منذ 3 سنوات | لبنان / نداء الوطن

كتبت صحيفة " نداء الوطن " تقول : عندما عنونت "نداء الوطن" في نهاية تشرين الثاني الفائت "باسيل يتربّص بمسوَّدة الحريري: ‏ألله لا يخلّيني إذا بخلّيك"، كان ذلك حينها تجسيداً مختصراً لعمق الأزمة وعقم الحلول ‏الحكومية تحت سقف الحرب الضروس التي يخوضها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران ‏باسيل ضد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بمختلف أنواع الأسلحة والأعيرة الرئاسية ‏والدستورية والطائفية منعاً لعودته إلى السراي الحكومي على حصان المبادرة الفرنسية ‏الإصلاحية. واليوم بات "اللعب على المكشوف" بين قصر بعبدا وبيت الوسط ليتجلى أمس ‏على صورة "ردح" رئاسي يحرف البوصلة عن مسار عملية تأليف "حكومة مهمة" تنتشل ‏البلد وأبناءه من غياهب التفليسة والانهيار، ليحولها إلى "حرب صلاحيات" دستورية وطائفية ‏بين الرئاستين الأولى والثالثة‎.

وبين "هالك" الصلاحيات الدستورية و"مالك" الكباش الطائفي، يسير اللبنانيون بسرعات ‏قياسية على خطى النبوءة العونية ليلاقوا مصيرهم الموعود في "جهنم" جوعاً وعوزاً وفقراً ‏تحت وطأة الانفجار الاجتماعي الحتمي، بمجرد اكتمال دائرة تضييع الفرص الانقاذية عبر ‏إحباط الزيارة الثالثة على التوالي خلال أربعة أشهر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نهاية ‏الجاري... وحتى ذلك الحين، سيشتد قرع الطبول واستثارة العصبيات الطائفية والمذهبية بين ‏أهل الحكم هرباً من ضريبة الإصلاح، سواءً في السلطة التنفيذية، أو في السلطة القضائية ‏حيث لا يزال المحقق العدلي فادي صوان يُصرّ على صلاحيته في الادعاء على رئيس حكومة ‏تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين الثلاثة، وقد جدد بالأمس استدعاءهم ‏للاستجواب هذا الأسبوع، في مقابل إقدام رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الطلب من ‏النيابة العامة التمييزية ختم ملف التحقيقات وإحالته إلى مجلس النواب للنظر به وإجراء ‏المقتضى الدستوري بحق المدعى عليهم‎.

وفي هذا السياق، تتوقع مصادر مواكبة للمسار القضائي في قضية انفجار المرفأ أن يشكل هذا ‏الأسبوع نقطة تحوّل مفصلية في مقاربة الملف قضائياً ونيابياً، لا سيما وأنّ القاضي صوان ‏‏"مكمّل" على ما يبدو في تحقيقاته واستدعاءاته تأكيداً على صلاحياته بالنظر في القضية بعد ‏تجاهل مجلس النواب رسالته السابقة، على أن يبلغ أبعد مدى قضائي ممكن في القضية ليقرر ‏بعدها إما مواصلة التحدي دفاعاً عن استقلالية القضاء أو التنحي عن القضية على قاعدة "أللهم ‏إني بلغت‎".

وإذ من المرجح أن يواصل دياب والنائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر تمنعهم عن المثول ‏أمام المحقق العدلي، لم يستبعد بعض المتابعين أن يمثل الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام ‏القاضي صوان باعتبار الحصانة النيابية لا تشمله. ورجحت المصادر أن يستمر خليل وزعيتر ‏في التذرع بعدم التبلغ رسمياً بالادعاء عليهما عبر الأمانة العامة لمجلس النواب لتجنب ‏حضور جلسة الاستجواب الجديدة التي حددها المحقق العدلي لكل منهما، (الأربعاء لخليل ‏والجمعة لزعيتر)، في حين لفت الانتباه في ما يتعلق بتجديد طلب استجواب دياب أنه تبلغ ‏بالأمس عبر أمين عام مجلس الوزراء أنّ "صوان سيزوره عند التاسعة من صباح يوم الجمعة ‏المقبل للاستماع إلى إفادته كمدعى عليه"، ما يعني بحسب المصادر أنّ المحقق العدلي لم يعد ‏يطلب موعداً من دياب لاستقباله بل انتقل إلى مرحلة "تحديد موعد الاستجواب وإيداعه الأمانة ‏العامة لمجلس الوزراء أصولاً" لينتقل تالياً في الموعد المحدد صباح الجمعة إلى مقر إقامة ‏رئيس حكومة تصريف الأعمال "إما لتسجيل إفادة دياب أو لإثبات واقعة تمنّعه عن التجاوب ‏مع الاستدعاء القضائي‎".

في الغضون، انتقلت الأزمة الحكومية إلى مرحلة متقدمة من "الصدام المباشر" بين قصر ‏بعبدا وبيت الوسط، حيث ارتفع منسوب الاحتقان والتشنج بشكل ملحوظ خلال الساعات ‏الأخيرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على خلفية تراشق المسؤوليات في مسببات ‏تعطيل ولادة الحكومة، لتتكشف في خضمّ هذا التراشق الرئاسي وقائع تفضح حقيقة ما جرى ‏خلال اللقاءات الإثني عشر بين الحريري وعون، سواءً لناحية طلب الأخير "حكومة تتمثل ‏فيها الأحزاب السياسية كافة وتكرار تجارب حكومات المحاصصة‎" ‎أو لجهة تسليمه الرئيس ‏المكلف "لائحة بأسماء لشخصيات يريد رئيس الجمهورية توزيرها"... وصولاً إلى المجاهرة ‏للمرة الأولى على لسان الحريري عبر مكتبه الإعلامي بأنّ توقيع رئيس الجمهورية على ‏مراسيم تشكيل الحكومة أضحى رهينة "مصالح حزبية تضغط عليه للمطالبة بثلث معطل ‏لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل ابداً تحت أي ذريعة أو مسمى‎".

وعلى الأثر، انتفض مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية للرد على بيان الرئيس المكلف ‏مبرراً تسليمه لائحة بالأسماء للتوزير من باب "النقاش حول مجموعة أسماء كانت مدرجة في ‏ورقة لم تكن معدة للتسليم رسمياً"، واتهم في المقابل الرئيس المكلف "بالتفرّد بتسمية الوزراء" ‏وبمخالفة "الدستور الذي ينص على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية ‏والحكومة"، الأمر الذي عاد المكتب الإعلامي للرئيس المكلف إلى الرد عليه مجدداً التأكيد ‏على واقعة "تسلم لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني ‏بينهما"، وبناءً على ذلك اختار الرئيس المكلف من هذه اللائحة "أربعة اسماء لشخصيات ‏مسيحية، خلافاً لما اورده بيان قصر بعبدا عن تفرّد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء ‏المسيحيين‎".

وإزاء التطورات الدراماتيكية المتسارعة في الملف الحكومي، اختصر رئيس حزب "القوات ‏اللبنانية" سمير جعجع جوهر الأزمة بالتأكيد على عدم وجود "أي أمل يُرتجى لإنقاذ البلد في ‏ظل الأكثرية الحاكمة"، وقال رداً على سؤال لـ"نداء الوطن": لا أمل بولادة الحكومة لأنّ هذه ‏الأكثرية عاجزة عن التأليف ولا تستطيع تشكيل حكومة مهمة إصلاحية بعيداً عن ذهنية ‏المحاصصة‎.‎



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024