منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية


مناخ البلد الانتخابي تفاؤليّ بشكل عام، والإيجابيات التي أشيعَت في الساعات الماضية وصلت إلى وضعِ القانون الانتخابي على شفير الولادة، والمسألة مسألة ساعات. 

إلّا أنّ التعمّقَ في هذا الجوّ يُظهر أنّه تفاؤل مبتور من النوع الفاقد للعناصر التي تجعل منه أمراً ملموساً. يقترن هذا الواقع بوضعٍ حكوميّ مصاب بالتوتّر الكهربائي الذي يُنذر باشتباك جدّي في أوّل جلسة لمجلس الوزراء، دخولاً مِن باب تلزيم بواخر الكهرباء وكذلك من باب تصحيح قرار له علاقة بالكهرباء أخرجَته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بغير الصيغة التي أقِرَّ فيها في مجلس الوزراء. 

إلّا أنّ الصورة الداخلية لم تستطِع أن تحجب المشهد الدموي الذي قدّمه الإرهاب وأسقَط عشرات الضحايا في سان بطرسبورغ الروسية، حيث طمأنَت السفارة اللبنانية في روسيا أن ليس بين الضحايا لبنانيون.

لكأنَّ هناك مطبخاً غيرَ مرئي وظيفتُه فقط ضخُّ إيجابيات غير مبنية على معطيات أكيدة وجدّية، فيما حقيقة الأمر هي أن لا شيء في اليد ولا تَقدُّم يُعتدّ به على الطريق الانتخابي، بل رهان على ما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة على هذا الصعيد.

بعيداً من الغرق في الإيجابيات الوهمية، فإنّ صورة المشهد الانتخابي تعكس أنه محكوم من جهة بفئة تزيّن الصورة أمام اللبنانيين برغم سلبيتها، ومن جهة ثانية بتمنّيات تتدحرج من كلّ حدب وصوب بإنجاز القانون وإنقاذ الاستحقاق الانتخابي وإخراج البلد من الاحتمالات السلبية التي تلوح في الأفق والتي دخلت عملياً في سباق سريع مع مهلة الاسبوعين التي تنتهي في 15 نيسان الجاري والتي حُدّدت كآخر فرصة لإنتاج قانون، وإلّا فالبلد أمام الدخول إلى التمديد أو الفراغ.

من هنا فإنّ الأنظار مشدودة إلى مجلس الوزراء، الذي يفترض أن يشكّل حلبة الحسم للملفّ الانتخابي، بعد جلسة المناقشة العامة للحكومة التي تنطلق بعد غدٍ الخميس في مجلس النواب.

وفي هذا السياق علمت «الجمهورية» أنّ اتصالات على مستويات سياسية وحكومية ووزارية قد جرت في الساعات القليلة الماضية، وبَحثت في إمكانية عقدِ جلسة للحكومة لبحث القانون الانتخابي، ليس في السراي الحكومي بل في القصر الجمهوري، لأهمّية الموضوع.

وكشفَت مصادر وزارية ونيابية لـ«الجمهورية» أنّ الأمور حسِمت في اتّجاه عقدِ هذه الجلسة، وأمّا موعدُها فيفترض أن يحدّده رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي دشّن جولتَه الاوروبية بلقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي قلّده وسامَ جوقة الشرف برتبة كوماندور باسمِ الدولة الفرنسية في احتفالٍ أقيمَ في قصر الإليزية، بالتوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

على أنّ الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء قد لا تكون باردةً، حيث كشفَت المصادر أنّ شرارة توتير سياسي اندلعَت في الساعات الأخيرة بين بعض الضفاف الحكومية على خلفية كهربائية لها علاقة بمناقصة وزارة الطاقة لتشغيل بواخر التغذية.

وفيما توقّعت مصادر وزارية أن تفتح المناقصة مشكلة سياسية في مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ كلفة المناقصة تبلغ ملياراً و880 مليون دولار لتشغيل بين 800 و1000 ميغاوات فقط، لوحِظت اعتراضات وزير المالية علي حسن خليل على هذا الأمر وتوجّهه إلى إثارته في مجلس الوزراء. في حين اكتفَت أوساط قريبة من وزارة الطاقة بالقول: نقارب هذا الملف وفقاً للأصول وضمن السياق الذي لا يخرج عن مصلحة البلد.

وأملَ مرجع سياسي عبر «الجمهورية» في أن تكون الجلسة، إذا ما عقِدت، جلسةً منتجة لا جلسة تشعِل فتيل التوتّر السياسي من الباب الانتخابي ايضاً، ويفترض بالتالي أن تشكّل هذه الجلسة مائدةً لبحث الصيَغ الانتخابية، والأكثر ترجيحاً للبحث هي الصيغة الاخيرة المقدّمة من الوزير جبران باسيل (التي تُحاط بملاحظات سلبية عليها من قوى أساسية، إذ إنّ «حزب الله» لم يوافق عليها وكذلك برّي). وأمّا الصيغة الثانية والتي عادت الى التقدّم مجدّداً، فهي الصيغة المقدّمة من بري لقانون مختلط (64 –64). والأهمّ في هذا السياق هو ألّا تعلَّق الجلسة في زحمة الصيَغ ولا تستطيع أن تتجاوز مطبّاتها.

وقالت مصادر وزارية عاملة على خطّ البحث الانتخابي لـ«الجمهورية»: «إنّ مهمة الحكومة في هذا الجو السياسي، قد لا تكون سهلة في الوصول خلال ايام الى توافق بين مكوّناتها على صيغة قانون فشِلوا في الوصول اليها على مدى اشهرعدة، فضلاً عن انّ التوافق هو اساس عمل مجلس الوزراء. وهذا ما يجب ان يتأمّن حول القانون الانتخابي، لأنه بغير التوافق قد نَفتح صفحات مجهولة».

وبحسب المصادر نفسها فـ«إنّ القانون الانتخابي يتطلب توافقاً شاملاً، وأمّا البتّ به بالتصويت في مجلس الوزراء فهذا يتطلّب أولاً أن ينال ثلثَي أصوات الحكومة، وإنْ تمّ الذهاب الى التصويت فهذا يمكن ان يخربَ البلد، وإذا ما تأمّنَ الثلثان وتمّ التصويت على هذا الاساس ستَشعر الفئة المعترضة عليه بأنّها معزولة أو مهمّشة أو أنّها تتعرّض للإبعاد والإلغاء والإبادة فساعتئذٍ كيف سنخلص؟، سندخل في دهليز لا نستطيع الخروجَ منه».

وفيما توقّفت مصادر سياسية عند إشارة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد الى انّ فريقاً وازناً وافقَ على النسبية، أكّدت المصادر أنّ المقصود بالكلام هو الرئيس الحريري، فيما رحّبَت أوساط رئيس المجلس بهذا الموقف واعتبرَته نقطة إيجابية يمكن البناء عليها للتقدّم الإيجابي نحو القانون الجديد.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» إنّ «المخرج للجميع هو ان نذهب الى قانون عادل ينتخب فيه اللبنانيون كلّ اللبنانيين، لا أن تنتخبَ طائفة او مذهب، كلٌّ جماعتَه. وكرّر «أنّ القانون الانتخابي الذي لا تُعرف نتائجه سلفاً هو القانون الأمثل والأسلم للبنان. ولأنّ كلّ الصيغ المطروحة معلومة النتائج، لا نستطيع أن نقول تعالوا نذهب إلى الأفضل بينها، بل تعالوا نذهب الى الأقل ضرراً».


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024