منذ 7 سنوات | لبنان / وكالة وطنية


أعرب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في تصريحات ل"وكالة الأنباء الألمانية" (د.ب.أ) عن أسفه لعدم إحراز أي تقدم في ما يتعلق بقضية الشغور الرئاسي المستمرة منذ أكثر من عامين، متهما "النخب السياسية بعدم الجدية في مساعيها لحل الأزمة".


وقال: "طرحنا منذ فترة مبادرة أن يكون رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيسا وأن يعود رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مجددا الى منصب رئيس الوزراء، ويا للأسف لم نتلق ردا إيجابيا".


وأضاف: "المشكلة الأكبر هي أن بعض الأفرقاء يرفضون ما نطرح ولا يسعون لتقديم مبادرات للتشاور حولها، في حين يصر البعض الآخر، وفي مقدمهم حزب الله على اتهام كتلة المستقبل والمملكة العربية السعودية بعرقلة عملية انتخاب الرئيس. والمتابع يعرف أن كتلة المستقبل ملتزمة حضور كل جلسات انتخاب الرئيس، في مقابل مقاطعة حزب الله وقوى أخرى محسوبة على إيران لتلك الجلسات، وهو ما يوضح من هو الطرف المعرقل".


ووصف جعجع ما يتردد عن فرض السعودية رؤيتها على كتلة "المستقبل" ودفعها لاختيار مرشح بعينه بأنه "لا يستند الى أي دليل واقعي".


وأكد أن "حزب الله في حاجة الى من يذكره بأن من يكون بيته من زجاج عليه ألا يرشق الناس بالحجارة. كيف لحزب الله الذي لا يتحرك إلا بإذن من إيران أن يتكلم عن أن السعودية تملي على تيار المستقبل خياراته؟. وكيف يعقل أن تُتهم السعودية بعرقلة لبنان وهي التي قدمت مليار دولار للمصرف المركزي اللبناني لدعم العملة الوطنية؟ وبعد حرب تموز قدمت مساعدات بمئات ملايين الدولارات لإعادة إعمار ما هدمه الهجوم الإسرائيلي في جنوب البلاد ي بمناطق حزب الله. إن الحزب تحول بفضل الدعم الإيراني من مجرد فصيل إلى دولة داخل الدولة، بل صار معرقلا لعملها ومصادرا لقرارها الأمني والاستراتيجي والعسكري".


وتفهم "حيرة البعض لما يرونه تناقضا صارخا في مواقفي بين مهاجمة حزب الله وتحميله مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي، ودعمي ترشح عون للرئاسة وهو حليف لحزب الله". وقال: "أعتقد أن حزب الله ليس جادا في تأييد عون، فهو يؤيده كلاميا فقط، وأكبر دليل على ذلك أنه بعد تأييد حزب القوات لعون، أصبح هناك احتمال كبير لدعم ترشيحه، لكن حزب الله لم يتخذ أي خطوة جادة في هذا الاتجاه حتى الآن".


ورأى جعجع أن "حزب الله لا يرغب أساسا في الوقت الحاضر في إجراء الانتخابات الرئاسية، وربما يتنظر نتيجة تطورات الصراع في سوريا. إنهم يربطون ملف الرئاسيات بملفات أخرى في المنطقة أملا في حصد المزيد من المكاسب".


وأضاف: "لا أعرف من سيدعمون في نهاية الأمر. لكنهم لا يريدون جمهورية حقيقة ولا رئيسا قويا، لأن ذلك يعني ببساطة إضعاف دور الحزب، والعكس صحيح. أرى أنهم سيدعمون رئيسا بقياسات أبعد بكثير عن قياسات عون. سيدعمون رئيسا يكون ضعيف الشخصية ليرتهن لقرارهم، وهذه أمور لا تتوافر في عون".


وأقر جعجع بأن الترشح لمنصب الرئيس لا يزال يراوده، "ليس من باب الوجاهة وتحقيق الذات بقدر الرغبة في تحقيق الكثير من الأفكار التي من شأنها النهوض بمستقبل لبنان". لكنه اعتبر أن "الظرف الراهن غير ملائم لذلك". وأضاف أن حزب القوات مستمر في ترشيح عون.


وجدد رفضه للاعتماد على الشكل والصيغة الراهنة للحوار الوطني الذي يرعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال: "نحن مع أي حوار، لكن الحوار بتركيبته ووضعه لم يتغير منذ عشر سنوات، لم يستطع خلالها تحقيق أي إنجاز. الحوار علق الآن لأجل غير مسمى لاختلاف وجهات نظر المشاركين، وهذا أمر طبيعي، فكلما كثر العدد تحول الأمر الى برج بابل جديد، الكل يتحدث بلغة مختلفة عن الآخر. وهذه النتيجة لم تفاجئني بل كنت أتوقعها".


ورفض جعجع اتهام بعض القوى له بمحاولة احتكار التمثيل المسيحي بالحوار من خلال مطالبته بتقليص عدد المشاركين فيه، وقال: "لا أريد احتكار شيء، فلا يصلح أحد أن يكون مكان أحد. وهناك مثل لبناني يقول إن كثرة الطباخين تحرق الطبخة. ونحن نقول الأمر نفسه على الحوار، فإذا قلصنا العدد قد يكون هناك إمكان للتوصل لنتائج أفضل مما هو موجود الآن".


ورفض بشدة "بعض آراء المحللين التي ربطت بين تقدم قوات الرئيس السوري بشار الأسد على جبهات القتال في سوريا وتراجع وتيرة العمليات الإرهابية في لبنان واعتبرته يثبت صحة ما يقوله حزب الله حول أن تدخله بالصراع السوري هو محاولة لمنع وصول الإرهاب للبنان"، وقال: "حزب الله لم يمنع أي إرهاب ولا بدرجة واحدة. ما ساهم في السيطرة على الإرهاب هو نشاط الأجهزة الأمنية التي تتابع بشكل مستمر وحثيث نشاط المجموعات الإرهابية وتنجح في الإمساك بهم أو تمنعهم من تنفيذ مخططاتهم".


واستنكر جعجع "ما يردده حزب الله وإيران وبعض القوى الموالية لهم من اتهامات للسعودية بالمسؤولية عن تنامي التطرف واتساع رقعة الأزمات بالمنطقة"، وأكد أن "إيران وحلفاءها في المنطقة هم سبب أغلب الأزمات، لا السعودية".


وتساءل :"من الذي يتحكم بالقرار في العراق الى درجة كبيرة، أليس إيران؟ ومن كان وراء الانقلاب على رئيس شرعي في اليمن منتخب من أغلبية اليمنيين، هل كانت السعودية أم الحوثيون حلفاء إيران؟ كل ما قامت به السعودية كان رد فعل. هل كان عليها أن تترك اليمن تسقط أمامها بيد إيران لتهدد الأخيرة أمنها القومي دون أن تحرك ساكنا؟".


وأضاف: "في سوريا تدخلت إيران وحزب الله لمساندة نظام فرض نفسه لمدة أربعين عاما ورد على المدنيين الذين ثاروا ضده بالرصاص رغم سلمية الأحداث خلال أشهرها الأولى، فهل تدخل السعودية لمساندة الثوار المدنيين هو ما فاقم الأزمة وأدى إلى التطرف الذي نشهده الآن؟ بالطبع لا، بطش النظام بالمدنيين هو ما أدى الى عسكرة الثورة وتغير أيدولوجيتها بصورة جذرية".


ولم ينكر جعجع وقوع أخطاء خلال المواجهات التي اضطرت السعودية الى خوضها، وقال: "في سياق المواجهات قد تحدث أخطاء هنا وثغرات هناك، وهذا بالتأكيد أمر مؤسف. ولكن في النهاية هذه المواجهات حدثت ليس لأن السعودية ذهبت لتقاتل داخل إيران، ولكن لأن إيران جاءت تقاتل على حدود السعودية في اليمن، أو في بلد عربي كسوريا".


ودعا إلى "عدم تفسير التصريحات التي قد توحي بتفاهمات ضمنية بين روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري بأنها تهميش لبعض الدول"، مؤكدا أن "مثل هذه التفاهمات هي تحالفات جزئية موقتة ومحددة مكانيا وزمانيا لخدمة هدف واحد بين أطرافها، هو التوافق حول الموقف من القضية الكردية، ولا أمل لها في الذهاب أبعد من ذلك".


ونفى أن تكون تركيا قد غيرت موقفها من مسألة بقاء الأسد في الحكم، داعيا إلى "إدراك الخطر الأكبر وهو قيام الدول الغربية بتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ في ما بينها".


وعبر عن أسفه "لأن إسرائيل قد تكون هي الطرف الوحيد المستفيد من الصراعات العربية والإقليمية"، وقال: "إسرائيل الآن تجلس سعيدة وتراقب المشهد وتضع الخطط لخدمة مصالحها".

ودعا جعجع إلى "العمل الجاد من أجل خلق واقع عربي مختلف قادر على تغيير الموازين في المستقبل". 



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024