منذ 7 سنوات | العالم / السفير

الى أين تسير القاهرة في علاقتها مع روسيا؟
ربما يصل بوتين قريبا (قبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري) الى القاهرة ليدشن مشروع إقامة محطة نووية في «الضبعة».. وستصاحب هذا عودة روسيا الى المتوسط بعد الواقعة الشهيرة التي طرد فيها السادات الخبراء السوفيات (سنة 1972)، إيذانا بعصر جديد يرحل فيه «الشرق» الروسي ليصل «الغرب» الاميركي.
كان وقتها «الشرق شرق والغرب غرب»، إلا ما تصنعه «مشاريع الخلاص الكبرى وايديولوجيتها» بالدول... وهي مشاريع وصلت الآن الى مرحلة يمكننا ببعض المبالغة أن نسميها «مرحلة ترامب..».
العالم يعيش مرحلة «ترامب..» قبل وصوله الى موقع المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تعد غربا فقط كما لم تعد روسيا شرقا.. أو بعيدة عن مجال حركة «العالم المسيطر عليه بقبضة وحيدة..». ترامب هو علامة نهاية هذا العالم، وكما في الأساطير الدينية، فإن هذه العلامات تصاحبها الغرابة والدهشة، وإن كانت بالتحليل السياسي والواقعي هي مجرد «تجسيد للركام العفن الذي فاضت به نماذج الحياة والسياسة..».
ترامب... هو خروج «اللاوعي الموحش» الى الواقع ليعيش بعدما تراكم في الظلام بعيدا عن جماليات الديموقراطية وحقوق الانسان والمساواة... هذا الجانب المعتم والموحش لم يذهب بعيدا مع إعلان حقوق الانسان وقيام الدولة القومية ونشر الديموقراطية، لكنه أُبعد الى «الحدائق الخلفية..»، ومع غياب العدالة وسطوة التوحش الدولي وسقوط مشاريع الخلاص في متاهاتها القاسية، تضخّم اللاوعي وانفجر لنرى ترامب حولنا في كل مكان...
ـ 2 ـ
ترامب ابن مخلص للنفايات...
ظهرت نسخ استباقية له في الديموقراطيات العريقة (مثلا بريطانيا..) وستتبعه نسخ لها نكهة أوروبية (مثلا السيدة لوبان في فرنسا)... لكن الموطن الأصلي للترامبيين هو الديكتاتوريات ذات القناع البيروقراطي، تلك التي تعامل معها العالم كله شرقه وغربه على انها «مدفن نفايات..» وكانوا مبشرين بالعالم، ولذلك يضمر سكان بقعتنا الملعونة سعادة ما بقدوم ترامب.. فهو «يشبهنا..» وفي ذلك نوع من التشفي المثير للعجب، من الغرب المتعالي بأفكاره وتحضره وديموقراطيته.
هذا التشفي المزدوج (من الذات والآخر معا) بانتظار ترامب هو «هزيمة الوعي» الذي لم يستوعب فظائع الجانب المشرق من «تقدم» البشرية، وغياب العدالة العالمية، والاستسلام التام لحكم «الشركات» ذات الطابع المافيوزي..
ترامب هو الشر المنتظر... لكن كل معادٍ لوجوده سيفاجأ بأنه ينتظر الأمل من أنظمة ديناصورية (هيلاري، ساكنة المكاتب، هي رمز هذه الأنظمة بعجرفتها وركودها ومللها وتوحشها الأنيق القاتل..)... نعم ليس لدينا ما يوقف ترامب غير ديناصورات عجوز تلتهم كل ما على الارض ولا تحتمل معدتها ابتلاع كل ما تطحنه أسنانها...
ـ 3 ـ
...لا صوت يعلو فوق صوت الهوس!
لكنه هوس جديد تماما، خارج التصنيف التقليدي لمجانين الحكم والسلطة، وخارج الامبرياليات بمعناها الذي تلى حرب الخليج الثانية، وعودة بوتين للمتوسط، أو هجوم الصين على بلاد تبحث عن إنقاذ، مثل مصر وقبلها السودان، وهي جميعاً لا تعبّر عن توازن جديد، بقدر تعبيرها عن إيقاع تحركه غرائز ضد العقل ومن دون أقنعة الأفكار القديمة التي حكمت العالم بعد كارثة وجود هتلر.
ولهذا كلما تلفتنا وجدنا حولنا حكاما يتحولون الى ترامب، كما لو كان مسٌ من الجنون يصيب الجميع خوفا أو ذعرا...
نحن امام حرب لن يبقى منها الا كل ما هو ترامب او كل ما هو داعش.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024