منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية



تكاد الطروحات الانتخابية المتتالية تحوّل المشهد الداخلي حقل اختبار لصيغ وأفكار يُراد لها ان تحدث خرقاً في الافق الانتخابي المسدود. 

على انّ اللافت للانتباه، في زحمة الطروحات هذه، هو برود الحماسة السياسية والشعبية في مقاربة جدية لأيّ صيغة تطرح، خصوصاً انّ نهر الصيغ الفاشلة، الذي تدفّق في الغرف السياسية في الآونة الاخيرة، عزّز شعور اللاثقة في إمكان عبور أيّ صيغة جسر التوافق الداخلي طالما أنها لا تسدّ هوّة الانقسام الداخلي حول القانون، ولا تترجم بالتالي شعار العدالة والمساواة والتوازن والتمثيل الصحيح.

المشهد السياسي العام يبدو مضبوطاً على صورتين، يتجلى في الأولى وئام رئاسي ملحوظ، وتفاهم حيال سائر الملفات والاستحقاقات، ولا سيما منها الموازنة العامة، التي أرجأها مجلس الوزراء إلى الجمعة لمراجعة بعض الأرقام، وسلسلة الرتب والرواتب التي يفترض أن تبصر النور في جلسة مجلس النواب غداً، وصولاً الى سلة تعيينات إدارية جديدة يجري الحديث عن إتمامها في وقت ليس ببعيد. وكذلك حول العنوان الانتخابي الذي يجب ان يراعي مبدأين أساسيين وهما التوافق حوله بين القوى السياسية، وصحة التمثيل.


وامّا الصورة الثانية، فيتصدّرها الموضوع الامني وما طَفا على السطح في الفترة الاخيرة من محاولات توتيرية ربطاً بتطوّرات محتملة في سوريا وبالحرب العالمية الجديدة على «داعش»، وتحديداً في الرقة، والتي استتبعت بمحاولات إقلاق الداخل اللبناني بزرع تسريبات من بعض «الغرف السوداء»، من نوع انّ لبنان مقبل على «ربيع ساخن».


الّا انّ اللافت في هذا السياق هو التفاؤل الرئاسي الذي تعكسه أجواء بعبدا، بناء على ما تتلقّاه رئاسة الجمهورية من مختلف المحافل الغربية والدولية.


وتؤكّد تِبعاً لذلك «انّ لبنان ذاهب الى مرحلة من تهدئة أكبر واستقرار أكبر. وقد تلقّت الرئاسة الاولى تأكيدات من مراجع خليجية بأنّ لبنان سيشهد زحفاً خليجياً سياحياً تجاهه، وسيشكّل الرعايا السعوديون العدد الأكبر من بينهم».


وبحسب هذه الاجواء، فإنّ التطورات الخارجية مَحلّ متابعة حثيثة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مع تشديده على دور اللبنانيين في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتعزيزه بقانون انتخاب جديد.


وبالتالي، انتخابات نيابية تجري على أساسه. فهذه هي الطريق الاساسي الى التحصين الداخلي، امام ايّ تطور خارجي ممكن ان يحصل، ويمكننا من إبقاء لبنان بمنأى عن تداعياته او ارتداداته».

وفي هذه الاجواء، قدّم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في مؤتمر صحافي، صيغة جديدة لقانون انتخابي يقوم على تقسيم المقاعد النيابية بالتساوي بين أكثري ونسبي، بحيث يتمّ التصويت وفق الاكثري على أساس 14 دائرة مختلطة على ان تنتخب كل طائفة نوّابها، ويتمّ اعتماد النسبية على اساس 5 دوائر وهي المحافظات الخمس التقليدية التاريخية، على حدّ تعبيره.

وأوضح باسيل أنه طرح هذا المشروع بعد رفض كافة الطروحات السابقة وانطلاقاً من اقتناع «التيار» بأنّ الجميع يريدون قانوناً جديداً للانتخابات يؤمِّن صحة التمثيل، وهذا الطرح يؤمّن للجميع كتلاً وازنة متنوِّعة.

واذا كان باسيل ومن خلفه «التيار الوطني الحر» يراهن على تجاوب القوى السياسية مع هذه الصيغة، فإنّ الاجواء السياسية لم تعكس تلقفاً ايجابياً، بل حذراً منها عَبّرت عنه مصادر نيابية بقولها لـ«الجمهورية»: هذه الصيغة تحتاج الى دراسة تفصيلية عامة، ويمكن ان تسجّل حولها مجموعة ملاحظات، وأهمّها انّ هذه الصيغة تبدو مفصّلة على مقاس القوى الكبرى، وتحرم القوى الاخرى من التمثيل، فضلاً عن أنها تحوّل التصويت النسبي الى تصويت أكثري على مستوى القضاء بما يُلغي فائدة الجزء النسبي من التصويت».

ولعلّ الأساس هو التساؤلات التي توالت من مستويات سياسية مختلفة عمّا اذا كان باسيل قد ضَمن مسبقاً موافقة الأطراف على الصيغة قبل طرحها، اذ إنه طرحها بعد اصطدامه بالاعتراض عليها من أطراف أساسية، فطرحها من باب إلقاء الحجة على الآخرين؟

وماذا عن موقف الحلفاء القريبين من «التيار الوطني الحر»، هل وافقوا عليها ام انهم تحفّظوا او رفضوا؟ وهنا السؤال عن موقف «حزب الله» الذي قال بعض وزرائه إنه يدرس صيغة باسيل، الّا انّ الملاحَظ هو الدراسة التحليلية التي قدّمها اعلام الحزب، وتُفنّد الخلل الذي يعتري هذه الصيغة.

وأكثر التساؤلات وقعاً كان عمّا اذا كانت صيغة باسيل الجديدة منطبقة مع الدستور وأحكامه ولا سيما التي تؤكّد المساواة بين اللبنانيين فيما الصيغة الجديدة تقسم اللبنانيين الناخبين والمقترعين بين فريق أكثري وفريق نسبي، وبالتالي هل هذه الصيغة بمنأى عن الطعن بها أمام المجلس الدستوري؟ وماذا لو فشلت فعلاً؟

فهل سنكون أمام صيغة جديدة، وهل هناك صيغة بديلة جاهزة، أم انّ الباب سيقفل نهائياً على ايّ صيَغ جديدة؟ وما العمل في هذه الحالة خصوصاً انّ عدّاد الولاية المجلسية يتناقص يوماً بعد يوم؟

على صعيد آخر، وبعدما اكتملت هيكلية المؤسسات العسكرية والأمنية بمواقعها القيادية، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ القادة العسكريين الجدد بدأوا ورشة تشكيلات ومناقلات داخلية في المؤسسات العسكرية والامنية تمهيداً لاستئناف اللقاءات الدورية في ما بينهم للتعاون والتنسيق وتحديد الآليات الواجب اعتمادها لمواجهة ايّ طارىء.

من جهة ثانية، كشفت مراجع أمنية أنها ترصد بدقة متناهية، بالتعاون مع أجهزة أمنية اقليمية ودولية، النتائج المترتبة على العمليات العسكرية الجارية في العراق وسوريا الهادفة الى محاصرة قادة داعش والمجموعات الأخرى الإرهابية تمهيداً لرصد حركتها بعدما نجح بعضها بالدخول الى مناطق سيطرة القوى المعارضة الأخرى التي تناصبها العداء ولا سيما منطقة سيطرة الجيش السوري النظامي تمهيداً للإنتقال الى دول الجوار السوري، ومنها لبنان والأردن.

وفي سياق أمني، دمّر الجيش اللبناني آلية لإرهابيّي تنظيم «داعش» قرب تلة ام خالد في جرود رأس بعلبك، حيث قتل وجرح من كان فيها من مسلحين.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024