مقالة متعددة الجوانب، ضمت طيفاً من الآراء حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وما قد تقدم إسرائيل على فعله في حال حدثت مواجهة جديدة بينها وبين حماس في قطاع غزة، أثارت غضب الشارع الفلسطيني، ما دفع الصحفي الذي أجرى اللقاء للدفاع عن هذه الخطوة التي يرى أن الهدف منها هو إظهار للشعب الفلسطيني كيف يفكر ليبرمان.

غضب الفلسطينيين لم يكن نابعاً من محتوى المقابلة النادرة التي أجرتها صحيفة القدس هذا الأسبوع مع وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان فقط؛ بل كان أيضاً بسبب أن المقابلة أسمعت صوتَ أحد أكثر سياسيي إسرائيل تشدداً وتعنتاً وتصلباً؛ بل إنه كذلك من سكان المستوطنات الإسرائيلية المنشأة على الأراضي الفلسطينية، حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

والآن، تواجه صحيفة القدس – صاحبة الانتشار الأكبر في الضفة الغربية - إمكانية حظرها في غزة. فقد طالب صحفيون رئيس تحرير الصحيفة بتقديم مبرره للمقابلة واستيضاح سببها؛ لأنها تبدو بمثابة "تطبيع للعلاقات" مع إسرائيل، حتى إن زملاء الصحيفة نفسها يقولون إن نشر اللقاء كان غلطة.

فهذه أول مرة يجري فيها ليبرمان مقابلة مع صحيفة فلسطينية؛ لكن جرت العادة أن يظهر المسؤولون الفلسطينيون وزعماؤهم في الصحافة الإسرائيلية.

يقول محمد أبو خضير، الصحفي الذي أجرى اللقاء مع ليبرمان: "كانت فكرتنا أن نُرِي الشعب الفلسطيني كيف يفكر ليبرمان، فالناس تود أن تفهم اليمين الإسرائيل؛ي لأنه مجموعة يتزايد نموها في إسرائيل، ولعل ليبرمان يصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل".

وقال أبو خضير إنه سأل الوزير الإسرائيلي "15 سؤالاً ليست هينة"، ولم يترك له الفرصة كي يفلت دون تقديم إجابة، وقال إنه اندهش من فصاحة ليبرمان وسلاسة حديثه رغم كونه معروفاً بلغته الفظة وكلامه القاسي.

وقال الصحفي: "صحيفتي تنشر 3 صفحات من الأخبار الإسرائيلية وترجمات الإعلام الإسرائيلي كل يوم ولا أحد يعلق على ذلك!".

موقف نقابة الصحفيين

لكن وضع مقابلة ليبرمان يختلف. فنقابة الصحفيين الفلسطينيين الرافضة دائماً لكل أشكال التطبيع مع الإسرائيليين طالبت رئيس تحرير الصحيفة بـ"توضيح الظروف التي لفت المقابلة وبيان دوافعها".

وقالت النقابة إن ليبرمان "استغل الصحافة الفلسطينية لتوصيل رسائله التهديدية للشعب الفلسطيني".

من جهته، قال منير الغول، أحد المحررين بصحيفة القدس، في حديث له مع راديو الجيش الإسرائيلي، إن الصحيفة "ربما ارتكبت غلطة فادحة"، حيث قال أيضاً: "فالشارع الفلسطيني ومجلس تحرير الصحيفة، جميعهم في قمة الغضب".

وقال الغول إن المقالة لم تغطِّ المواضيع المهمة؛ مثل: المشكلات التي يواجهها آلاف الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والتوتر الدائم الذي تشهده القدس خاصة حول منطقة المسجد الأقصى وما بجوارها التي يطلق عليها اليهود اسم جبل المعبد.

وقال الغول: "لم يكن في المقالة شيء يذكر، ولهذا لعلنا نحن أيضاً غاضبون من زملائنا الذين أجروا هذا اللقاء".

طبقاً لترجمة المقال عن اللغة العربية، فقد قال ليبرمان إنه لا ينوي شن حرب من جديد على "جيراننا في غزة أو الضفة الغربية أو لبنان أو سوريا"، ولكن "الحرب المقبلة في غزة ستكون الأخيرة".

وكانت إسرائيل شنت هجوماً على قطاع غزة دام 50 يوماً صيف 2014، جاء بعد هجومين عسكريين إسرائيليين على غزة في 2012 وفي عامي 2008-2009. وكانت إسرائيل انسحبت من المنطقة عام 2005 انسحاباً من جانب واحد، لكنها منذ عام 2007 تمارس مع مصر حصاراً على المنطقة فتمنع دخول كل شيء عدا المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، حسب الـ"واشنطن بوست".

وقال ليبرمان إن إسرائيل غير مهتمة بالاستيلاء على أراضي غزة وأنها قد تبدي استعداداً لإعادة إعمار المنطقة ورفع الحصار عنها شريطة وقف إطلاق الصواريخ وحفر الأنفاق من غزة إلى إسرائيل وقفاً لا عودة فيه.

موقف ليبرمان من حل الدولتين

كذلك، أتت المقابلة على آراء ليبرمان في موضوع حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي؛ فالوزير الذي يقطن في مستوطنة نوكديم (المنشأة على أرضٍ يطالب الفلسطينيون بها لدولتهم المستقبلية) قال إنه مع فكرة الدولتين حلاً للصراع؛ لأنه "ينبغي فصل الشعبين بعضهما عن بعض".

كذلك، قال إن على المناطق الإسرائيلية التي يتركز فيها المواطنون العرب أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية وأن تقايضَ هذه بأراضي الضفة الغربية التي يعيش فيها المستوطنون الإسرائيليون.

خطأ لا يغتفر

ولكن في غزة قال سلامة معروف، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي، إن حماس تنظر في منع الصحيفة من النشر في غزة، وقال إن "القدس" تصرفت على نحو غير قانوني؛ لأن القانون الفلسطيني ينص على أن "جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل تعد جريمة".

وقال معروف: "ما فعلته الصحيفة لا يغتفر على الصعيد المهني ويعد جرماً على الصعيد الوطني، خاصة حينما يتعلق الأمر بالمتطرف ليبرمان المستفز الذي يضرب بحقوق الشعب الفلسطيني عرض الحائط".

وأضاف معروف أيضاً أنه يشك في الرسالة التي أرادت صحيفة القدس توصيلها، واتهمها بأنها أداة تنشر الدعاية الإسرائيلية.

أما في الضفة الغربية، فقد انتقدت وزارة الخارجية الفلسطينية المقابلة على التصريحات التي أدلى بها ليبرمان متناولاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حينما قال عنه إنه ضعيف وغير مؤهل للتوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل.

وختمت الخارجية الفلسطينية في بيان لها: "يحاول ليبرمان بشكل خفي أن يدق إسفيناً بين الشعب الفلسطيني وقيادته، كما يكرر الهجوم على محمود عباس مثل أسطوانة خربة".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024