منذ 7 سنوات | لبنان / المستقبل


هي عائلة بأكملها، بشبابها وبناتها، اختارت لهم الأم بعد أربع سنوات على وفاة والدهم، طريق«الجهاد»، فدفعت اثنين من أولادها القاصرين الى الالتحاق بمجموعة «الاستشهاديين» لدى تنظيم داعش الإرهابي في الرقة، فيما سارت وإحدى بناتها القاصرات «حاملة» معها ابنتها الصغرى التي لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات في طريق «جهاد النكاح» على أن تلحق بها بناتها الأخريات مع أزواجهن. ولم توفر الأم في «جهادها» شقيقات لها مع أزواجهن أيضاً بحيث كانت تحثهن على اللحاق بها.


قصة هذه العائلة ليست من نسج الخيال وإنما قصة حقيقية دارت أحداثها بين طرابلس والرقة التي وصلتها الأم قبل نحو عام مع أربعة من أبنائها بينهم طفلة من أجل «الجهاد»، على أن تلحق بها بناتها الأخريات مع أزواجهن بحيث لم توفر الأم شقيقاتها أيضاً في حملهن على السير بالطريق الذي اختارته لنفسها ولأفراد عائلتها.


تقف الشقيقتات زينة وعائشة وبينهما خالتهما نجاح أمام المحكمة العسكرية أمس، هنّ اتهمن بمحاولة الالتحاق بتنظيم داعش في الرقة بتحريض من الأم اسامة التي اقنعتهن بـ«الجهاد»، واذا كانت عائشة الابنة البكر قد «أخذتها العاطفة» فقررت مع زوجها عبد الكريم الذهاب الى الرقة «لأنها لم تعد تحتمل فراق والدتها»، فإن زينة رفضت «عرض الوالدة» في حين أن خالتهما نجاح كانت قد عقدت العزم على السفر هرباً من المشاكل الزوجية لتعود عن قرارها طوعاً.


اذاً، حسن ومحمود وبارعة وراما، أربعة أشقاء وشقيقات جميعهم قاصرون التحقوا بداعش مع والدتهم اسامة فيما بقيت زينة وشقيقتها عائشة مع خالتهما نجاح يواجهن مصيرهن أمام المحكمة التي استمع رئيسها العميد الركن حسين عبدالله بإصغاء أمس اليهن والى دوافعهن قبل أن يصدر مساء بحقهن حكماً قضى بسجنهن سنة مع وقف تنفيذ العقوبة، فيما حكمت المحكمة على الفارين وبينهم الوالدة بالسجن أشغالاً شاقة مؤبدة وأحالت بالنسبة الى القاصرين الملف الى محكمة الاحداث.


تروي زينة أمام المحكمة بأن والدها كان في عداد الجيش وقد توفي قبل أربع سنوات، وكانت والدتها تتقاضى راتبه.


وبعد وفاته التزمت الوالدة دينياً وأصبحت على علاقة صداقة مع ابنة عمها منى التي سافرت الى الرقة العام 2015 والتحقت بداعش.


وتتابع زينة: «بقيت والدتي على تواصل مع منى، وفي تشرين الأول من العام 2015 جمعتنا والدتي أنا وشقيقتي رقيّة وعائشة وأخبرتنا بأنها ستذهب الى الرقة للالتحاق بداعش مع أشقائي حسن ومحمد وبارعة وراما، وأنها نسّقت هذا الأمر مع منى كما قامت بتنظيم توكيل لشقيقتي عائشة لكي تتقاضى راتب والدي. وبعد أربعة أيام سافرت مع أشقائي الى تركيا ومنها دخلت الرقة وهناك تزوجت والدتي من شخص سعودي هو أحد عناصر داعش وانفصلت عنه بعد أسبوعين لتتزوج من آخر لبناني يدعى عزام».


وتضيف الابنة: «بقيت على تواصل مع والدتي التي طلبت مني مرات عدة الذهاب برفقة زوجي الى الرقة للالتحاق بداعش لكنني رفضت ذلك. كما عرضت الأمر على شقيقتي عائشة التي حاولت الذهاب برفقة زوجها لكن تم توقيفهما في تركيا».


وأكدت زينة أن والدتها لم تطلب منها القيام بأي عمل أمني في لبنان، وقالت إنها أخبرتها أن شقيقيها حسن ومحمود يخضعان للتدريب الشرعي والعسكري وبأنهما التحقا بمجموعة «الاستشهاديين» مع داعش لكنها لم تخبرها عن الزمان والمكان اللذين سينفذان فيه العملية.


أما عائشة فقد أفادت أمام المحكمة بأنها حاولت الذهاب الى سوريا وقالت: «أنا متعلقة جداً بوالدتي وكنت سكنت معها بعد زواجي وقد تركتني مع شقيقاتي، إنما لم أعد احتمل الوضع أو المنزل من دونها ما دفعني الى القيام بشيء ما من دون أن افكر بعقلي». وأضافت «مهما يكن فإن والدتي تبقى والدتي مهما فعلت وهي دلتني على الطريق للوصول اليها، وأن مشاكلي مع زوجي التي وصلت الى الطلاق دفعتني الى الذهاب اليها».


وتابعت تقول: «أنا سافرت وزوجي عبد الكريم عن طريق المطار الى تركيا وانتظرنا هناك حوالى الشهر و20 يوماً حيث أوقفتنا السلطات التركية وسلمتنا الى لبنان. وإن زوجي موقوف حالياً ولا اعرف عنه شيئاً».


وقالت عائشة عن تكاليف السفر إنها باعت مصاغها من الذهب كما باعت غرفة نومها، نافية أن تكون والدتها قد طلبت منها القيام بأي عمل أمني في لبنان، وقالت: «أنا لا أضرّ بلدي مهما يكن وإنما كنت أريد أن تكون أمي بيننا وعندما تشتعل العاطفة يتوقف العقل عن العمل».


وتقول «الخالة» نجاح عن محاولتها الالتحاق بداعش: «اخبرتي شقيقتي اسامة أنها ستسافر الى ألمانيا مع عائلتها ثم عادت وقالت لي إنها ستسافر الى سوريا». وأضافت: «تزوجت اختي في البدء من شخص سعودي ثم انفصلت عنه بعد أسبوعين لتعود وتتزوج من لبناني من القبة في طرابلس، وقد حاولت إقناعي بالالتحاق بداعش وحينها كان ثمة مشاكل بيني وبين زوجي وأعلمتها بموافقتي في الذهاب الى سوريا».


وكيف اقتنعت بالذهاب أجابت: «اختي اسامة هي اختي الوحيدة ولطالما وقفت الى جانبي في أي مشاكل تعترضني مع زوجي». أما عن جواز السفر الذي نظمته فقالت نجاح إنها كانت ذاهبة بالفعل الى سوريا إنما عدلت عن قرارها «لأن أولادي ما إلهم حدا غيري».


ونفت أن تكون شقيقتها قد طلبت منها القيام بأي عمل أمني في لبنان أو تحويلها أي أموال لها.


وأجمعت الموقوفات الثلاث على أن أي منهن لم يكن يعلم الفكر الداعشي ولا أي شيء يتعلق بهم.


وفي مرافعته عن المتهمة نجاح اعتبر المحامي فواز زكريا أن نية موكلته لم تنصرف الى الالتحاق بداعش لأنها لا تؤمن بأفكاره، وهي لم تكن بحاجة الى جواز سفر للسفر الى سوريا فثمة قنوات عديدة لذلك، ورأى أن عدول موكلته طوعاً عن الذهاب لا يشكل جرماً يُعاقب عليه القانون لافتاً الى أن زوجها كان يتعامل مع جهاز الأمن العام كما لم تخفِ موكلته أي معلومات أخبرتها بها شقيقتها اسامة، منتهياً الى طلب البراءة.


ووصف المحامي أحمد الفي بوكالته عن الشقيقتين عائشة وزينة أمهما اسامة بانها «أم شريرة ومجرمة» طالباً بدوره البراءة لهما.


وبسؤال المتهمات عن كلامهن الأخير طلبن وهن يبكين البراءة.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024