منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية



شاحنات الكسارات شحنت الأجواء الداخلية، وحوّلت الشوارع، وخصوصاً عند مداخل العاصمة والطرقات الجبلية والرئيسية، الى معتقل واسع حبس المواطنين في سياراتهم لساعات، وتعرض بعضهم لاعتداءات وممارسات استفزازية من بعض المشاغبين من دون حسيب او رقيب، في مشهد ينثر عشرات علامات الاستفهام في الاجواء الداخلية، ويضعها برسم المعنيين.

 لعلهم يقدِّمون أجوبة تكشف خلفيات زحف الشاحنات الى الشوارع وهل تحركت بشكل عفوي ام انّ يداً خفية كبست زرّاً سريّاً في احدى الغرف السياسية المغلقة. 

ولهدف أبعد من قرار بوقف العمل بالكسارات لمدة شهر؟ 

وامّا الشاحنات الانتخابية، فتبدو بدورها معطلة وسط الشارع السياسي، وعند محطة الفشل في بلورة الصورة التي سيرسو عليها الاستحقاق النيابي. 

وفي هذه الاجواء يأتي اللقاء المسائي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدا واضحاً أنه غادر محور التمديد للمجلس، بما يُلقي على الفرقاء ضرورة الوصول الى قانون قبل جلسة التمديد في 15 ايار المقبل.

حتى ما قبل زيارة الحريري ليل أمس الى عين التينة ولقائه بري في حضور الوزير علي حسن خليل ومدير مكتبه نادر الحريري، كان الحدث الانتخابي قد فقد جاذبيّته وصار خبراً روتينياً وأقلّ من عادي، لا بل ثانوي، والحراك السياسي حول هذا الملف كان يراوح عند نقاط الاختلاف ذاتها على الصيغ المطروحة التي تتضارب بعضها ببعض، ولا جديد فيها سوى محاولة احياء صيغ قديمة فشلت في جذب الاطراف كلهم اليها. او عمليات تجميل تخضع لها بعض الصيغ تحت عناوين مختلفة.

على أنّ هذا اللقاء كسر جو الرتابة، الّا انه لم يعكس وجود تقدم نوعي على الخط الانتخابي، علماً انّ هذا اللقاء سبقه نهاراً لقاء بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وكان البحث في الموضوع الانتخابي من زاوية المشروع التأهيلي الذي يتقاطع حوله موقف الحريري مع باسيل.

وبعد اللقاء مع بري قال الحريري: «أنا احاول تقريب وجهات النظر لنصل الى 15 ايار بحلّ. لا أحد يريد الفراغ أو التمديد، أنا لا اريده ولا الرئيس ميشال عون يريده ولا الرئيس بري... ولا أظن انّ الرئيس عون يريد أن يكون هناك فراغ في عهده أو أن يكون هناك تمديد، واذا حصل تمديد فهو تقني من أجل القانون الجديد، وبري لديه نظرة للقوانين وكذلك النائب وليد جنبلاط ويجب أن نتساعد من أجل هذا الموضوع».

واشار الحريري الى انه وافق على القانون التأهيلي «لأنني أريد حلاً. لقد وافقنا على معظم القوانين لأنني أرى أنه بنهاية المطاف يجب الموافقة على قانون».

وكرر الحريري: «أنا لا أريد تمديداً ولا فراغاً بل أريد الوصول الى حل مهما كلّف الامر، هناك حلول موضوعة على الطاولة وإن شاء الله سنصل اليها،
المطلوب مني تحقيق بعض المواقف، وأنا لن أمشي بالتمديد. وبموضوع القوانين الانتخابية أتمنى على الآخرين أن يفعلوا القليل من الذي فعلته، أنا وافقت على ما لم أكن سأوافق عليه لأنّ المواطن «طَفح قلبه» من كل هذه الامور، ويريد أن نحارب الفساد ونقرّ الموازنة».

وردا على سؤال أشار الحريري الى انّ مجلس الوزراء سينعقد الاسبوع المقبل وقال: «أنا لا أدعو الى جلسة لأنني أضغط على الجميع من أجل العمل على قانون الانتخاب، وأركّز العمل على ذلك».


وعَلق اللبنانيون صباح امس لساعات في سياراتهم بعدما لجأ اصحاب الشاحنات الى قطع الطرقات في عدد من المناطق احتجاجاً على قرار وزارة الداخلية وقف أعمال المرامل والكسارات.

ويثير هذا التحرك الذي تزامن مع تحركات مماثلة شهدها لبنان هذا الاسبوع، سؤالاً عن سرّ هذه الاستفاقة المفاجئة لمجموعة قضايا مطلبية دفعة واحدة وخلفياتها واهدافها، في وقت يعيش البلد اكثر لحظاته إرباكاً واختلافاً حول ملف انتخابي تتزايد عُقده يوماً بعد يوم.

حيث طَفت الى السطح في الايام الأخيرة: قضية المياومين، إحتجاجات مستخدمي برنامج الرصد السكاني، إعتصامات وتظاهرات مستخدمي الضمان الاجتماعي بالتنسيق مع الاتحاد العمالي العام، إعتراضات مزارعي التفاح النازلين الى الشارع اليوم...

ولم تستبعد مصادر سياسية مراقبة ان يكون تعاطي السلطات الرسمية مع إقدام سائقي الشاحنات على قطع الطرقات إشارة سياسية على علاقة باستيعاب ايّ تحركات مستقبلية كردة فِعل على التمديد او الابقاء على قانون الستين.

ولفتت الى انّ الرئيس عون الذي أبدى دعمه لقرارات مجلس الامن المركزي بفتح الطرقات ومنع إقفالها مستقبلاً ولو اقتضت الامور طلب مؤازرة الجيش سيجد حرجاً في دعوة مناصريه لقطع الطرقات لمنع انعقاد جلسة التمديد للمجلس النيابي.

واشارت الى انّ قرار وزير العدل الطلب من النيابة العامة التمييزية ملاحقة مطوّقي وزارتي الطاقة والشؤون الاجتماعية ومانعي الوزيرين من الدخول والخروج من وزارتيهما لا بدّ ان ينسحب على من يحاول منع النواب من الوصول الى المجلس للمشاركة في جلسة التمديد.

واكدت المصادر انّ ردات الفعل الشعبية المشمئزة والرافضة لقطع الطرقات شكّلت رسالة الى الثنائي المسيحي الذي سيكون في مواجهة الرأي العام في حال تقرّر التظاهر وقطع الطرقات.

وكان اصحاب الشاحنات قد أغلقوا العديد من الطرقات الرئيسية وكأنها خطة مدروسة لتطويق لبنان منذ ساعات الصباح الاولى. واندلعت اعمال شغب حيث تمّ تحطيم بعض السيارات على طريق المطار، حاول أصحابها الاعتراض على قرار إقفال الطرقات، وما لبثت شعبة المعلومات ان أعلنت عن إلقائها القبض على مفتعل الإشكال الذي وقع صباحاً في محلّة الكوستا برافا.

أمّا الطرقات التي قطعت أمس فكانت طريق عام ترشيش - زحلة، اوتوستراد الزهراني، ضهر البيدر، اوتوستراد الصفرا واوتوستراد الاوزاعي.


وفي اعقاب مناشدات المواطنين عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية، تقرّر على أثره الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية المباشرة من صباح اليوم اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لمنع إقفال الطرقات الدولية وتأمين حرية تَنقّل المواطنين وسلامتهم ومنع إقفال أي طريق دولية مهما كانت الأسباب.

ومع تفاعل هذا الملف، أعلنت أكثر من جهة عدم علاقتها بهذا التحرك، فأكد المكتب العمالي في حركة «أمل» إدانته أسلوب قطع الطرق الذي ينتهجه بعض أصحاب الشاحنات، ودعاهم الى اللجوء الى أساليب المطالبة المشروعة التي لا تسبّب ضرراً للمواطنين.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024