تشكل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المنتظر اجراؤها في السادس من مايو المقبل فرصة مهمة لإعادة التجديد الديموقراطي للحياة السياسية في البلاد عبر انتخاب مجلس نيابي جديد له دور الفصل بموجب الدستور في سن القوانين والتشريعات ومراقبة عمل السلطة التنفيذية.

وخلال مهلة الترشح للانتخابات سجلت وزارة الداخلية اللبنانية على قوائمها 976 مرشحا بينهم 113 مرشحة اختاروا خوض المنافسة على 128 مقعدا نيابيا تتوزع على الاقضية والطوائف المختلفة ضمن 15 دائرة انتخابية.

وبعد انتهاء مهلة سحب الترشيحات ثم مهلة تسجيل القوائم او اللوائح الانتخابية انخفض عدد السيدات اللواتي سيتمكن رسميا من خوض التنافس الى 84 وهو عدد المرشحات اللواتي استطعن تشكيل او الانضمام الى قائمة انتخابية ضمن دائراتهن كما يفرض القانون.

ورغم التفاوت الكبير بين عدد المرشحين والمرشحات فإن عدد النساء اللواتي تقدمن بترشيحهن يعد الأعلى في تاريخ الدورات الانتخابية البرلمانية وهو مؤشر لافت يؤكد تصميم المرأة على المشاركة في الحياة البرلمانية التي ظلت تفتقد لوجود نسائي على الرغم من نيل النساء في لبنان حق التصويت والترشح في عام 1953.

وساهم القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمده البرلمان العام الماضي في تشجيع النساء على الترشح مع اعتماده النسبية للمرة الأولى في تاريخ البلاد الا ان القانون نفسه الذي يفرض وجود لوائح قوية متنافسة قد يحد من وصول العدد الأكبر من المرشحات اذ ان معظمهن مستقلات ويخضن غمار المنافسة في مواجهة الأحزاب والقوى السياسية التقليدية. وفي هذا السياق قالت العضوة المؤسسة لجمعية (نساء رائدات) التي تسعى الى تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية اللبنانية ندى عنيد لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الاحد ان اقبال النساء على الترشح بشكل اكبر من الدورات السابقة يدل على ارتفاع الوعي لدى المرأة اللبنانية بأهمية المشاركة في الحياة البرلمانية وصناعة القرار في البلاد.

واضافت ان "مشاركة المرأة للاسف في الحياة السياسية اللبنانية متدنية جدا اذ يحتل لبنان مراتب متأخرة جدا بين دول العالم في هذا المجال ويعود الامر بشكل أساسي لعدم تطبيق نظام الكوتا او الحصة البرلمانية الذي يضمن تمثيل المرأة في البرلمان".

وأشارت عنيد الى ان العدد الأكبر من المرشحات هن من الناشطات المستقلات اللواتي ترشحن بمبادرة فردية فيما تبدو مشاركة النساء في لوائح الأحزاب والقوى السياسية التقليدية محدودة وضعيفة لافتة الى ان احتمالات فوز معظم المرشحات غير مرتفعة بسبب ارتفاع (الحاصل الانتخابي) في معظم الدوائر ووجود العدد الاكبر منهن على لوائح المجتمع المدني التي تخوض مواجهة صعبة في مواجهة الأحزاب الكبيرة.

وأضافت "حتى المرشحات على لوائح الأحزاب تبدو حظوظ معظمهن بالفوز ايضا ضعيفة باستثناء عدد محدود لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة".

واعتبرت عنيد ان خوض النساء غمار الترشح والاستمرار في المعركة رغم صعوبة الفوز "جاء كتحد ورد فعل من السيدات اللواتي يعتبرن الانتخابات بمثابة معركة لاثبات وجودهن ودورهن ورغبتهن بالمشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار في لبنان".

وأكدت ان "الانتخابات ونتائجها ستثبت مجددا ضرورة اقرار كوتا نسائية لان مشاركة المرأة لن تتحقق الا باقرار هذه الكوتا او بارادة سياسية جدية غير موجودة حتى الآن لدى الأحزاب الكبرى في لبنان".

من جهتها قالت رئيسة جمعية (كفى) المرشحة عن دائرة (الشوف - عاليه) زويا جريديني ل (كونا) ان اقبال النساء على الترشح للانتخابات النيابية في لبنان اتى بعد جهود كبيرة بذلت خلال السنوات السابقة لتعزيز مشاركة المرأة وحث النساء على خوض جميع الاستحقاقات الانتخابية السياسية والمطالبة بحقوقهن المشروعة. واعتبرت ان "اقبال النساء على الترشح جاء بمثابة رد على عدم احترام الاحزاب المشاركة في السلطة لمطلبهن باقرار نظام الكوتا وتجاهل المرأة خلال الترشيحات للانتخابات وتشكيل القوائم الانتخابية وكذلك جاء كتحد لإظهار رغبتهن الجادة بالمشاركة في صنع القرار السياسي في البلاد".

وشددت على ضرورة تطبيق نظام الكوتا لايصال النساء الى البرلمان اللبناني وتمكينهن من المشاركة بشكل فاعل في الحياة السياسية والقرار في البلاد لافتة الى ان المرأة في معظم انحاء العالم لم تتمكن من الوصول الى البرلمان الا عبر ما يسمى بالتمييز الايجابي لتصحيح الخلل التاريخي الموجود بين النساء والرجال في صنع القرار السياسي.

ودعت جريديني الناخبات خصوصا الى المشاركة في الانتخابات بشكل كثيف والتصويت لصالح المرشحات في دوائرهن مؤكدة ضرورة وصول المرأة الى البرلمان للدفاع عن حقوقها وقضاياها.

وبدورها قالت الاعلامية جيسيكا عازار المرشحة عن دائرة (جبل لبنان الثانية) ل (كونا) ان اعتماد القانون النسبي يشكل أحد الاسباب الرئيسية لحماسة المرأة على الترشح باعتبار انه يسمح بنوع من العدالة في التمثيل بالإضافة الى الجهود التي بذلت خلال السنوات السابقة لحث النساء على الانخراط بالعمل السياسي.

واعتبرت ان "ما يعيق اشراك النساء في الحياة السياسية بشكل اكبر هو وجود نظرة دونية لدى البعض للمرأة واعتبارهم ان اولوياتها يجب ان تكون في مكان آخر اي الاهتمام بزوجها وعائلتها وكذلك تهميش معظم القوى الحزبية للمرأة وقد ظهر ذلك خلال فترة تقديم الترشيحات وتشكيل اللوائح".

وأشارت الى ان "المرأة اللبنانية ليست بحاجة لكوتا نسائية للانخراط بالعمل السياسي فهي بالنهاية نصف هذا المجتمع وطموحنا ان تتمثل بنصف مقاعد المجلس النيابي".

وأكدت عازار انها تخوض تجربة الانتخابات لخدمة لبنان والمساهمة في التغيير والاصلاح الحقيقي وحث الجيل الشاب على القيام بالمثل معتبرة انها كاعلامية "قد تشكل مثالا يحتذى من قبل المواطنين الذين يعتقد الكثيرون منهم ان عالم السياسة في لبنان محصور في الزعامات التقليدية واولادهم".

وأضافت انها ستسعى في حال فوزها الى تنفيذ برنامجها الانتخابي الذي يركز على عدة نقاط بينها تحديث القوانين الموجودة واقرار قوانين أخرى تؤمن المساواة بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات.

ومن جانبها أكدت رنا الشميطلي المرشحة عن دائرة (بيروت الثانية) ل (كونا) ان "المرأة بارادتها قادرة على خوض المنافسة الانتخابية بقوة وتحقيق نتائج مهمة ما يمكنها من احداث التغيير المطلوب الذي ينشده جميع الناخبين من الرجال والنساء" معتبرة انه لا حاجة لاقرار نظام الكوتا لتمثيل النساء انما المطلوب هو توافر الإرادة لديهن لخوض المعترك السياسي". واشارت الشميطلي التي اختارت دخول المنافسة الانتخابية بعد سنوات من تأسيسها مبادرة في مجال التعليم الحديث ان "القانون الانتخابي الحالي مجحف بحق المرشحات والمرشحين وايضا الناخبين اذ فرض عليهم اختيار قائمة كاملة تضم في معظم الأحيان اشخاصا ذوي توجهات مختلفة".

وشددت على انها "ستستمر بالمواجهة لتحقيق هدفها مهما كانت نتائج الانتخابات الحالية" لافتة الى ان القائمة التي ترشحت معها تمتلك برنامجا متكاملا سيسعى من يمثلها في البرلمان الى تنفيذه وفي مقدمته التركيز على قضايا البيئة والتعليم والسياحة والعمل وحقوق المرأة من اجل مستقبل افضل للشعب اللبناني.

يذكر ان نسبة تمثيل النساء في البرلمان اللبناني الحالي لا تتعدى 1ر3 بالمئة اذ تمكنت أربع نساء فقط من الفوز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدها لبنان عام 2009 من مجموع 128 نائبا فيما تضم الحكومة اللبنانية الحالية المؤلفة من 30 وزيرا امرأة واحدة هي وزيرة شؤون التنمية الادارية عناية عزالدين. 


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024