ثمة أسئلة مفيدة، وبعضها محرج، لكنه ليس خطيراً: إجراءات التعبئة العامة، التي قررها مجلس الوزراء في 15 آذار كخطوة باتت بالغة الضرورة لمواجهة انتشار وباء فايروس كورونا، ومددت تباعاً لمرات، وآخرها بدءاً من يوم أمس، وحتى منتصف ليل 24 نيسان الجاري، بمعدل أسبوعين، مع قرارات اتخذها وزير الداخلية، من ضمن التعبئة، وتقضي للحد من الازدحام في الشوارع باعتماد نظام السير المفرد والمزدوج طوال أيام الأسبوع، باستثناء السير يوم الأحد، إذ عاد وسمح فقط لسائقي السيّارات العمومية التي تخرج للعمل، وسط شكاوى ملموسة من انعدام الركاب، وحركة الانتقال.. من الاسذلة المفيدة، وغير المحرجة، وغير الخطيرة؟

1- إلام سيستمر اجراء التعبئة العامة؟

2- إلى حدّ يمكن للبنان تحمل تعطيل دورة الإنتاج، على محدوديتها، سواء في الزراعة (وهذا موسمها) أو في الصناعات المحلية، التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها في مواجهة الفايروس القاتل؟

3- إلام يمكن تحمل تعطيل الدورة المالية، وتغذية الخزينة بالضرائب وسداد الرسوم، مع شلل تام في عمل المصارف، وترك الحرية الكاملة لمدراء وموظفي المصارف، للعمل بطريقة، كيفية، تسلطية، متذرعة بإجراءات التعبئة العامة؟

واسئلة وراء أسئلة، ودائماً حسن النية هو الأصل، في تداولها، ماذا عن المساعدات المتواضعة التي اوقف الجيش اللبناني توزيعها الذي كان مقرراً على المحتاجين اليوم، وسط تلاعبات، يؤمل ان تكون محدودة، من قبل نافذين أو سلطات محلية، لا شأن للقوى المكلفة التوزيع بها، وإلام يمكن ان تدوم، في بلد تنهشه الأزمات، قبل الكورونا، وبالطبع بعدها.

وماذا عن الذين يفقدون أعمالهم من جرّاء الكساد، أو أولئك الذين عادوا من بلاد الاغتراب، والمهددين بخسارة اشغالهم وأعمالهم؟

والأنكى، في ظل الوباء الذي صار أزمة، ان المواطن اللبناني، بصرف النظر عن منطقته، أو لونه الديني أو المذهبي بات تحت ضغوطات بالغة الصعوبة، مثلثه الاضلاع:

1- نار المصارف، وانهيار الليرة وارتفاع الأسعار.. والغلاء المريع، الذي تجاوز حدوده، حتى في ظل الأزمات السابقة، بما فيها الحروب والاعتداءات والغزوات الإسرائيلية.

2- نار كورونا، والحبس المنزلي، بمعنى «الحجر الصحي» الضروري والمفيد، بلا أدنى شك.

3- البطالة، والعجز المالي لدى العائلات، والموت البطيء للرواتب والأجور، التي ما يزال أصحابها يتقاضونها..

في الوضع هذا، وفي ظل أزمة كونية، ترتبت على الفايروس الكوني، الذي ضرب العالم (والكل يتابع تفاصيل تداعياته على الاقتصاد والأعمال، والبطالة، والخسائر المالية بالمليارات، فضلاً عن القتلى والمصابين بالفوبيا الكورونية، في الأوقات المقبلة. وفي ظل التوجهات الدولية، على الحكومة اللبنانية، ان تبدأ خطوة الألف ميل في فك الحجر المنزلي، وإعادة الحياة إلى الدوران الطبيعي، ولو ببطء وبخطوات مدروسة، انطلاقاً من:

1- إعلان مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أوهاتوم غيبريسوس من جنيف ان الكورونا أشدّ فتكاً من H1N1 2009، وان وقفه يحتاج إلى لقاح، داعياً إلى رفع الحجر الصحي، في العالم ببطء..

2- إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ان قرار إعادة فتح الاقتصاد الأميركي قيد الدرس «وسأتخذ قريباً قراراً بالتشاور مع حكام الولاية وآخرين».

3- إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان فايروس كورونا بدأ يتباطأ في فرنسا، وسيتم تمديد الحجر المنزلي حتى 11 أيّار والبالغ الصرامة مشترطاً التحلي بالحس المدني والمسؤولية واحترام القواعد المفروضة، وإذا واصل انتشار الفيروس فعلياً تباطؤه، معلناً عن إعادة فتح تدريجية لدور الحضانة والمدارس في فرنسا في 11 أيّار..

وبدأت اسبانيا، باستئناف بعض انشطتها الاقتصادية مع عودة عمال البناء والمصانع إلى عملهم اثر توقف استمر أسبوعين..

في الوقائع اللبنانية، مع اكتمال عمليات اجلاء اللبنانيين المغتربين من البلدان التي كانوا فيها، سواء البلدان العربية أو أفريقيا أو أوروبا، تتضح مسارات احتواء أو انتشار كورونا..

وانطلاقاً، من تباطؤ الفايروس في لبنان، واذا ما حافظت العملية على تباطؤها (اصابتان فقط يوم امس)، فإنه يتعين على الحكومةان تقيم موضوعياً، وفي ضوء تجارب دولية، مثل تجربة السويد وسواها، لإعادة النظر بالتعبئة العامة ومندرجاتها، بعد تاريخ 24 نيسان الجاري..

وذكرت مصادر متابعة ان خطة حكومية قيد الاعداد ستقدم بعد انتهاء التعبئة.

ومع ان التباطؤ لا يجوز ان يدفع النّاس إلى الاستسهال وعدم الالتزام والتفلت خشية من مفاجآت مرضية مفاجئة، مع الإشارة إلى ان الوباء الخبيث، لم يصب البلد بالصميم، والمطلوب مواصلة المقاومة المجتمعية له، على حدّ تعبير وزير الصحة حمد حسن.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024