منذ 5 سنوات | لبنان / لبنان24



عام وأربعة أشهر مضوا على الجريمة الأولى التي شهدتها بلدة سرعين الفوقا في البقاع، شباط 2017 شهد على مقتل كلّ من محمد شومان شومان ومحمد زلفو شومان، والسبب يعود إلى "تشفيط سيارة"، قبل أن تعود نيران الثأر للظهور في ثاني أيام عيد الفطر لتحصد مزيداً من الأرواح.

الجريمة الأولى أدَّت إلى توقيف أبناء عارف شومان الثلاثة، وهم جميعاً أبناء المؤسسة العسكرية (حسنين، علي وعباس)، التحقيقات لم تفضِ إلى أيِّ نتيجة في الجريمة الأولى سوى أنّه اتخذ القرار بطردهم جميعاً من المؤسّسة العسكرية، ولاحقاً أثبتت التحقيقات ضلوع أحد الموقوفين في ثكنة أبلح العسكري محمد علي قزحيا شومان في مقتل محمد زلفو شومان لتطابق الرصاص مع سلاحه المرخَّص.

أما التحقيق في مقتل محمد شومان شومان فما زال مستمراً.

بالعودة إلى ما شهدته بلدة سرعين الفوقا يوم أمس السبت ثاني أيام عيد الفطر، فهو ليس بعملٍ مسرحي من إنتاج عائلي ولا هو عملٌ جماعي من إخراج " تجمع عائلة شومان"، بل هو كمين محكم نفّذ في "ضهور البطحة" من جهة الجرد على أناس عزّل كانوا يجلسون خارج المنزل في ردهة الدار في يوم العيد.

في التفاصيل، أنّه صباح يوم السبت، توقّفت سيارة أمام منزل المكمن له، زجاجها حاجب للرؤية، وكان أحد قاطني المنزل في طريق عودته من دكّان قريب، فنظر إلى السيارة علّه يرى من فيها، فجأة فُتح الزجاج على مهل، تقدم ليسأل من كان في داخلها:

- "مش عاجبك؟".

- ردّ عليه الآخر "مين حضرتك؟".

- فردّ عليه: "أنا فلان ابن فلان".

- ليردّ عليه الأخير: "لأ، مش عاجبني".

ومضت السيارة، وعاد الوضع إلى طبيعته.

كان منفّذو الكمين يفتّشون عن فتيل لإشعال الشّرارة، فما بين الساعة الثالثة والرابعة، فوجئ (جبّ بيت شبلي) بإطلاق وابل من الرصاص عليهم من قبل (جب بيت مراد)، ليسفر الكمين عن وقوع قتيلين أحدهما سيّدة لا ناقة لها ولا جمل وهي منى عبدالله شومان في العقد الخامس وكانت تقوم برمي كيس من النفايات خارجاً، فأصيبت برصاصة في ظهرها، وأحد مطلقِي النّار الرقيب حسين مفلح شومان.

منفّذو الكمين دخلوا خلسة من جهة الجرد، ترافقهم سيارة أخرى نوع "بيك آب -  تاكوما" جميع من بداخلها مسلح وملثّم، وأطبقوا على المنزل ومن فيه، وأوقعوا خسائر فادحة في الأرواح وفي الممتلكات، واستمرّ مسلسل إطلاق الرصاص وقتاً طويلاً، حتّى أنّ رئيس بلدية سرعين عطريف شومان لم يسلم منهم، فأطلقوا النار على سيارته، وأمطروها رصاصاً، بعد أن قام بركن سيارته في وسط الطريق ليمنعهم من الوصول إلى المنزل المكمن له، خوفاً من الإبادة الجماعية.

وبحسب مصادر من داخل البلدة، وبالصور الموثّقة، فإنّ مطلقي النار قد عرفوا بالأسماء، وبالجرم المشهود شوهدوا يتسلّحون ويتجعبون، وهم:

- سلمان شومان شومان.

- هلال وأبناؤه علي وباسل وهادي.

- مفلح شومان وأبناؤه علي ومحمد وحسين الذي قتل في الكمين.

- رجا شومان وأبناؤه علي وعباس.

- هشام شومان.

- حسين علي دبلان شومان.

الكمين أسفر عن وقوع عدد من الجرحى كانوا داخل المنزل المكمن له وهم: رائف علي صادق شومان في العقد الثالث (إصابة في خاصرته وفي العمود الفقري)، شقيقه عدي علي صادق شومان في العقد الثاني (إصابة في البطن)، ركان عدنان شومان (شظية في الرأس)، وأدخلوا إلى "المستشفى اللبناني - الفرنسي" في زحلة.

إضافة محمد مفلح شومان (إصابة في الصدر) والقتيل حسين مفلح شومان (إصابة في الرأس)، وقد أدخلا إلى مستشفى رياق.

والقتيلة منى عبدالله شومان (رصاصة في الظهر)، والتي كان من الممكن أن تنجو بحياتها لو سُمح بنقلها فوراً إلى المستشفى، إلا أنّها لفظت أنفاسها الأخيرة لدى وصولها للمستشفى، والطفل حسين (4 سنوات، أصيب بشظية قرب القلب) وهو يخضع للعناية المشدّدة في مستشفى "دار الامل الجامعي" في دورس - بعلبك.

السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا جنى معدّ الكمين مفلح شومان المتواري منذ يوم أمس، الذي كان يثأر لموت ابن شقيقته في الجريمة الأولى، سوى أنّه تسبّب بمقتل ابنه يوم أمس (حسين)، وأزهق روح سيدة بريئة؟

ألم يكن من الأجدى تحكيم لغة العقل على لغة الجهل والغوغائية، وتغليب مساعي الصلح التي كانت قد وصلت إلى خواتيهما الأخيرة عن الجريمة الأولى؟

وتشير مصادر من داخل البلدة إلى أنّ المسؤولية تحمّل إلى الفعاليات بسبب تلكّؤها في إتمام المصالحة عن الجريمة الأولى، ويحملونهم مسؤولية سقوط ضحايا آخرين.

وتتخوّف المصادر نفسها من عملية ثأر جديدة وهذا الكلام لا يوضع في خانة حقن الدماء فحسب، بل هو واقع طالما أن لغة التفرد في أخذ الحق هي السائدة في هذه الأيام، فالضحية منى لديها 10 أشقّاء بحسب المصادر. وإن لم يكن هناك مساع جدية بالمصالحة من قبل المسؤولين ورؤساء العشائر، فلائحة ضحايا "الأخذ بالثأر" في حلّ هذه القضية ستطول.

وكانت قيادة الجيش - مديرية التوجيه، قد أعلنت في بيان لها، أنّه "إلحاقاً لبيانها السابق المتعلّق بالإشكال الذي حصل في بلدة سرعين الفوقا بين أشخاص من آل شومان لأسباب عائلية سابقة، دهمت قوة من الجيش منازل عدد من المشتبه بتورطهم في الإشكال المذكور، حيث أوقفت 3 أشخاص، وضبطت بحوزة بعضهم 4 رمانات يدوية، وكمية من الذخائر الخفيفة والأعتدة العسكرية المتنوعة، بالإضافة إلى عدد من أجهزة الاتصال. وتم تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المراجع المختصة، وتستمر قوى الجيش بتعقب باقي المتورطين لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص".

وبحسب مطّلعين فلا رؤية واضحة في كيفية معالجة هذه الآفة التي بدأت تضرب جذور المجتمع البقاعي، صغاراً وكباراً، فالمعالجة تبدأ في النفوس أولاً، فلا رفع الغطاء عن المخلّين قد ينفع، ولا توقيف المتورطين قد ينفع، ولا نزع السلاح المتفلّت قد ينفع.

المطلوب تهيئة النفوس وتدريبها على تقبل "منطق وجود الدولة" وبأنَّها الآمر الناهي في كلّ الظروف.

أسماء ضحايا تضاف يومياً إلى لائحة من دفعوا حياتهم ثمناً باهظاً للسلاح المتفلّت في لبنان. وبما أنّ السلاح منتشر ومتوفر في أيدي "الزعران"، فإنّ اللائحة ستطول وستحصد أسماء جديدة إلى ما لا نهاية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024