متاهة جديدة دخلها اتفاق إجلاء مسلحي حلب بعدما أقدم مقاتلون من «جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام) على إحراق مجموعة من الحافلات كانت متوجهة لإخراج دفعات من أهالي قريتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف إدلب، مقابل إخراج دفعات من المسلحين وعائلاتهم المحاصرين في حلب، وذلك بموجب اتفاق تم التوصل إليه في وقت متأخر من ليل أمس الأول، وهو أمر تسبب بتعليق الاتفاق مرة أخرى.
المفاوض في الاتفاق عمر رحمون اتهم في تغريدات عبر حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي «جبهة النصرة» بالوقوف خلف الاعتداء، مشيراً إلى أن «الأمير في جبهة النصرة عبد الرؤوف رحمة هو من يقف وراء إحراق الحافلات».
مستجدات المشهد بدأت في وقت كان أسطول من الحافلات الخضراء في طريقه إلى قريتي كفريا والفوعة، وتعرض لهجوم من قبل مسلحي «النصرة»، حيث قاموا باحتجاز سائقي الحافلات وتم قتل أحدهم، فيما نجحت خمس حافلات في الوصول إلى القريتين.
هذه التطورات جاءت بعد يوم واحد فقط من توقف مماثل لإجلاء المدنيين إثر مجموعة عوامل متشابكة، بعضها يتعلق بقيام المسلحين بمحاولات لنقل أسرى للجيش السوري وأسلحة ثقيلة معهم إلى ريف إدلب، وفق ما ذكرت مصادر رسمية سورية، بالإضافة إلى قيام أهالي قريتي نبل والزهراء بقطع الطريق أمام الحافلات بهدف الضغط لإدخال قريتي الفوعة وكفريا في الاتفاق.
وفي وقت متأخر من مساء أمس، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الأمم المتحدة في سوريا قوله، إنه تم استئناف عمليات إجلاء المسلحين من شرق حلب، فيما لم يكن لدى المسؤول أي معلومات بشأن عملية الإجلاء من كفريا والفوعة.
توقف الاتفاق في المرة الأولى تسبب بجولة مفاوضات حامية انتهت بضم الزبداني أيضا إلى بنوده، وقد جرى الاتفاق على نقل المحاصرين في حلب على دفعتين، يقابلهما إخراج دفعتين من الفوعة وكفريا مكونتين من 1200 شخص في كل دفعة، على أن يتم نقل 1500 شخص من الزبداني إلى ريف إدلب مقابل إخراج 1500 شخص من الفوعة ـ كفريا، ما يضمن إخراج قرابة أربعة آلاف شخص من القريتين اللتين تحاصرهما الفصائل المتشددة في ريف إدلب، مقابل كامل محاصري حلب و1500 شخص من الزبداني.
الاتفاق، برغم أنه لم يصل إلى طموح أهالي نبل والزهراء، إلا أنه دخل في نطاق تعهد الحكومة السورية بضمان تنفيذه وضبط جميع العناصر، مقابل تعهد مماثل تقدمت به الفصائل المتشددة، إلا أن الأخيرة عجزت عن الالتزام بتعهداتها، حتى كاد إحراق الحافلات يتسبب بانهيار الاتفاق بالكامل.
مصدر أهلي من قرية كفريا المحاصرة ذكر في اتصال هاتفي لـ «السفير» أن جميع الحالات التي تنتظر إخراجها جاهزة، إلا أن قطع المسلحين للطريق حال دون استكمال تنفيذ الاتفاق، موضحاً أن أكثر من 1200 شخص هم بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية، خصوصا أن بعضهم يعانون إصابات بالغة جراء قصف المسلحين للقريتين، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من المرضى وكبار السن والأطفال.
قائد قوات «الحلفاء» في سوريا، أصدر بيانا صحافيا عممه «الإعلام الحربي» التابع للمقاومة، شرح من خلاله أنه «نص الاتفاق علی تبادل الحالات الإنسانیة من المرضی والجرحی وکبار السن من بلدتي کفریا والفوعة إلی حلب، مقابل استکمال خروج المسلحین بأسلحتهم الفردیة وعائلاتهم، علی أن یتم التنفیذ بشكل متزامن لإدخال الحافلات إلی المنطقتین»، مضيفاً «إن ما حصل الیوم من تأخیر في تنفیذ الاتفاق وعدم إدخال الحافلات إلى البلدتين ثم إحراق خمس منها، برغم تأکید المسلحین والداعمین الدولیین لهم بالمحافظة علیها وإعطاء الأمان، یعتبر عملاً لا إنسانياً ولا أخلاقیاً وإجرامياً وهو تعبیر عن عدوانها المستمر علی کرامة الناس والاستخفاف بحیاتهم».
وتابع البيان «هذه الخدعة لن تنطلي علینا، ونحمّل المسؤولیة للإرهابیین والدول الداعمة لهم، ونطالبهم بالإیفاء بالتزاماتهم ونقول لهم: سینتظر عناصرکم المسلحون الذین یریدون الخروج بسلاحهم الفردي، خروج المدنیین من قریتي كفريا والفوعة وأي تأخیر هو بسببكم وتحت مسؤولیتكم».
في هذا السياق، ذكرت مصادر ميدانية أن القوات الموجودة قرب معبر الراموسة أوقفت الحافلات التي كانت في طريقها إلى ريف إدلب وتحفظت عليها ريثما يتم تقديم ضمانات إضافية لاستكمال عمليات الإخلاء والتبادل. وبحسب المصادر، فإن القوات تحفظت على الحافلات فقط، من دون أن يتم التدخل بالأشخاص الذين تقلهم، علماً أن من بين الأشخاص قياديين في «جبهة النصرة».
في المقابل، تسببت عمليات إحراق الحافلات بجدل كبير بين أوساط المسلحين وباتهامات متبادلة بين قادة الفصائل، وهو أمر استدعى تدخل القاضي الشرعي في «جيش الفتح» السعودي عبد الله المحيسني، الذي ناشد الفصائل من خلال تسجيل صوتي أن «تصون عهودها وأن تسمح بمرور الحافلات».
إلى ذلك، ذكر مصدر رسمي سوري أنه جرى تعليق الاتفاق «حتى إشعار آخر»، فيما ذكر المفاوض عمر رحمون أن «كل الإجراءات اللازمة لحماية الحافلات العائدة من الفوعة قد اتخذت، والامور تجري نحو إتمام الاتفاق».

مجلس الأمن
أفاد ديبلوماسيون أن مجلس الامن الدولي سيصوّت اليوم على مشروع قرار حول نشر مراقبين في حلب، بعدما وافقت فرنسا على أخذ تحفظات روسيا حول قرارها، في الاعتبار.
وكان المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قد أكد أمس، أن موسكو ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الفرنسي، معللاً موقف بلاده بأن الاقتراح لم يأخذ في الاعتبار الاستعدادات التي يحتاجها مسؤولو الأمم المتحدة كي يتمكنوا من مراقبة الإجلاء وحماية المدنيين المتبقين، وهو أمر «يحمل في طياته كارثة».
وقال المندوب الفرنسي لدى الامم المتحدة فرانسوا دولاتر، إن بعض الدول الاعضاء تحتاج الى العودة لعواصمها لنيل الموافقة النهائية على مشروع القرار، فيما اعتبر تشوركين ان مشروع القرار المعدَّل يشكل «نصا جيدا».




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024