منذ 7 سنوات | العالم / رويترز

يشكّك منتقدو الإدارة الأميركية والحلفاء الأوروبيون في التحالف المناهض لتنظيم «داعش» والمعارضة السورية الرئيسية التي لا تثق في نوايا روسيا، في أحدث اقتراح لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، لتوثيق التعاون بين واشنطن وموسكو ضد «جبهة النصرة» في سورية.

ووصف عدد من المسؤولين العسكريين ومسؤولي المخابرات الأميركيين الخطة بـ «الساذجة». وقالوا إن كيري يخاطر بالوقوع في الفخ الذي نصبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشويه سمعة الولايات المتحدة لدى جماعات المعارضة المسلّحة المعتدلة، ودفع بعض مقاتليها إلى أحضان «داعش» وغيره من الجماعات المتطرفة الأخرى. وعبّرت بعض الدول الأوروبية التي تشارك في التحالف ضد «داعش»، عن قلقها في شأن تبادل معلومات المخابرات مع روسيا التي يقولون إنها شريكة «غير جديرة بالثقة» في سورية.

والاقتراح الحالي الذي يأمل كيري بوضع اللمسات الأخيرة عليه خلال أسابيع، يضع تصوراً لسبل تبادل واشنطن وموسكو معلومات المخابرات لتنسيق الضربات الجوية ضد «جبهة النصرة»، جناح تنظيم «القاعدة» في سورية، ومنع سلاح الجو السوري من مهاجمة جماعات المعارضة المعتدلة.

ويقول حلفاء كيري في وزارة الخارجية والبيت الأبيض، إن الخطة تمثل أفضل فرصة لـ «تقليص القتال» الذي يدفع آلاف السوريين ومعهم بعض عناصر «داعش» المدربين، إلى التدفق على أوروبا، والذي يمنع أيضاً وصول المساعدات الإنسانية إلى عشرات الآلاف الآخرين. ويعتبرون أن الخطة تمثّل أيضاً «فرصة للحفاظ على مسار سياسي». وأشار مسؤولان يدعمان جهود كيري، الى أنه لا يوجد بديل للعمل مع الروس في نهاية المطاف.

وقال فيليب غوردون، مستشار البيت الأبيض السابق لشؤون الشرق الأوسط الذي يعمل الآن لدى مؤسسة «مجلس العلاقات الخارجية» البحثية: «ثمة أسباب للتشكك كما هي الحال مع أي نهج في سورية، لكن أولئك الذين ينتقدون هذه الخطة على أنها لا يمكن أن تنجح أو أنها معيبة لأسباب أخرى مثل العمل مع روسيا، عليهم مسؤولية تقديم شيء أفضل أو أكثر فاعلية».

ويؤكد منتقدو كيري أن في الخطة عيوباً، ويرجع ذلك جزئياً الى أنها على وضعها الحالي ستترك للروس والسوريين مطلق الحرية في استخدام القوات البرية ونيران المدفعية ضد الجماعات المعتدلة التي تحارب قوات الحكومة السورية.

 

«مشكلتان أساسيتان»

يضيف المنتقدون أيضاً، أن استهداف «جبهة النصرة» صعب لأن عناصرها في بعض المناطق يمتزجون بمقاتلي جماعات معارضة أكثر اعتدالاً. وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه: «هذا يؤكد مشكلتين أساسيتين يبدو أن كيري يتجاهلهما. الأولى، أن هدف الروس في سورية لا يزال إما إبقاء (الرئيس السوري بشار) الأسد في السلطة أو إيجاد خليفة ما مقبول بالنسبة إليهم. الثاني، أن بوتين أثبت مراراً وتكراراً ليس فقط في سورية، أنه لا يمكن الوثوق به في احترام أي اتفاق يبرمه إذا قرر أنه لم يعد في مصلحة روسيا».

وخلال أيام، هناك فرص لاجتماع كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لاوس. لكن حتى إذا تم إقرار هذه الخطة، فإنها من غير المرجح أن تقدّم إغاثة سريعة للمدنيين المحاصرين في الحرب الأهلية المستمرة منذ خمس سنوات، والتي تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنها قتلت 400 ألف شخص.

وقال كيري للصحافيين الجمعة، إن الرئيس باراك أوباما «أذن وأمر بهذا المسار»، وإن الخطة ستعتمد على خطوات محددة وليس على الثقة، لكن حتى كيري امتنع عن التعبير عن التفاؤل، وقال بدلاً من ذلك إن تلك المحاولة تظهر «قدراً من التبشير بالخير».

وذكر ديبلوماسي أوروبي أن كيري ولافروف اتفقا على صياغة خريطة تبيّن مواقع نشاط «جبهة النصرة». وأوضح: «سيقرر الجانبان عندئذ من خلال التحليل المشترك من المستهدف... من خلال وضع الولايات المتحدة في غرفة التخطيط نفسها، على موسكو حينها ضمان أن طائرات الأسد أوقفت القصف». وأضاف الديبلوماسي أنه «متفائل بطريقة كيري، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل وأنهم غير مقتنعين بأن موسكو جادة».

وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، إن لدى الولايات المتحدة وروسيا تفاهماً للحدّ من خطر تدخل الطائرات أو تصادمها مع بعضها البعض، وإن البريطانيين أحيطوا علماً بذلك التفاهم. وأضاف فالون خلال مناسبة في واشنطن: «لكن ذلك لا يمتد بالتأكيد إلى أي تعاون في شأن الاستهداف، ونحن لن نرحب بذلك».

ويشعر كثر من المسؤولين الأميركيين بالقلق من أن تبادل معلومات المخابرات مع روسيا يهدد بخطر كشف مصادر المخابرات الأميركية وأساليبها وقدراتها.

 

«يتوقع ألاعيب»

ولفت أندريه كليموف، نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الأعلى للبرلمان الروسي، الى أنه حتى إذا تم الاتفاق على الخطة فإنها ستكون لفترة قصيرة فقط حتى تتولى الإدارة الأميركية الجديدة زمام الأمور. وتنتهي فترة رئاسة أوباما في كانون الثاني (يناير) المقبل. وأوضح: «أخشى أن الأسد يتوقع ألاعيب من الأميركيين. كانوا يقولون دائماً إنه منبوذ. الآن هم على وشك أن يقولوا للأسد «أنت تعرف... رجاء قدم لنا إشعاراً مسبقاً قبل يوم واحد من قيام قواتك الخاصة بتدمير شخص ما»». وتابع كليموف: «في كل مرة نتحدث إلى الأسد، علينا إقناعه وتقديم حجج وضمانات إضافية... لا يمكننا أن نعطيه أوامر فهو على أرضه».

وعقب اجتماع مع بوتين الأسبوع الماضي، عبّر كيري عن قلقه إزاء القصف العشوائي من جانب القوات السورية. لكنه لم يذكر الانتهاكات الروسية لاتفاق وقف الأعمال القتالية، على رغم أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) أشارت إلى تلك الانتهاكات علناً. وقال المسؤول الأميركي الثاني: «ما يلفت النظر ليس ما قاله كيري لكن ما أخفق في قوله»، مضيفاً أن كيري استبعد «حقائق مزعجة» في شأن الانتهاكات الروسية.

وقال روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى سورية، وهو الآن زميل بارز في «معهد الشرق الأوسط للأبحاث» في واشنطن، إنه سواء كانت نية موسكو سيئة أو أنها تفتقر إلى النفوذ، «ليس من الواضح بالنسبة إلي أن الروس يمكنهم تنفيذ الجانب الخاص بهم في الاتفاق».

وقالت المعارضة السورية إنها تشعر بقلق في شأن ما إذا كانت روسيا يمكن أن تنجح في منع الحكومة السورية من استخدام قواتها الجوية. وأوضحت بسمة قضماني، عضو «الهيئة العليا للمفاوضات» التي تمثل المعارضة السورية الرئيسية، لرويترز في واشنطن الأسبوع الماضي: «وضعت إدارة (أوباما) رهانها على التعاون بحسن نية مع الروس بنتائج مخيّبة للآمال حتى الآن».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024