منذ 5 سنوات | لبنان / الديار

بعدما سلّم الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين أسماء أعضاء اللجنة المشتركة الروسية- اللبنانية لمتابعة المبادرة الروسية منذ يومين، تنصبّ الأنظار نحو أعمال الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ أعمالها بعد غدٍ الثلاثاء في 18 أيلول الجاري. فقد أعلنت روسيا عن هذه المبادرة في قمّة هلسنكي الأخيرة، عندما طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا تزال تنتظر ردود الدول الأعضاء في مجلس الأمنعليها لتأمين تمويل إعادة 5.6 مليون نازح سوري موزّعين على كلّ من لبنانوالأردن وتركيا ومصر والعراق والدول الأوروبية، وتأمل الحصول على الإجابات النهائية والواضحة على تقاسم تكاليف العودة، لا سيما من قبل الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا، خلال الاسبوع المقبل في نيويورك.

وإذ تضمّ اللجنة اللبنانية- الروسية لإعادة النازحين السوريين عن لبنان، جورج شعبان ممثّلاً عن الرئيس الحريري، والنائب السابق أمل أبو زيد عن وزارة الخارجية، فضلاً عن ممثل عن وزارة الدفاع، والمدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم المكلّف من قبل رئيس الجمهورية الإمساك بهذا الملف، تقول أوساط ديبلوماسية مواكبة، إنّها المرة الأولى التي يتمّ فيها الموافقة على مبادرة خارجية من قبل جميع الأطراف اللبنانية، بكلّ سهولة ومرونة، ومن دون أن تحصل خلافات داخلية حولها. وأشارت الى أنّ "إصرار الرئيس الحريري على عدم التعاطي مع النظام السوري الحالي لحلّ أزمة النازحين السوريين في لبنان، جعل اللجنة الأمنية "الروسية- اللبنانية- السورية" تتألّف من الأمنيين فقط، بناء لطلبه، على أن تكون برئاسة اللواء ابراهيم، كون هذه الأخيرة ستتواصل مع السلطات السورية. ويُشكّل هذا الأمر مخرجاً مناسباً لعدم إحراج الحريري.

وتجد بأنّ التوافق السريع على تشكيل اللجنة اللبنانية- الروسية لمتابعة موضوع المبادرة الروسية، يضع هذه الأخيرة على سكّة المرحلة التنفيذية لتأمين العودة الطوعية والآمنة للنازحين السوريين في لبنان الى بلادهم. وهذا يعني بالتالي أنّ دور الأحزاب في المساعدة على تحقيق العودة قد تراجع لصالح الأمن العام الذي يتولّى التواصل مباشرة مع السلطات السورية، ولهذا عمدت الى تسليمه الملف.

في الوقت نفسه، تقول الأوساط بأنّ تشكيل الحكومة الجديدة، بعد تأمين التوافق الداخلي على إعادة النازحين، من شأنه تسريع الخطوات التنفيذية للمبادرة، خصوصاً وأنّ روسيا جدّية في هذا الموضوع، ولن تتراجع عنها، حتى وإن لاقت رفضاً من قبل بعض الدول التي تعتمد عليها لدفع مبالغ كبيرة من تكاليف العودة. علماً أنّ التكلفة لا تقتصر فقط على الإعادة اللوجيستية للنازحين السوريين، إنّما تتخطّاها لتمويل إعادة إعمار القرى والبلدات التي تدمّرت، والتي تتطلّب نحو 300 مليار دولار.

أمّا معارضة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية للمبادرة الروسية، بحسب رأيها، فلا تتعلّق بشكل مباشر بعودة النازحين أو بتمويل العودة، بقدر ما ترتبط بشكل أساسي برفضها لإعادة النازحين قبل إيجاد الحلّ النهائي والشامل للأزمة السورية. فهذه الدول لا تزال غير مقتنعة بحسن نوايا روسيا، بل تعتقد أنّها تقوم بمناورة معيّنة لتعويم النظام السوري وإعادة الشرعية له، وتخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليه، وتعمل بالتالي على جمع الأموال اللازمة من المجتمع الدولي لإعادة إعمار سوريا بحجة إعادة النازحين.

غير أنّ هذا الأمر ليس صحيحاً، إذ يجب على هذه الدول أن تتقاسم الأعباء والمسؤوليات، على ما عقّبت، أي أن تتحمّل مسؤولية تمويل إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، كونهم يُشكلّون حيثما هم اليوم، في لبنان ودول الجوار أعباء هائلة تُرهق كاهل هذه البلدان. ولا يُمكن بالتالي أن يبقى المجتمع الدولي، على ما أضافت، بمنأى عمّا تتحمّله هذه الأخيرة، ولا سيما منها لبنانالبلد الصغير والضعيف الإمكانات، فقط لأنّها تعاطفت إنسانياً مع الشعب السوري الذي نزح من المعارك الدائرة على أرضه الى الدول الأقرب اليه. فيما دول الخليج العربي التي تنعم بالرفاه والإستقرار لم تستقبل أي نازح سوري على أرضها.

وعن وجود شروط تضعها روسيا على لبنان مقابل إعادة النازحين السوريين منه الى بلادهم، أفادت المعلومات بأنّ ما يهمّ روسيا بالدرجة الأولى، هو التوافق الداخلي على المبادرة التي قدّمتها وعدم تسييسها من هذا الطرف أو ذاك لكي تسير على السكّة الصحيحة. وهذا ما حصلت عليه فعلاً، عندما جرى التجاوب معها سريعاً من خلال تسليمها أسماء الجانب اللبناني في اللجنة المشتركة من دون أي اعتراض من أحد

وبناء عليه، تنتظر روسيا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال إلقاء كلمته في الجمعية العامة في نيويورك أن يدعو الى رفع المبادرة الروسية الى مستوى قرار في مجلس الأمن، بهدف تحصينها دولياً، وتقاسم الأعباء ودفع تكاليف العودة إذ لم يعد بإمكان لبنان تحمّل وجود أكثر من مليون و800 ألف نازح سوري على أرضه، لا سيما بعد عودة الإستقرار لـ 90% من الأراضي السورية . وتأمل بأن يتمّ التجاوب مع هذه الدعوة لكي تتمكّن من تسهيل عودة 1.7 مليون نازح سوري من لبنان ودول الجوار وأوروبا في مرحلة أولى، على أن تستكمل إعادة النازحين الآخرين على مراحل متتالية في المستقبل. علماً أنّ الرئيس السوري أعطى تسهيلات للمبادرة الروسية تقضي بإعطاء المتخلّفين عن الخدمة العسكرية الإجبارية مهلة 6 أشهر لترتيب أوضاعهم.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024