يعتزم مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون، القيام بتغييرات كبيرة ستشمل كوادر في مجلس الأمن القومي، وإقالة مسؤولين كبار في البيت الأبيض.
ونقلت صحيفة «فورين بوليسي»، عن مصادر لم تسمها، قولها إن الحديث يدور عن إقالة عشرات الموظفين في البيت الأبيض، وأعضاء مجلس الأمن القومي، من غير المؤيدين للرئيس الأميركي، الذين سربوا معلومات للإعلام.
وحسب المصادر، فإن بولتون، الذي تم تعيينه في منصبه أول من أمس، يعتزم إقالة كل الذين يشغلون وظائف سياسية، وتم تعيينهم من قبل سلفه هربرت ماكماستر.
كما رجحت مصادر أخرى أن تغييرات بولتون ستشمل كذلك، أولئك الذين عملوا مع الرئيس السابق باراك أوباما.
ويعد تعيين بولتون مستشاراً للأمن القومي الأميركي، التغيير الثاني الذي يجريه الرئيس دونالد ترامب في أقل من أسبوعين، بعدما عين الأسبوع الماضي المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) مايك بومبيو، وزيراً للخارجية، خلفاً لريكس تيلرسون.
وفي أول تصريحات له بعد إعلان تعيينه في منصبه الجديد، قال بولتون لإذاعة «آسيا الحرة» إن على ترامب أن يصر خلال أي اجتماع مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونع أون على التركيز بشكل مباشر على كيفية التخلص من برنامج الأسلحة النووية لبيونغ يانغ في أسرع وقت ممكن.
وأضاف إن المناقشات في القمة المقترحة بين الرجلين، أواخر مايو المقبل على الأرجح، يجب أن تكون على غرار تلك المناقشات التي أدت إلى شحن مكونات البرنامج النووي الليبي إلى الولايات المتحدة في 2004.
وقال بولتون «دعونا نجري هذه المحادثات بحلول مايو أو حتى قبل ذلك ودعونا نرى مدى جدية كوريا الشمالية»، مضيفاً «إذا لم يكونوا على استعداد لإجراء هذا النوع من النقاش الجاد فسيكون بالفعل اجتماعاً قصيراً للغاية».
وتابع: «إذا كان سيعقد هذا الاجتماع فينبغي أن نصر على أن يكون مماثلاً لمناقشات جرت مع ليبيا قبل 13 أو 14 عاماً».
وذكر بأن كوريا الشمالية استخدمت المفاوضات في الماضي للتغطية على تطويرها لأسلحة نووية وإنه كان متشككاً في نواياها، مشيراً إلى أن كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة التي استأنفت المحادثات مع كوريا الشمالية هذا العام، ينبغي أن تتوخى الحذر قبل الاتفاق على أي شيء مع بيونغ يانغ.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن بولتون هو أحد أوائل الزبائن الذين استفادوا من خدمات شركة «كامبريدج أناليتيكا» لتحليل البيانات التي جنت ملايين الدولارات.
وبدأ تعامل لجنة العمل السياسي التي أسسها بولتون والمعروفة باسم «جون بولتون سوبر باك» مع «كامبريدج أناليتيكا» العام 2014 بعد أشهر قليلة على تأسيس الشركة.
ومنذ ذلك الحين وعلى مدار عامين، أنفقت اللجنة ما يناهز 1.2 مليون دولار على «دراسة بحثية». وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن الخدمات التي قدمتها الشركة للجنة بولتون تمت عبر طريقة «الرسم البياني النفسي».
وتدرس هذه الطريقة الملامح النفسية للمتسوقين والناخبين، وترسل رسائل قصيرة لهم وترسم ملامحهم النفسية. وتستكشف الشركة من خلال هذه المعلومات صدى الحملات الانتخابية السياسية لدى الناخبين وتأثرهم، وتقسمهم إلى أنماط من الشخصيات عبر غربلة وتصفية البيانات التي تحصل عليها غالبا من وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوردت الصحيفة أن «كامبريدج أناليتيكا» استعملت معطيات خاصة بموقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، وفق ما كشفه موظفان سابقان للشركة تعاملا مع الموضوع.
وقال خبير معلومات كان عضوا في الفريق المؤسس للشركة واسمه كريستوفر ويلي «إن المعطيات التي حصلت عليها لجنة بولتون تم استقاؤها من قاعدة بيانات فيسبوك».
وأوضح أن «لجنة بولتون باك كانت مهووسة بمعرفة كيفية اتجاه أميركا أكثر إلى الكسل، وكانت تطلب منا بحوثاً بشأن قضايا الأمن القومي».
وحسب ويلي وزميل له سابق رفض ذكر اسمه، ساعدت الشركة في وضع تصورات لإعلانات تخص مرشحين تدعمهم لجنة بولتون، منهم المرشح الجمهوري السيناتور توم تيليس من ولاية كارولينا الشمالية خلال حملة 2014.
وكانت صحيفتا «نيويورك تايمز» الأميركية و«الأوبزرفر» البريطانية قد كشفتا أن شركة «كامبريدج أناليتيكا» جمعت معلومات خاصة عن أكثر من خمسين مليون مستخدم لموقع «فيسبوك» عبر تطوير تقنيات لدعم الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترمب العام 2016، في واحدة من أكبر عمليات خرق البيانات في تاريخ «فيسبوك».

صديق مقرب لإسرائيل

وفي السياق نفسه، تتوقع مجلة "فورين بوليسي" أن يقدم بولتون دعماً كبيراً لإسرائيل.

من جهتها، رحبت إسرائيل بقرار ترامب تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي خلفاً لهربرت مكماستر، واعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أنه يعارض "حل الدولتين".

وقال يسرائيل كاتس، وزير المواصلات الإسرائيلي: "أهنئ جون بولتون على تعيينه مستشاراً للأمن القومي".

وأضاف كاتس: "إنه (بولتون) معروف بدعمه القوي لإسرائيل وموقفه الصارم فيما يتعلق بالتهديد الإيراني، أنا متأكد من أنه سيكون صوتاً هاماً في معركة الخير ضد الشر في منطقتنا والعالم".

من جهتها، قالت وزيرة العدل، إياليت شاكيد، في تصريح صحفي: "يواصل الرئيس ترامب تعيين أصدقاء حقيقيين لإسرائيل في المناصب العليا، جون بولتون هو واحد من أبرز الشخصيات، تعيين ممتاز".

وفي المقابل، عنونت صحيفة "هآرتس" بأنه بتعيين بولتون فإن "حل الدولتين قد مات"، في إشارة إلى حل إقامة دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل.

وقالت الصحيفة إن بولتون يعارض حل الدولتين للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لافتة إلى أنه دعا في الماضي لتسليم قطاع غزة إلى مصر والضفة الغربية إلى الأردن.

ويأتي تعيين بولتون، الذي شغل منصب سفير لدى الأمم المتحدة سابقاً، بعد سلسلة من الإقالات والاستقالات بفريق ترامب في الأشهر الماضية.

وخدم المحامي والدبلوماسي الأميركي بولتون، (69 عاماً)، في الإدارات الجمهورية للرؤساء رونالد ريغان وجورج هربرت بوش (الأب) وجورج دبليو بوش.

ووُلد جون بولتون فى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1948 بولاية ماريلاند، وترعرع في بيئة شعبية من الطبقة دون المتوسطة، والتحق بجامعة "ييل"، ونال منها درجة البكالوريوس بامتياز عام 1970، ثم التحق بكلية الحقوق فيها وتخرج عام 1974.

وعمل لدى عدة مكاتب للمحاماة في واشنطن حتى عام 1997، ثم توجه للعمل بمعهد "أميركان إنتربرايز إنستيتيوت" الذي يُعد أحد أهم مراكز الأبحاث المحافظة في الولايات المتحدة، وبعد ذلك شغل منصب نائب الرئيس للبحوث السياسية، كما عمل مساعداً لوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024