منذ 7 سنوات | حول العالم / Huffington Post

بات القبض على مشاهير السوشال ميديا (الشبكات الاجتماعية) في السعودية يشكل خبراً متكرراً، فلا يكاد يخلو يوم دون الإعلان عن توقيف أحدهم، وإحالته إلى القضاء بعد تجاوزاته وخروجه عن إطار الأدب العام والحياء.

وأصبح هناك هوس لدى بعض هؤلاء المشاهير في استخدام البرامج ومقاطع الفيديو بشكل مسيء لا يتوافق مع أخلاقيات المجتمع السعودي بحثاً عن الشهرة.

تجاوزات هؤلاء المشاهير صدمت المجتمع وأثارت دعوات للتصدي لهذه الممارسات وفتحت جدلاً حولها وحول العقوبات القانونية لهذه التجاوزات، وهل هي رادعة بما يكفي أم صارمة أكثر مما ينبغي؟

مشاهير تم القبض عليهم

وتمكنت شرطة منطقة الرياض خلال الفترة الماضية من إلقاء القبض على عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة لاستخدامهم السيئ والمخالف للقانون والعادات الاجتماعية، حيث أوقفت الشاب الملقب "أبو سن"، أحد مستخدمي برنامج البث المباشر "يو ناو" لظهوره بشكل مسيء.

ونال أبوسن شهرته من خلال فيديوهات كوميدية قام بنشرها لمحادثة عبر برنامجyou now، مع فتاة أميركية كريستينا (21 عاماً)، وهو ما أثار سخرية رواد الشبكات الاجتماعية.

كما ألقت الشرطة القبض على "المنسدح" أحد مشاهير سناب شات بعد مقاطعه المسيئة آخرها انتشار مقطع فيديو تحدث خلاله بألفاظ غير لائقة؛ وظهوره بمقاطع خادشة، إضافة لتصويره مشهد إزعاج الهلال الأحمر بدعوى تناوله حبوب الفياغرا.

تحرش بأحد الأطفال

وتمكنت الأجهزة الأمنية السعودية بمنطقة الرياض من إلقاء القبض على ماجد العنزي على خلفية انتشار فيديو خاص به على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يتحرش بأحد الأطفال بالكلام والإيحاءات.

ويعتبر ماجد العنزي من الشخصيات المثيرة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تمكن من تحقيق الشهرة، بعد أن انتشر له مقطع فيديو وهو يتحدث مع فتاة أميركية تدعى كاتي عبر موقع السناب شات، ما أثار ضجة كبيرة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر.

إلا أن العنزي أقدم على التحرش لفظياً بأحد الأطفال المعجبين به في فيديو آخر، ولم تكن هذه المرة هي المرة الأولى التي يتحرش بها بالأطفال، الأمر الذي أغضب الجميع وطالبوا بمحاسبته.

موقف المجتمع

واستهجنت شريحة كبيرة من أفراد المجتمع السعودي ما ورد في تلك المقاطع، مطالبين بمعاقبة أصحابها والحد من ظهور تلك الشخصيات المؤثرة سلباً على المجتمع.

غرامة 3 ملايين والسجن 5 سنوات

المحامي يعقوب المطير قال لـ"هافينتغون بوست عربي"، إنه بالنظر للعقوبات الواردة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية؛ فقد أتاح النظام للقاضي الاكتفاء بعقوبة الغرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال وسجن لا يقل عن 5 سنوات، استناداً لنص المادة السادسة من النظام.

وأضاف "للقاضي سلطة تقديرية في العقوبة، فله مثلاً تقدير الظروف المخففة للعقوبة مثل طبيعة الجرم المرتكب، وسن المتهم وعدم وجود سوابق قضائية وظروفه الاجتماعية وإبداء الندم ونحو ذلك".

وتابع: "عقوبات نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (جرائم الشبكات الاجتماعية المعروفة بالسوشال ميديا) ليس هدفها إنهاء مستقبل مرتكب الجريمة، لكن القصد منها تقويم سلوك المتهم وتحقيق الردع الخاص له بحيث لا يعود المتهم لارتكاب نفس الجرم مرة أخرى، وكذلك تحقيق الردع العام للمجتمع؛ لأنه وبكل بساطة إذا لم يجرم المخالف لنظام الجرائم المعلوماتية لانفرط عقد الأخلاق العامة وضاعت القيم المجتمعية والدينية".

الجهل بالقانون ليس عذراً

وأوضح المطير أن هيئة التحقيق والادعاء العام تتولى في هذه الجرائم مباشرة التحقيق، وكذلك تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تقديم الدعم الفني لسبر غور الجرم في مرحلة التحقيق والمحاكمة".

وأشار إلى أن "الجهل بالقانون ليس بعذر، لذا فكافة مؤسسات المجتمع المدني والأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلام والكيانات القانونية (المحامون والقانونيون والقضاة وأعضاء هيئة التدريس في كليات الشريعة والقانون) منوط بهم التعريف بالقانون وتنمية التثقيف والوعي القانوني الإدراكي لأفراد المجتمع تجنباً لمخالفة النظام".

جيل يمارس التسطيح والعبث

من جهة أخرى تقول المرشدة الاجتماعية نوف العصيمي: "علينا الإقرار بأن غالبية الشباب السعودي لا يتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بالشكل السليم، وأنه يمارس انفلاتاً سلوكياً وأخلاقياً بات يشكل ظاهرة سلبية تثير الاستياء"، حسب قولها.

وتضيف في حديثها لـ"هافينغتون بوست عربي" أصبحت حالة الانفلات تلك حالة متكررة بشكل كبير يوحي بتأثر المتابعين بهؤلاء المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي حتى بات الأغلبية من المراهقين يتعاملون معهم كما لو كانوا قدوة! وهذا مكمن الخطر في الموضوع، لأن ذلك خلق لنا جيلاً يمارس التسطيح والعبث وربما التحرش اللفظي بشكل علني دون دراية بالعواقب القانونية لذلك وربما دون اكتراث".

وتابعت قائلة: "والدليل على ذلك انتشار مقاطع مسيئة وخادشة في مواقع التواصل لبعض أولئك الشباب ممن يطلق عليهم مشاهير السوشال ميديا، وتسببت تلك المقاطع بإلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم وربما أدت لسجن بعضهم، فكانت بداية النهاية لمستقبلهم والذي تسبب به مقطع لا تتجاوز مدته الدقيقتين!".

الانبهار ببريق الشهرة

وتؤكد العصيمي أن غالبية المستفيدين من تلك البرامج يجهلون بشكل تام قوانين وعقوبات ما يسمى الجرائم الإلكترونية، وهذا الجهل يجعلهم يستمرون في الإسفاف وإساءة السلوك وعرض المقاطع التي تعرضهم للمحاكمة لما فيها من انتهاكات
أخلاقية وسلوكية واضحة وصريحة.

ولمواجهة ذلك، تقول العصيمي: "علينا فهم الأسباب الدافعة لهؤلاء الشباب لمثل هذه التصرفات، فنجد أن غالبيتهم ينبهر ببريق الشهرة التي تتحقق، كلما كان المقطع ذا محتوى حساس أو مخالف، وكذلك فإن لديهم غياباً في التوعية الأخلاقية والقانونية التي من شأنها ردع مثل تلك التصرفات.

ورأت أنه مجرد تداول المقطع بين الناس، وإن كان المجتمع يرفض محتواه ضمنياً فإن هذا يحقق للشاب ما يتمناه من شهرة، لذا على الجميع عدم تداول مثل تلك المقاطع حتى يخفت هذا السلوك تدريجياً ويفقد الشاب ذاك الحماس المتحقق جراء انتشار المقطع.

وأردفت قائلة: "الموضوع بالفعل بات حالة تستحق الدراسة والمعالجة، وهذا يتطلب تكاتفاً لجميع المؤسسات المعنية بذلك".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024