منذ 7 سنوات | لبنان / المستقبل



بلسان حال أربعة ملايين لبناني، أسمع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري العالم أمس «قصة» مجتمع مضيف وضعيف أثقلت كاهله أزمة النزوح السوري وجعلت الوضع فيه «بمثابة قنبلة موقوتة» جراء التلكؤ الدولي عن تحمّل واجب تقاسم الأعباء مع الدول المتاخمة لحزام النار السوري وخصوصاً منها الخاصرة اللبنانية الرخوة التي عانت الأمرّين على امتداد سنوات الأزمة السورية: خسارة في النمو والناتج المحلي، وعجز في البنية التحتية والخدماتية والاجتماعية. «قصة لبنان والنازحين» التي رواها الحريري على مسامع الأسرة الدولية خلال مؤتمر بروكسيل وضعت العالم أمام مرآة مسؤولياته، إن تجاه وضع حدّ للصراع الدموي المستدام في سوريا أو إزاء وضع حلّ لاستنزاف المجتمعات المضيفة للنازحين السوريين، سيّما وأنّ لبنان، رغم أنّ 40% من سكانه باتوا إما نازحين أو لاجئين، قد أوفى بالتزاماته، سواءً الأخلاقية والإنسانية تجاه اللاجئين أو تلك المترتبة عليه دولياً وأممياً خصوصاً بموجب مقررات «مؤتمر لندن»، وهو لا يزال حتى الساعة مستمراً في «توفير الصالح العام العالمي بالنيابة عن بقية الدول»، بحيث بات لزاماً في المقابل على المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته ويحدد مساره تجاه الأزمة: إما الاستثمار في الأمل أو الاستسلام لليأس.


ففي كلمته أمام مؤتمر بروكسيل «حول مستقبل سوريا والمنطقة» في صالة مجلس الاتحاد الأوروبي، وبعدما استعرض تداعيات النزوح السوري المستمرة على لبنان بمختلف قطاعاته الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والبنيوية والحيوية، وسط انخفاض مستوى الأمل بعودة النازحين قريباً إلى وطنهم تحت وطأة استمرار الصراع في سوريا، صارح رئيس الحكومة المؤتمرين بالقول: «لقد حان الوقت لتنفيذ حلول طويلة الأمد لهذه الأزمة الطويلة. لم تُظهر أي دولة السخاء الذي أظهره لبنان، لكنني أخشى أن لا يتمكن من الاستمرار، وهو لن يستمر في تحمل عواقب دعمه استضافة مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه ما لم يتم وضع خطة جديدة حيّز التنفيذ»، واضعاً بذلك الأسرة الدولية أمام مسار من إثنين: «إما الاستثمار في الأمل والسير في الرؤية التي وضعتها الحكومة اللبنانية والدخول في عصر النمو والاستقرار والتطور» خدمةً للنازحين واللبنانيين على حد سواء، أو «الاستسلام لليأس والسماح للفقر والبطالة في لبنان بالازدياد»، مع تحذيره من أنّ مسار اليأس سوف يدفع النازحين السوريين إلى أحضان «التطرّف» وإلى البحث عن «ملاذات أخرى» غير لبنان إذا ما ازداد تدهور الاقتصاد وانعدام الأمن. 


وإثر انتهاء المؤتمر، أكدت مصادر ديبلوماسية في بروكسيل لـ«المستقبل» أنه حقق غايته «بنجاح كبير خصوصاً أنّ الرئيس الحريري تمكّن في كلمته من تسليط الضوء بطريقة واضحة وعلمية على حجم الأزمة اللبنانية أمام المشاركين في المؤتمر، خصوصاً لناحية تضمينها رسائل مباشرة حول تعاظم تداعيات النزوح السوري على المجتمع اللبناني في مقابل قصور رد الفعل الدولي عن القيام بواجباته تجاه الأزمة بشكل بلغ معه لبنان منعطفاً مفصلياً وضعه في حاجة ماسة لدعم دولي عاجل ونوعي يتيح الاستثمار في إنعاش اقتصاده ويفسح المجال أمام خلق فرص عمل وتعليم للنازحين ربطاً بكون الأزمة السورية طالت وباتت تستوجب مقاربة طويلة الأمد مغايرة للصيغ السابقة التي كانت تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية».


وعن سلسلة اللقاءات الثنائية التي عقدها رئيس الحكومة مع رؤساء الحكومات والوفود المشاركين في المؤتمر، أوضحت المصادر الديبلوماسية أنّ الحريري نجح خلال هذه اللقاءات في أن «يُشعر الدول المانحة بحجم المشكلة»، في حين سمع من معظم الذين التقاهم تطمينات إلى أنّ استعادة لبنان «بيئته الدستورية والمؤسساتية» أصبحت تؤهله لكي يكون جاهزاً لتلقي المساعدات الدولية بعدما كانت مرحلة الفراغ الرئاسي والشلل الحكومي والمؤسساتي تحول دون ذلك. علماً أن كلمة الحريري أمام مؤتمر بروكسيل جرى توزيعها على المشاركين في المؤتمر مرفقة بخطة الحكومة اللبنانية لمقاربة أزمة النازحين ودراسة جدوى تفنّد النتائج الإيجابية المتوخاة منها.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024