نقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن أوساطٍ واسعة الاطّلاع تقديرها بأنّ ثمة ميْلاً أميركياً - خليجياً حتى الآن للأخذ بالاعتبار الحاجةَ إلى مداراةِ الواقع اللبناني الداخلي وترْك عملية التغيير فيه لوهْج التحوّلات التي ستنجم عن الاستراتيجية الحاسمة لكبْح جماح نفوذ إيران في المنطقة بالعقوباتِ الصارمة وسواها، وهو ما تتزايد مؤشراته في اليمن وسورية وربما العراق.
ولكن الأوساط نفسَها، بحسب "الراي"، لا تقلّل من وطأة مناخات الاستقطاب الداخلي المتدحْرجة على جبهتيْ ملف النازحين والعلاقة بين زعيم "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط وفريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومَخاطر تفلُّتها من الضوابط، لا سيما أن هذا الاستقطاب بدأ يتخذ أبعاداً طائفية ومذهبية يُخشى أن تهزّ ركائز أساسية في الاستقرار الداخلي، إلى جانب أنها ترخي بثقلٍ كبير على مسار تأليف الحكومة الذي تَبْرُز مخاوف حقيقية من أن يكون علِق "في شِباك" تعقيدات الداخل كما رغبة بعض الخارج باستعجال تكريس لبنان كقاعدةِ نفوذٍ لإيران في إطار "حصْرِ إرثٍ" مبكّر لـ"معركة الدور" التي تخوضها طهران في المنطقة.
وحسب هذه الأوساط، فإنّ قضية النازحين التي رَفع حيالها تكتل "لبنان القوي" برئاسة الوزير جبران باسيل شعار "لا عودة عن العودة" ومُطْلقاً مساراً بهذا الاتجاه اتّخذ منحى صِدامياً مع المجتمع الدولي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بدأتْ تتشابك "خيوطُها" المعلنة و"الخفية" مع تشكيل الحكومة، في ظل انطباعٍ بأن فريق عون، ويؤيده "من الخلف" حزب الله وحلفاؤه، أحْدث "ربْط نزاع" مع الحكومة العتيدة عبر رفْع هذا الملف إلى مصاف "أمّ الأولويات"، ما يترك علامات استفهام كبرى حول إمكان "تدوير زاويا" هذه القضية الإشكالية في البيان الوزاري وسط التقاءٍ داخلي على مبدأ عودة السوريين وتبايُنٍ حول التوقيت والآلية و"قناة" العودة (النظام السوري أو الأمم المتحدة) وإذا كانت ظروفها الشاملة باتت متوافرة.
وفيما تشير الأوساط عيْنها إلى كلام أطلقه النائب سليم عون (من "لبنان القوي") وصل إلى حدّ إعلان انه "إذا لم يكن هناك تفاهم وطني على ان يكون حل هذه الأزمة (النازحين) أولوية على طاولة الحكومة وفي البيان الوزاري، فعندها لا لزوم للحكومة كما أننا لن نعطيها الثقة"، لفتتْ إلى جانب آخر يركّز عليه هذا التكتل عبر محاولة ربْط الهجوم الناري الذي شنّه جنبلاط على "العهد الفاشل منذ اللحظة الأولى" بزيارته للسعودية قبل أيام، ولو من باب سؤاله عن أسباب "توريط المملكة بالإيحاء بأنك تنفذ أمر عمليات فاشلاً بالذخيرة الخضراء ضد عهدٍ أصبح سيده خارج مرماك ومرمى أزلامك"، متسائلة هل أنّ الأمر يأتي في سياق "رسالة ضمنية" بإزاء الإيقاع المتريّث الذي يعتمده الرئيس المكلف في تأليف الحكومة وملاقاة "حزب الله" في الغمز من قناة دور الرياض، واستطراداً إبعاد الأنظار عن "الدخول النافر" للجنرال سليماني على الشأن الحكومي واللبناني.

وإذ نفى مفوض الاعلام في "التقدمي" رامي الريس أن يكون الموقف من العهد مرتبطاً بزيارة جنبلاط للسعودية، كان لافتاً أن مستوى التوتّر بين الزعيم الدرزي وفريق عون بلغ حدوداً قصوى بدأتْ تثير القلق من أن تفضي الى "حرق المراكب" في علاقةٍ لم تكن يوماً محكومة إلا بـ"القلوب المليانة" التي تفجّرها في كل مَرة "رمانة"، وآخرها قضية النازحين وإصرار "لبنان القوي" على تمثيل النائب طلال ارسلان في الحكومة مقابل تمسُّك جنبلاط بحصْر التمثيل الدرزي بتكتله.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024