فرض فيروس كورونا «الحجر التشريعي» على النواب من خلال عقد الجلسة العامة في قصر الأونيسكو بدلاً من ساحة النجمة. وهذه الجلسة هي الأولى التي تلت الجلسة التي انعقدت في مقر المجلس في السابع والعشرين من كانون الثاني الماضي والتي خصصت لإقرار موازنة الـ2020، تلتها جلسة الثقة لحكومة الرئيس حسان دياب في الحادي عشر من شباط المنصرم.

من حيث الشكل كانت الجلسة ناجحة حيث طبقت في عملية توزيع مقاعد النواب واماكن جلوس الوزراء المواصفات الطبية المطلوبة لتفادي الاختلاط وبالتالي تجنّب الإصابة بالوباء، وفي المضمون فقد نجح الرئيس نبيه برّي أقله في اليوم الأوّل لانطلاق هذه الجلسة في نزع فتيل الانفجار الذي كان مرتقباً بين الحكومة ومعارضيها نتيجة الانقسام الحاصل حيال الكثير من الملفات الساخنة، وذلك من خلال تحييد الكلام النيابي في الأوراق الواردة في بداية الجلسة على غرار ما يحصل في جلسات مماثلة بحجة ضيق الوقت والحرص على مناقشة وإقرار أكبر قدر ممكن من المشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول أعمال الجلسة وعددها (66)، لتتحول الجلسة في ضوء ذلك إلى جلسة تشريعية بامتياز، وكان هناك اتفاق غير معلن قد جرى لاستدراك هذا الأمر، لكن كان اللافت الرسالة التي غمز بها الرئيس برّي من قناة المستشارين في قصر بعبدا، بعد ان استفزه ما قالته النائب بولا يعقوبيان من ان الأسباب الموجبة التي أدّت برئيس الجمهورية إلى إعادة القانون المتعلق بالاجازة للحكومة إنشاء نفق لطريق بيروت - البقاع على طريقة الـB.O.T تضمنت ما يشبه التوبيخ لمجلس النواب، حيث قال رئيس المجلس بأن رئيس الجمهورية لا دخل له بهذا الرد الذي هو أسلوب المستشارين، مؤكداً ان هذا الكلام لا يُساعد على التعاون. وكان للرئيس برّي أيضاً كلام آخر في محطة ثانية شكل رسالة لمن عطل الجلسة السابقة حيث قال: إن هذه الجلسة معروف منذ متى كان محدد موعد انعقادها، ومعروف من عطلها، فالمجلس وضع كل المشاريع واقتراحات القوانين على جدول الأعمال، وهو سيبقى يقوم بواجباته وأكثر.. «شو ما حكيو».

في موازاة ذلك، كان الرئيس حسان دياب خلال الجلسة دبلوماسياً لبقاً في التعاطي مع مداخلات النواب حول بعض المشاريع، وكانت له لفتة مسائية بعد ان كان سحب مشروع قرض للزراعة، هذه اللفتة تمثلت بالإسراع في انتزاعه تحسين شروط القرض لصالح المزارعين من منظمة «إيفاد»، وهذا الامر ستعاد مناقشته اليوم بعد ان كان قد علق النقاش به بالأمس.

هذا الهدوء الذي طبع أجواء الجلسة يساهم إلى حدّ كبير في أن تكون الجلسة منتجة تشريعياً، حيث بلغت المشاريع واقتراحات القوانين التي صدقت العشرين، فيما احيلت أربعة مشاريع وثمانية اقتراحات قوانين إلى اللجان بعد ان سقطت لحظة التصويت عليها بصفة المعجل المكرر.

وكان من أبرز الاقتراحات التي تمّ التصديق عليها اقتراح قانون زراعة القنب «الحشيشة» للاستخدام الطبي، كمدخل لتأمين موارد مالية، ومعالجة هذه الآفة المزمنة ومفاعيلها الاجتماعية بحسب الذين ايدوا الاقتراح، الذي عارضه نواب «حزب الله» و«المستقبل» وكتلة نواب الأرمن، كما صدق المرسوم الرامي إلى إعادة قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي كان قد رده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

اما أبرز اقتراحات القوانين التي سقطت، الاقتراح المعجل المكرر لقانون العفو العام المقدم من النائبين ميشال موسى وياسين جابر، وقد لوحظ ان هناك اقتراحات أخرى فأحال الرئيس برّي جميع هذه الاقتراحات إلى اللجان المشتركة واعطاها مهلة 15 يوماً لدراسة الاقتراحات القديمة والجديدة، بعد ان كان اعترض النائب جبران باسيل قائلاً انه لا يجوز التشريع تحت جناح كورونا، ورد برّي عليه قائلاً: من حق المجلس ان يشرع.

كما احال رئيس المجلس اقتراح قانون الإثراء غير المشروع إلى اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة والتي تدرس منظومة القوانين المرتبطة بالاثراء واسترداد الأموال المنهوبة، ورفع السرية المصرفية والجرائم المالية.

كما صادق المجلس على مرسوم إعادة القانون المتعلق بالاجازة للحكومة وإنشاء نفق لطريق بيروت - البقاع على طريقة الـB.O.T، وصادق من خارج الجدول على اقتراح التمديد للهيئتين التشريعية والتنفيذية في المجلس الشيعي.

ومن المقرّر ان يعود المجلس ويناقش في الجلسة التي يرجح ان تنتهي اليوم بدلاً من يوم غد الخميس مشروع القانون الرامي إلى تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية، بعد ان ضم إليه اقتراحين مماثلين، بالإضافة إلى 32 اقتراح قانون معجل مكرر ما زالوا على جدول أعمال الجلسة.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024