شكّلت الزيارة التي قام بها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس، محاولةً متقدّمة لإنهاء مأزق التأليف المستمرّ منذ 133 يوماً، وسط مناخاتٍ أوحتْ بالحاجة إلى طيّ هذه الأزمة. 


 وجاءت زيارة الحريري لعون حاملاً «أفكاراً جديدة» بعد شهر على آخر لقاء معلَن حصل بين الرجلين وتخلّله تقديم الرئيس المكلف صيغةً مبدئية أبدى رئيس الجمهورية ملاحظات جوهرية عليها ولا سيما في ما خصّ تمثيل حزبيْ «القوات اللبنانية» مسيحياً و«التقدمي الاشتراكي» درزياً.


ورغم هذه المحطة المفاجئة عشية الإطلالة التلفزيونية للحريري اليوم، فإن الأوساط السياسية تعاطت معها بحذر شديد وعلى طريقة «ما تقول فول تيصير بالمكيول»، مستعيدةً تجارب المرحلة السابقة منذ مايو الماضي والتي أشيعت فيها أجواء تفاؤل سرعان ما أجهضتْها الفيتوات المتبادلة.


وقبيل وصول الحريري عصراً الى قصر بعبدا، بدا تحرّكه الجديد وكأنه يسير بين حدّيْن: الأول عبّر عنه رئيس البرلمان نبيه بري بكلامه أمام النواب في «لقاء الأربعاء» عن «بصيصِ أملٍ» تمنى ان يُترجم في لقاء عون - الحريري متحدثاً عن «حصول توازن في التنازلات على ما يبدو» وعن ان «الرد الوحيد على التهديدات الاسرائيلية يكون بتشكيل حكومة».

 والحدّ الثاني رسَمه نائب رئيس البرلمان ايلي الفرزلي القريب من عون بتلميحه إلى ان ما يحمله الحريري هو «الفرصة الأخيرة» قبل نقْل رئيس الجمهورية ، الذي يطفئ نهاية هذا الشهر العام الثاني من ولايته، الأزمةَ من كنفه في إشارةٍ الى إمكان مخاطبته البرلمان في رسالةٍ تمهّد لتوصية من أكثرية وازنة تحدّد للحريري معايير الحكومة الجديدة كما يراها هذا الفريق. 


وكان لافتاً استباقَ الحريري زيارته لبعبدا ببيانٍ عن كتلته صدر الثلاثاء وتحدّث عن كلفة التعطيل وإضاعة الفرص، لافتاً في ضوء نسب التقديرات المعلنة حول الموازنة العامة إلى أنّ «هذه التقديرات يُفترض أن تشكّل جرس إنذار للعهد والمجلس النيابي والحكومة بكل اتجاهاتها بأنّ المراوحة في دوامة التجاذب واختلاق الأعذار والشروط والعودة إلى المربع الأول في عملية تأليف الحكومة، باتت غير مقبولة».


وإذ لم يكن كُشف عما حمله الحريري، إلا ان الأكيد انه ناقش أفكاراً جديدة تحت سقف صيغة حكومة وحدة بتوازناتٍ شبيهة بمسودّة 3 سبتمبر اي تُطمئن المجتمعين العربي والدولي ولا تعطي فريق رئيس الجمهورية الثلث المعطّل منفرداً ولا الثلثين مع «حزب الله»، وفي الوقت نفسه تُقارِب عقدتي تمثيل «القوات» و«الاشتراكي» بتنازلات متبادلة، وسط اعتبار أوساط سياسية أن ما عرَضه الرئيس المكلف سيكون أشبه باختبار نيات جديد لكل الأطراف. 


وفي وقت لم يتّضح «الخيط الأبيض من الأسود» بإزاء حركة الحريري وإيحاء أطراف معنية بأن «لا جديد تحت الشمس»، تحدّث الرئيس المكلف عن «ايجابيات، واتفقنا على تسريع تشكيل الحكومة اثر الاوضاع الاقتصادية وسيكون هناك لقاء ثان قريباً، وأنا متفائل جدًا من الأمور الراهنة». 


وبدا لافتاً ان حركة الحريري المستجدة ترافقتْ مع تأكيد نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «اننا حريصون على وحدة البلد، وتشكيل حكومة وطنية بأسرع وقت»، وذلك بعدما أعلن «لا تعنينا مسرحية نتنياهو الإعلامية العاجزة ولا تهديداته، نحن معنيون بجهوزيتنا الكاملة والفعلية لمواجهة العدوان الإسرائيلي لو حصل، ومع استبعادنا له». يأتي ذلك على وقع تتويج «حزب الله» ترحيبه بمواقف عون الداعمة له قامت بها كامل كتلته البرلمانية للرئيس. 


وقد استهل رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد اللقاء، متوجهاً الى عون «إن الموقف الذي اتخذتموه أثلج قلوب جميع اللبنانيين».


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024