منذ 3 سنوات | لبنان / وكالة وطنية

 وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة التي استهلها بتوجيه التهنئة والتبريك الى اللبنانيين عامة والمسلمين خاصة بالمبعث النبوي الشريف، "بل الى الانسانية جمعاء، لما لهذا الحدث من آثار لم تقتصر على الامة الاسلامية فقط، فالنبي بعثه تعالى رحمة للعالمين يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم سواء السبيل ويرشدهم الى النهج القويم والصراط المستقيم، ليخرجهم من ظلمات الجهل والظلم والشرك الى نور العلم والايمان والعدل".


اضاف: "نحن ندعو المؤمنين الى تجديد ايمانهم ومعاهدة رسول الله والائمة الطاهرين ان يتمسكوا بحبل الله المتين وتعاليم الأنبياء والمرسلين، وليكن النبي محمد قدوة حسنة للاقتداء والاتباع، فهو الصادق الامين وصاحب الخلق العظيم، وما احوجنا الى العودة لتعاليم السماء في ظل ما يصيب العالم اليوم من فساد وظلم وطغيان، وازمات منشؤها البعد عن الدين والتزام نهج الأنبياء والمرسلين".

وعزى الخطيب "الامة الاسلامية بمناسبة شهادة احد ائمة اهل البيت المظلومين الذي قضى في سجن الرشيد حتى دس اليه السم، فارتقى الامام موسى بن جعفر عليهما السلام شهيدا مظلوما، فاعظم الله اجوركم بشهادة الامام الكاظم الامام السابع من ائمة الحق والهدى سجين الكلمة الحرة والحقيقة المرة التي ضيقت على الظالمين دنياهم، فكان السجان وكانوا المسجونين وعاش في النور رغم ظلمة السجن وعتمته، وعاشوا في الظلام على الرغم من فسحة القصور واضوائها التي وان اضاءت البصر ولكنها اعمت البصيرة، وان اتسعت لظلم الظالم ولكنها ضيقت عليه الشعور بالراحة والطمأنينه واقضت عليه مضاجعه الخوف من ذهاب ملكه وانقلاب الامر عليه فالامام عاش راحة الضمير وحرية القرار ونعيم احلام الجنان ونعما وصف امير المؤمنين علي ابن ابي طالب المتقين حيث قال فيهم ( فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون) فهذا حال المتقين فما ظنك بالائمة المعصومين، ولقد كان الامام الكاظم يدعو الله تعالى في سجنه ( اللهم إنك تعلم اني كنت اسألك ان تفرغني لعبادتك اللهمَّ وقد فعلت فلك الحمد) فلم ير في السجن على رغم المعاناة الهائلة التي تحملها الا فرصة يستغلها للعبادة وقربا اكبر من الله تعالى يستمتع به ويعيشه راحة نفسية لا يشعر بها سكان القصور".

من جهة ثانية، هنأ الخطيب المعلمين في عيدهم، متمنيا لهم "النجاح والتوفيق في مهامهم الرسالية في تنشئة جيل متعلم يتحلى بالمناقب الأخلاقية والقيم الدينية والوطنية ويتسلح بالعلم والمعرفة في مواجهة الجهل والتخلف، بيد ان هذه المهمة السامية تعتريها صعوبات ومشقات جمة تستدعي الصبر والتضامن والايثار، فالمعلمون يعانون المآسي اسوة بكل اللبنانيين الشرفاء الذين يدفعون ثمن ما خلفته الازمة الاقتصادية وما وصل اليه التردي المعيشي وانهيار النقد الوطني، ولم يكف المواطنون القهر والظلم الذي تسببت به الطبقة السياسية الفاسدة طيلة حكمها حتى حلت جائحة كورونا لتزيد من حجم الكارثة التي تلقي بتبعاتها على كواهل كل اللبنانيين".

ودعا الشيخ الخطيب "السياسيين الى الاستجابة لصرخات المواطنين ورفع الضيم عنهم والتفرغ لمعالجة الكوارث التي ألحقتها مناكفاتهم ومنطقهم التحاصصي وسياساتهم الفاشلة التي أدت بنا الى هذا الدرك من الانهيار، فالمطلوب اليوم قبل الغد تشكيل حكومة إنقاذيه إصلاحية تلتزم اخراج البلد من الانهيار وعدم السماح بتجويع اللبنانيين واغراقهم في العتمة، ولطالما كان اللبنانيون اعزاء كرماء صامدين في ارضهم والذين دحروا بمقاومتهم وجيشهم الاحتلال الصهيوني والعصابات التكفيرية عن ارضهم، فهل يستحقون ان يكافئهم السياسيون بهذا النكد السياسي والقهر الاجتماعي ويتركونهم لجشع التجار واحتكارهم، فيما مسار الحل داخلي ويحتاج الى الجرأة والتنازل لمصلحة انقاذ الوطن من الانهيار والشعب من الجوع".

واعرب عن "شجبه وادانته للفساد المستشري لدى بعض التجار الذين يحتكرون المواد الغذائية ولا سيما المدعومة منها بغية بيعها في السوق السوداء في استغلال دنيء يطال الفقراء والمحتاجين في لقمة عيشهم، ونحن اذ نطالب الجهات القضائية والأجهزة الرقابية بكشف المتورطين في ملف التلاعب بالنقد الوطني والفساد الغذائي ومحاكمة المحتكرين ولصوص السلع المدعومة التي تختفي قبل وصولها الى المستهلك، نطالب المواطنين بالتعاون مع السلطات المعنية في التبليغ عن الفاسدين والمحتكرين والتشهير بهم في وسائل الاعلام، فإننا نعتبر ان الدولة اللبنانية بكافة اجهزتها مطالبة بتكثيف تعاونها لكشف ومعاقبة الفاسدين والمحتكرين، فالأزمة المعيشة بلغت مرحلة صعبة تستدعي ان تجند الدولة أجهزتها لمكافحة المحتكرين والحفاظ على لقمة عيش اللبنانيين".

واكد الشيخ الخطيب "ان بلادنا كانت وما تزال ملتقى الحضارات وتعايش الرسالات والأديان، وهذا ما كشفته زيارة البابا الى العراق، حيث استقبله العراقيون بحفاوة، فهذه الزيارة لم تكن لتتم لولا تمكن الشعب العراقي من هزيمة الارهاب واثبات انه شعب واحد بكل اديانه وطوائفه في مواجهة القوى الدولية التي ارادت تمزيقه، وان يكون البلد الذي يبدأ منه تنفيذ مؤامرة الفتنة الطائفية وتحقيق صفقة القرن وتقسيم المنطقة العربية والاسلامية الى كانتونات مذهبية ضعيفة تحت ادارة الكيان الإسرائيلي، ولقد نجح الشعب العراقي بفضل وعي قيادته الدينية المتمثلة بالمرجعية ان تقضي على اخطر مشروع يتهدد العالم العربي والاسلامي ووقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى جانبه بكل الدعم والامكانيات وبفضل دماء الشهداء ان يظهر الوجه الحقيقي الناصع والطافح بالكرامة للعراق الشقيق وشعبه المقدام والمضحي ما جعله يستحق هذا التكريم الذي عبرت عنه زيارة البابا".

وأشار الى ان "هذه الصورة الجامعة والمحبة والمنفتحة والتي لا تعرف الانغلاق او التعصب او الطائفية وانما تحمل اجمل لوحة لهذا المشرق المتنوع الذي يحمل فيه المسلم الشيعي هذه الروحية لشركائه في الوطن دون منة او استعلاء مهتديا بهدي سيده امير المؤمنين علي ابن ابي طالب في قوله: الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق". وقال: "لقد كانت الصورة التي استقبل فيها آية الله العظمى السيد السيستاني للبابا ببساطتها رسالة نبوية لكل القيادات وخصوصا الدينية منها عن التواضع والبساطة في العيش والحياة التي يجب ان يعيشها المرجع والعالم والمسؤول من المواساة للفقراء والمحتاجين والابتعاد عن العيش في الابراج العاجيه وحياة الترف والبذخ والاهتمام بدلا من ذلك بشؤونهم والارتقاء بهم في سلم القيم والتزام قضايا الاخلاق وقضايا المعذبين والمظلومين واحقاق الحق وعدم الوقوف الى جانب الظالمين وان هذه هي مسؤولية القادة الدينيين لأن مسؤوليتهم مسؤولية رسالية الهية تبتغي تحقيق العدل ومواساة البائسين والمحتاجين ساعية في نفس الوقت لتحقيق حقوقهم ورفع المظالم عنهم".

اضاف: "لقد أريد لهذا اللقاء بين المرجعيتين الاسلامية والمسيحية ان تعطي الانطباع بانتصار القيم الروحية الدينية والاخلاقية والانسانية على القيم المادية التي كانت نتائجها هذه الكوارث الانسانية التي عاشتها شعوبنا في هذا الشرق وتسببت بها حضارة الغرب اللاأخلاقية والمتمحضة بالقيم المادية والحيوانية وتعميم ثقافة الانانية التي اوصلت العالم الى كل ما يعانيه من كوارث إنسانية واخلاقية واجتماعية وصحية، التي لا خلاص له منها الا بالعودة الى هذه القيم الإنسانية والروحية والرساليه وهي مسؤوليات يترتب على هاتين المرجعيتين وغيرهما من المرجعيات الدينية ان تتعاون مع بعضها البعض لانتشال العالم من هذا الواقع المخيف وايصاله الى شاطئ الامان وتحقيق امنيته في تحقيق العدالة والسلام الضائعين، وتوجيه الانظار الى مظلومية شعوب المنطقة وخصوصا الشعب الفلسطيني وجوب الوقوف الى جانبه في استرجاعه لحقوقه العادلة والمغتصبة ولن يكون هناك سلام ما لم يتم الاعتراف بها وتحقيقها".

وختم الشيخ الخطيب بالقول: "ان زيارة البابا للنجف الاشرف واجتماعه بآية الله العظمى السيد السيستاني وامتداحه للمواقف التي صدرت عنه وحمايته للعراقيين على حد سواء وبالأخص للمسيحيين منهم تساهم بشكل فعال في مواجهة محاولات مشاريع الفتن الطائفية وتمتين العلاقات الداخلية بين ابناء شعوب المنطقة العربية والاسلامية وتفشيل محاولات اللعب على التنوع الطائفي وتخريب العيش المشترك الذي كان قائما وعملت قوى الشر والعدوان التي احتلت العراق ونشرت فيه وفي بلدان المنطقة القتل والدمار، فهذه الزيارة تساهم في اظهار المظلومية التي تعرض لها شعب الرافدين من محاولات التضليل للراي العام العالمي، ولقد وقفت المرجعية الدينية في النجف الاشرف دائما الى جانب الشعب العراقي بكل فئاته ووحدته الوطنية دون تمييز والتزمته مرجعية آية الله السيستاني على الدوام".



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024