اوضحت مصادر وزارية لصحيفة «اللواء» ان خطة الإصلاح للحكومة التي اشبعت درساً في عدد من جلسات مجلس الوزراء سلكت طريقها لتتوجه بها الى صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، هذه الخطة التي ادرجت كبند الرقم 13 في جدول الاعمال، وبعد كلام الرئيسين عون ودياب (المعلومات الرسمية)، اشاد الرئيس دياب بعمل المستشارين الذين انجزوا المشروع ليعرض على الهيئات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي كما انه من شأن هذه الخطة ان تساعد الدولة على التفاوض مع حاملي سندات اليوروبوند.

وافادت المصادر ان مدير عام المالية آلان بيفاني عرض الخطة بتعديلاتها الأخيرة متوقفاً عند جهوزيتها وغناها بمسار اصلاحي واقتصادي، وكان كلام عن محاكاتها لهواجس الناس وحاجاتهم واهمية ترابطها مع  المسار الاقتصادي الذي اعلنته الحكومة. كما تحدث عن التعديلات التي شملتها انطلاقاً من ملاحظات الوزراء، اي اعادة هيكلة الدين العام والنظام المالي وانجاز الاصلاح في المالية مع الاخذ بالاعتبار تصويب الدين العام وميزان المدفوعات وسعر النقد.

ولاحظت المصادر ان نقاشاً واسعاً فتح وسجلت آراء واسئلة من الوزراء وتمحور معظمها حول تحرير صرف الليرة والـ Bail in او ما يعرف بالاكتتاب وتم تبادل الافكار واضيفت التعديلات، وقال الرئيس دياب ان هناك عناوين اساسية والتفاصيل ستأخذ مجراها في حال كانت هناك حاجة الى توضيحات.. وبدا واضحاً وفق المصادر ان Bail in اختياري في حين لم يحرر سعر صرف الليرة، لكن الخطة وفق ما تردد تضمنت ما يعرف بالزحف التدريجي للسعر فيصبح مرناً الى حين إطلاق الخطة الاقتصادية.

واشار الرئيس دياب الى ان هناك حاجة لشرح الخطة ومواكبتها، اعلامياً قد تصبح مفهومة على ان اي تطور يسجل، يعدل ضمن اطار.

وكشفت المصادر ان الوزراء عماد حب الله وحمد حسن وعباس مرتضى اصروا على الا يكون سعر الصرف محرراً وتوقفوا عند الـBail in الذي يشمل اقتطاع قسم من اموال المودعين لفترة معينة، وأضحى القرار اختياراً وغير إلزامي.

وحسب معلومات «اللواء» جرى التحفظ من قبل وزير الصناعة عماد حب الله، على بند تحرير سعر صرف الليرة تدريجياً حتى يصل الدولار الى سعرثلاثة الاف ليرة خلال اربع سنين فتأجل إقرار البند على ان يبقى سعر الليرة حسب ما يقرره مصرف لبنان. وتُرِكَ بند «بيل إن» اختياريا للمودعين الذين تفوق حساباتهم نصف مليون دولار اذا رغبوا بشراء سندات خزينة بنسبة من قيمة الوديعة او ترك هذه النسبة في المصرف لفترة مؤقتة. فيما شارك مدير عام وزارة المال آلان بيفاني في الجلسة وشرح مع وزير المال تفاصيل الخطة.

وجرى نقاش مطول حول بندي تحرير سعر الليرة و»بيل إن»، خرج خلاله عدد من الوزراء للاتصال بمرجعياتهم قبل اتخاذ القرار بشأن كل بند.

وذكرت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان هذه الخطة هي اطار عام تتيح للبنان بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي وحاملي سندات اليوروبوند والدائنين في فترة قريبة لإعداد برنامج سريع معهم حول معالجة ازمة الدين العام، ولكن مسارها التنفيذي سيستغرق بعض الوقت. ولكنها اول خطة من نوعها في لبنان للخروج من الازمة الاقتصادية والمالية، وهي بمثابة افضل الممكن نسبة الى ظروف لبنان السياسية واختلاف وجهات النظر في كل الامور المالية والنقدية وغيرها.

وقال الرئيس دياب بعد إنتهاء الجلسة ردا على سؤال: لا تعليق على كلمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحرير سعر الصرف ليس عند الحكومة إنما في مصرف لبنان.

وأكد دياب أن «أحدا لم يرفض مساعدة صندوق النقد الدولي»، وسأل: «إذا كانت الليرة ثابتة من قبل مصرف لبنان سابقاً فكيف ليس له علاقة بالموضوع الآن؟»

وقال الوزير حب الله بعد إنتهاء الجلسة: «أن سعر الليرة ثابت اليوم وغداً وبعد غد».

وكشف دياب في كلمة له من السرايا بعد الجلسة أن «هذه الخطة ستضع لبنان على المسار الصحيح نحو الانقاذ المالي والاقتصادي». وقال: تعتمد هذه الخطة على ستة مكونات رئيسية متداخلة: المالية، الاقتصادية، المصرفية والنقدية، والحماية الاجتماعية والتنموية».

وفند رئيس الحكومة الخطة الاقتصادية قائلا: تنطلق الخطة من ضرورة البدء فوراً بتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، وهي على مستوى إدارة الدولة، والسياسة المالية، والقطاع المالي، والمصرف المركزي، والحساب الجاري، وميزان المدفوعات، وهي حدّدت أهدافاً على مدى خمس سنوات هي:

- في المالية العامة، سوف نقوم بالإصلاحات الأساسية، مثل قطاع الكهرباء، ونظام نهاية الخدمة، وتعويض الصرف، والضرائب العادلة والتصاعدية التي لا تصيب العمل والإنتاج. وسوف تحظى مسألة استعادة الأموال المنهوبة بحيّز أساسي من عمل الحكومة للتعويض على اللبنانيين عن الجرائم التي اقترفت بحقهم.

- يهدف البرنامج إلى العودة إلى الفائض الأولي في المالية العامة في العام 2024، وهيكلة محفظة الدين السيادي، وتقليص نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي إلى ما دون 100 بالمئة، وهذا سوف يحمي لبنان في المستقبل من الصدمات والتقلبات.

- تهدف الخطة إلى إعادة هيكلة القطاعين المصرفي والمالي للسماح للإقتصاد بإعادة الإنطلاق، وتوفير فرص عمل جيدة ومستدامة، وإطلاق قطاعات اقتصادية واعدة جداً تتماشى مع قدرات اللبنانيين العالية.

وقال: على صعيد القطاع المصرفي، تهدف الخطة إلى حماية أموال المودعين وتقوية المصارف وإعادة هيكلتها، لكي تستطيع تأمين أموال الناس والخدمات الأساسية للاقتصاد، على أن يعيد البنك المركزي التركيز على عمله الأساسي، أي حماية الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي:

- توجد خسائر كبيرة في النظام، ويجب أن نتعاون في تحمّلها، دولة ومصرفاً مركزياً ومصارف، لكي نعاود الإنطلاق باقتصادنا في أسرع وقت. وسوف نسعى إلى امتصاص الخسائر بشكل عادل، أي من دون تحميل من لم يستفد من سياسة الماضي أية أعباء.

- نريد مساهمة من الفوائد الخيالية التي دفعت، ومن الذين جنوا أرباحاً من الهندسات،وايضاً من الذين خالفوا القوانين وسرقوا المال العام كما يمكن الاتكال جزئياً على رساميل المؤسسات المصرفية وأموالها في الخارج، والعقارات التي تملكها، والعقارات المملوكة من مصرف لبنان، وغيرها من الأصول

وأضاف: أننا «سنمضي في طلب برنامج مع صندوق النقد الدولي، وإضفاء الطابع الرسمي على مفاوضاتنا مع الدائنين لسندات اليوروبوند والمضي قدمًا فيها، وبالتالي تخفيض عبء الدين عن مواطنينا، وتقديم رؤيتنا لطريقة التعافي الاقتصادي إلى أصدقائنا الدوليين وشركائنا والمستثمرين في الداخل والخارج».

وأعلن دياب أن «أبرز مشاريع القوانين التي تقدّمنا بها تتعلّق بالسرية المصرفية وتعليق المهل القانونية والقضائية وتشارك الحكومة عبر وزارة العدل بالبحث في اقتراحات ومشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وباستقلالية السلطة القضائية التي هي قيد الدرس أمام اللجان البرلمانية».

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر رسمي قوله: إن «خطة الإنقاذ الإقتصادية اللبنانية تستند إلى سعر صرف 3500 ليرة للدولار».

وخلال الجلسة، لفت الرئيس عون الانتباه الى اهمية اقرار الخطة «التي اعدت لأول مرة، بعدما كاد عدم التخطيط وعدم استشراف المستقبل ان يصل بالوضع الى الخراب». وهنّأ رئيس الجمهورية العمال بعيدهم، مشيراً» الى صعوبة الحالة التي تمنع تحقيق مطالبهم، محذراً من ان «اي تطورات سلبية تقع حالياً، تنعكس على الوضع العام ويصبح اسوأ».

 واوضح دياب ان الخطة التي اقرت ليست تاريخية فحسب بل تحدد مسار الدولة اللبنانية لإصلاح الواقع الحالي، لافتاً الى ان الارقام كانت غب الطلب وتخفي العجز الذي كان ناراً تحت الرماد. وقال: نحن نقول للبنانيين بكل صراحة ما يدور، وبإقرار هذه الخطة نكون قد وضعنا القطار على السكة.

على ان المثير للاهتمام، هو مسارعة الرئيس عون دعوة رؤساء الكتل النيابية الى «لقاء وطني في قصر بعبدا الاربعاء لعرض برنامج الحكومة الاصلاحي».

وفي الوقت الذي لم ينقل عن الرئيس نبيه بري اي موقف من دعوة عون، قالت مصادر نيابية ان لرئيس الجمهورية الحق في أن يدعو النواب الى قصر بعبدا من باب الاستئناس بالرأي انما مثل هذه اللقاءات لا تقرر وهي غير ملزمة.

لكن المصادر قالت ان مثل هذه الدعوة غير مفهومة المغزى منها ومن هم أصحاب الفكرة رئيس الجمهورية ام المستشارين، ولماذا توقيتها مع موعد لقاء الاربعاء؟

وسألت هل تمت الدعوة بالتنسيق مع رئيس المجلس ام لا؟ وفي حال لم يكن هناك من تنسيق فهذا ربما يفتح مشكلة كبيرة بين قصر بعبدا وعين التينة.

وقالت مصادر نيابية ان من حق رئيس الجهورية دعوة رؤساء الاحزاب، اما دعوة رؤساء الكتل النيابية فهي تعد سابقة.

وكشفت المصادر ان نصوص الدستور واضحة لجهة صلاحيات رئيس الجمهورية لتوجيه رسائل الى مجلس النواب «عندما تقتضي الضرورة» (البند 10٪ المادة 53) او الطلب الى مجلس الوزراء حل مجلس النواب (المادة 53)، او الحق بتأجيل انعقاد المجلس «الى امد لا يتجاوز شهراً واحداً، وليس له ان يفعل ذلك في العقد الواحد (المادة 59).

ولم تشأ المصادر استباق المشاورات النيابية التي تحصل ازاء الدعوة ليبنى على الشيء مقتضاه..



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024