث في انتظار تطورات الأيام المقبلة في هذه ‏القضية‎ .‎
اما في الشأن الحكومي، فاكد نصرالله أنّه "من المفترض أن تكون هذه الأيام حاسمة ‏لتشكيل الحكومة"، معتبراً أنّ "اللقاءات التي ستعقد يمكن أن ترسم المسار الحكومي بشكل ‏واضح". واعتبر أنّ "ثمّة أزمة نظام في لبنان وأزمة الحكومة تعبّر عنها"، مشيراً إلى "أزمة ‏سياسية وفساد مستشر وسرقات واحتكار بلا حدود" محلّياً‎.‎
‎ ‎
وشدّد نصرالله على أنّ "هناك مشكلة أنّ أميركا تُريد محاصرة ومعاقبة ومنع أيّ مساعدة ‏تأتي إلى لبنان"، مشيراً إلى "شركات كبرى تريد الاستثمار في لبنان من دون أيّ تكلفة على ‏الدولة لكنها تُرفض خوفاً من العقوبات"، متسائلاً: "كما قدّم شباب لبنان الدماء لتحريره من ‏الاحتلال، أليس على السياسيين التضحية من أجل هذا البلد حتى لو وضعهم الأميركي على ‏لائحة العقوبات؟". واعتبر نصرالله أنّ "الشريك في تدمير العملة اللبنانية هي السفارة ‏الأميركية"، مؤكّداً أنّ " الهدف من الحصار الأميركي هو إثارة الشعب اللبناني وبيئة ‏المقاومة على المقاومة‎" .‎
‎ ‎
ولكن عضو كتلة "المستقبل" النائب والوزير السابق سمير الجسر صرح ان "لا شيء ‏محسوما بعد على الصعيد الحكومي وقد تنجلي الامور في ألاجتماع الذي يعقده التيار غدا ‏‏(اليوم) سواء على مستوى القيادة أو الكتلة ". وردا على سؤال، اجاب "ثمة احاديث كثيرة ‏عن المخارج والحلول وقد يكون الاعتذار من بينها، لان من غير الجائز ترك البلاد للمجهول ‏والشعب يعاني من الكوارث المعيشية والصحية والاجتماعية. وأن الرئيس الحريري ما كان ‏ليقدم على هذه المهمة الصعبة والمستحيلة لولا تهيبه فداحة الاضرار التي ستصيب ‏الجميع من دون استثناء، لان سقوط الهيكل سوف يكون فوق رؤوس الجميع‎".‎
‎ ‎
‎ ‎
لونغدن "والشيء العفن‎"‎
الى ذلك، استوقفت الرسالة التي وزعها امس القائم بالاعمال البريطاني #مارتن لونغدن ‏لمناسبة انتهاء مهامه في لبنان الأوساط المراقبة لجهة النبرة القاسية للغاية التي اعترف ‏هو بنفسه انه استعملها في ادانة العمل السياسي في لبنان بما يكرس ما بات مألوفا في ‏الآونة الأخيرة لجهة الإدانة الدولية للطبقة السياسية والرسمية اللبنانية. ومما كتبه لونغدن ‏منهيا مهمته في لبنان : "لا يمكنك إطلاق هذا المستقبل الأفضل إلا إذا تحررت من أغلال ‏تاريخك وغيرت بشكل بنيوي طريقة العمل السياسي والحكومي. فلبنان اليوم على أهم ‏مفترق طرق على الإطلاق: في أي اتجاه نريد الذهاب؟ أعذروا أسلوبي الجاف: ولكن في ‏قلب لبنان شيء عفن. ففشل سوق أي كان للمحاسبة وتحميله مسؤولية الانفجار الكارثي ‏للمرفأ الصيف الماضي هو أكثر الأمثلة الدراماتيكية للدناءة وعدم المسؤولية التي تتميز بها ‏الكثير من الحياة اللبنانية. مؤسسات الدولة في حال خراب، والمصالح الخاصة محمية ‏وميليشيا حزب الله تعمل بحرية من دون حسيب إلا نفسها. والنتيجة؟ تزداد النخبة غنى في ‏حين يدقع الشعب في الخسارة عند كل منعطف". واضاف: ناقشت مع كافة أطياف النخبة ‏السياسية موضوع الطريق المسدود في السياسة اللبنانية والوضع المتردي، وحذرت من ‏المخاطر التي يأخذونها والضرر الذي ينتج عنها بحياة الشعب. وأصررت على ضرورة ‏المساومة من أجل تأليف حكومة شاملة لها سلطة القيام بالإصلاحات وضرورة تأمين دعم ‏بنك النقد الدولي. لكن للأسف صدى كلماتي، كما كلمات أصدقاء لبنان الدوليين الآخرين، ‏يصل آذان صماء‎".‎


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024