اشارت صحيفة "الراي الكويتية" الى أن من "الرسائل المتطايرة" لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وخلاصاتِ القمة الروسية - اللبنانية في موسكو، وصولاً الى قمة تونس العربية (الأحد)، وما بينها من قرار الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتلّ، يفترض أن يكون الإطار الخارجي الذي يتحرّك في فلكه الواقع اللبناني قد اكتمل، بوقائعه واتجاهاته وحدود التدافع الخشن الذي يدور في سياقه.

وفيما يستعدّ الرئيس ميشال عون لترؤس وفد لبنان إلى قمة تونس التي تقف أمام تحدي بلورة استراتيجية تعيد العرب الى المسارات الرامية الى إيجاد حل للأزمة السورية كما الردّ على خطوة ترمب حول الجولان التي فرّغتْ مبادرة السلام العربية (الأرض مقابل السلام) التي أقرت في قمة بيروت 2002 من مضمونها ومرتكزاتها، فإن تطورين أساسييْن طَبَعا المشهد الداخلي ويُنتظر أن يخفّفا من وهج العناوين الخارجية التي يرتبط لبنان بـ"صواعقها" سواء عبر حزب الله المطلوب رأسه في إطار المواجهة الأميركية - الإيرانية، أو من خلال ملف النازحين السوريين. والتطوران هما:

* نتائج قمة عون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين التي انعقدت أول من أمس في موسكو، خصوصاً لجهة تأكيد البيان المشترك أنهما "يؤيدان الجهود الرامية الى تطبيق مبادرة روسيا لتأمين عودة اللاجئين السوريين والمهجّرين داخلياً، ويؤمِنان بأن حلّ هذه المشكلة يعتمد مباشرة على تهيئة الظروف المؤاتية في سورية، بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية، من خلال إعادة الإعمار ما بعد الصراع. ويدعوان المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الى تأمين كل المساعدة الممكنة لهذه العملية".

وبمعزل عن البنود 13 الأخرى من البيان والتي ركّزت على تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات بينها الطاقة مع تأكيد عون وبوتين "قناعتهما بأن لا بديل عن الحل السلمي للقضية السورية استناداً لقرار مجلس الأمن 2254، ومقرَّرات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي" والمطالبة "بإيجاد حلّ عادل للمسألة النووية الايرانية مع الأخذ في الاعتبار حق إيران المشروع بالاستعمال السلمي للطاقة الذرية"، فإن أوساطاً مطلعة في بيروت رأت أن بند النازحين انطوى على تطور نوعي سيجري رصْد تداعياته على المقاربة اللبنانية الرسمية لهذا الملف.

وحسب هذه الأوساط، فإن فحوى البيان المشترك في هذه النقطة يعكس ان رئيس الجمهورية وفريقه، الذي كان يرفع شعار "العودة الآمنة الآن" للنازحين وبمعزل عن الحلّ السياسي معتبراً المبادرة الروسية جسراً لهذه العودة، لمس في موسكو - حليفة نظام الأسد والمايسترو الرئيسي في الملف السوري - عدم واقعية فصْل قضية النازحين عن مسار الحلّ ولو اختبأ الأمر خلف عنوان إعادة الإعمار التي ربط البيان العودة بها، وهي التي لا يمكن أن تنطلق واقعياً، بالدعم العربي والدولي المطلوب لها، إلا من ضمن سلّة تفاهم على الحل السياسي.

ومن هنا، ترى الأوساط أن الموقف اللبناني - الروسي من ملف النازحين يؤشر عملياً الى ما اصطدمتْ به المبادرة الروسية، ومن شأنه أن يخفف من وطأة الاستقطاب الذي كان بدأ يتّسع في بيروت حول عودة النازحين ومساراتها وآلياتها التي اعتُبر بعضها أنه يرمي الى تطبيع سياسي مبكّر مع النظام السوري من خارج العباءة العربية والدولية.

* والتطور الثاني، الإطلالة الهادئة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي فنّد فيها "البيان - البلاغ" كما وصفه الذي تلاه بومبيو من بيروت وتضمّن «مضبط اتهام» غير مسبوقة لإيران والحزب، وردّ أيضاً على القرار الأميركي حول الجولان.

وفيما اكتفى نصرالله بمواجهة الخطوة الأميركية بتسليم الجولان لإسرائيل بدعوة قمة تونس ‏لسحب المبادرة العربية للسلام من طاولة البحث، في موازاة الإشادة بالموقف الرسمي والسياسي اللبناني إزاء مواقف بومبيو، اعتبرتْ الأوساط أن حزب الله الذي يستعدّ لتلقّي موجة جديدة من الضغوط والعقوبات يحرص على إبعاد الداخل عن ميدان المواجهة الأميركية - الإيرانية ويحبّذ إبقاء ستاتيكو الاستقرار لعدم كشف ظهْره لبنانياً والتحصّن خلف الدولة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024