منذ 7 سنوات | العالم / السفير

لم يحد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قيد انملة عن خطابه الانتخابي. وبعدما اكتملت صورة إدارته، بتعيين رئيس مجلس ادارة عملاق النفط «اكسون موبيل» ريكس تيلرسون وزيراً للخارجية، تبدو اميركا التي تريد العودة الى عظمتها من المنظور «الترامبي»، أشبه بشركة عملاقة هي نفسها، عازمةٌ على عقد صفقات مُربحة، أو التخلص من أخرى خاسرة، وسط انكفاءٍ متزايد في نهاية عهد اميركي شهد اقوى تصعيد «بارد» مع روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

وفي هذا الإطار، سلّطت الأضواء أمس، على علاقة تيلرسون القوية بموسكو، هو الذي حاز من زعيم الكرملين فلاديمير بوتين على وسام الصداقة منذ أعوام قليلة، ما يمهّد لجلسة حامية داخل الكونغرس لتثبيت تعيينه. كما سلّطت الأضواء على تسريبات تثبت ضلوع «اكسون» التي لم يعرف وزير الخارجية الأميركي الجديد مكان عمل غيرها منذ العام 1975، والتي أدت إلى تراكم ثروته، في تمويل جميع حملات المعارضين لنظرية التغير المناخي.

وبالنسبة للعلاقة مع الروس، يعرف تيلرسون (64 عاما) موسكو جيداً بوصفه رئيس مجلس ادارة اول مجموعة نفطية في العالم. لكنه طوّر ايضا علاقة شخصية مع الرئيس الروسي الذي رحّب الكرملين باسمه بـ «شخص مهني»، وذلك في وقت حساس اتهمت فيه الـ «سي آي ايه» موسكو بأنها تدخلت في الاقتراع الرئاسي في الثامن من تشرين الثاني لفوز ترامب.

ولكن باختيار رجل الأعمال النافذ الذي ندد في السابق بالعقوبات على روسيا، وزيراً للخارجية، يؤكد ترامب أنه يرغب في تهدئة التوتر مع موسكو.

وأفاد بيان من مكتب ترامب أن تيلرسون «سيكون مدافعاً قويا عن مصالح أميركا الحيوية، وسيساهم في تغيير سنوات من السياسة الخارجية السيئة، والأعمال التي أضعفت أمننا ومكانة أميركا في العالم».

وقال ترامب في البيان «لا يسعني التفكير بشخص اكثر استعداداً ومكرّساً بهذا الشكل لأداء الخدمة كوزير للخارجية في هذه الأوقات الحساسة في تاريخنا»، مضيفاً أن «تيلرسون يعرف كيف يدير منظمة ذات بعدٍ عالمي، وهو ما يعتبر امراً مهماً لإدارة وزارة خارجية ناجحة»، ومشدداً على أهمية «علاقاته مع قادة في مختلف انحاء العالم».


ورحّب ترامب باختيار احد «اكبر رؤساء المؤسسات في العالم» لخلافة الديموقراطي جون كيري الذي تولى حقيبة الخارجية منذ شباط 2013، كما رحّبت وزيرة الخارجية السابقة في عهد جورج بوش الابن كوندليزا رايس بهذا التعيين، وكذلك وزير الدفاع السابق روبرت غيتس الذي خدم في عهدي بوش وأوباما، مؤكدين أن تيلرسون سيمثّل «خياراً ممتازاً».

من جهته، قال تيلرسون في بيان «يجب أن نركّز على تقوية تحالفاتنا وتدعيم قوتنا وسيادتنا وأمننا».

وتيلرسون الذي لا يحظى بأي خبرة في السياسة الخارجية، سيواجه بالتأكيد اسئلة صعبة خلال جلسات الاستماع امام مجلس الشيوخ لتثبيته في منصبه.

وأكد السناتور الجمهوري مارك روبيو أن «الصداقة مع بوتين ليست صفة اتطلع الى توفّرها لدى وزير للخارجية»، مضيفاً أن «على وزير للخارجية ان يرى العالم بأخلاقية عالية بعيداً عن تضارب المصالح ومع حس كبير لخدمة المصالح الأميركية».

اما جون كيري الذي انهى ولايته من دون أن ينجح في وقف الحرب في سوريا رغم سنوات من التفاوض مع روسيا، لكنه نجح في التفاوض حول الاتفاق النووي مع إيران، فاكتفى بـ «تهنئة» خلفه مؤكداً انه سيضمن له «عملية انتقالية سلسة لتتبع الادارة المقبلة العمل المهم للسياسة الخارجية الاميركية».

وإلى الملف الروسي، سيتحتم على وزير خارجية ترامب معالجة ملف آخر بعد توليه مهامه في 20 كانون الثاني، ألا هو العلاقات مع الصين.

ومنذ مطلع الشهر الحالي، ضاعف ترامب تصريحاته المربكة حيال بكين التي عزت تصريحاته اولا الى «عدم خبرته» في الديبلوماسية لكنها وجهت أمس الاول اول تحذير واضح من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة غداة تصريحات له هدد فيها بتغيير مسار 40 عاما من العلاقات الصينية ـ الاميركية، معربة عن قلقها من تصريحاته عن امكانية تراجع واشنطن عن دعم سياسة الصين الواحدة إذا لم تقدّم بكين تنازلات حول التجارة وقضايا اخرى.

كما ان نظرة تيلرسون الى السياسة الخارجية بشكل عام غير معروفة، والاكيد انه يؤيد التبادل الحر. وكوزير للخارجية سيتعين عليه معالجة ملف ايران النووي والملف السوري والعلاقات مع دول الخليج والاتحاد الأوروبي.

وإن لم يكن معتاداً على الأعراف والبروتوكولات الديبلوماسية، فإن تيلرسون معتاد على لقاء كبار قادة هذا العالم للدفاع عن مصالح «اكسون موبيل» الناشطة في اكثر من 50 بلدا من قطر الى بابوازيا ـ غينيا الجديدة مرورا بالسعودية. وموقفه كمساهم في الشركة التي يملك اسهماً فيها تزيد قيمتها عن 150 مليون دولار بحسب وثائق في البورصة، قد يسبب تضاربا في المصالح لأن قراراته كوزير للخارجية ستؤثر على سعر السهم. ورفع العقوبات عن روسيا سيؤدي بالتأكيد الى ارتفاع كبير للسهم.

وبحسب كلام مراسل الـ «نيويوركر» ستيفن كول، الذي اصدر كتاباً حول سياسة «اكسون» الخارجية، فإن تعيين تيلرسون «سوف يثبت اعتقاد الكثيرين حول العالم بأن أفضل فهمٍ للقوة الاميركية هو انها تمرينٌ استعماري جديد لتأمين الموارد».

رغم ذلك، يبقى تيلرسون بحسب الـ «نيو ريبابليك» افضل الخيارات المتاحة من بين صقور رشّحت اسماؤهم الشهر الماضي، مثل جون بولتون وديفيد بترايوس ورودي جولياني وميت رومني، الذين يعارضون بدرجات متفاوتة الاتفاق النووي كما يدعمون تدخلاً عسكرياً اقوى في العالم او تعزيزاً لوجود عسكري اميركي في الهادئ لمواجهة الصين.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024