مع استمرار القتال العنيف بين قوات الأسد والميليشيات التي تسانده وقوات المعارضة المتمركزة في أحياء من شرق حلب المحاصرة والمنكوبة والتي تتعرض لقصف شرس لا يستثني المدنيين، ارتكبت الطائرات الروسية والأسدية سلسلة مجازر متنقلة في مدينة إدلب وريفها راح ضحيتها عشرات القتلى أكثرهم من الأطفال والنساء. وأصدرت السعودية والإمارات وقطر وتركيا بياناً مشتركاً دعت فيه إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا، فيما كرر الثوار رفضهم الانسحاب من أحياء حلب الشرقية وترك بيوتهم «للأفغاني والعراقي».


فقد ارتفع عدد قتلى الغارات الروسية والسورية في أسواق وأحياء سكنية بريف إدلب إلى 65 قتيلا، كما سقط عشرات القتلى والجرحى من جراء القصف على أحياء حلب، بينما تحاول المعارضة المسلحة وقف زحف قوات الأسد شرقي حلب.


وقال مراسل «الجزيرة» في إدلب ميلاد فضل إن ستين مدنيا قتلوا في قصف لطائرات روسية وسورية على سوق الخضار وسط مدينة معرة النعمان، وفي غارات أخرى على أحياء سكنية وسوق شعبي ومستشفى ومراكز للدفاع المدني في مدينة كفرنبل، كما أصيب العشرات بجروح. 


وأوضح المراسل أن أربعة أطفال وامرأة قتلوا جراء قصف لطائرات النظام على بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي.


وأكد المراسل أن المدنيين في مدينة إدلب وريف إدلب الجنوبي يعيشون حالة استنفار من جراء الغارات المتواصلة، وذلك على الرغم من بعد تلك المواقع عن نقاط الاشتباكات، وعدم وجود مسلحين للمعارضة فيها.


وفي التفاصيل قال ناشطون إن الطيران الحربي استهدف أطراف منطقة السوق في مدينة كفرنبل بخمس غارات جوية، خلفت مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 26 شهيداً وعشرات الجرحى، بينما تعرضت عدة مدارس وأفران للخبز ومشفيين طبيين للقصف بالصواريخ في المدينة.


كما استشهد 6 مدنيين هم أربعة أطفال وسيدتان بقصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة على منازل المدنيين في المزارع الشرقية من بلدة التمانعة بريف المحافظة الجنوبي.


وتعرضت مدينة معرة النعمان لقصف جوي من الطيران الحربي بعد ساعات قليلة من مجزرة كفرنبل، حيث استهدف القصف السوق الرئيسي وسط المدينة، مخلفاً مجزرة جديدة راح ضحيتها أكثر من 35 شهيدا كحصيلة أولية، وعشرات الجرحى.


وسجل استشهاد سيدة في النقير بقصف الطيران الحربي، وأخرى في بلدة كفرسجنة بقصف مماثل، وسيدة ثالثة بقصف جوي من الطيران الحربي طال مدينة معرة النعمان صباحاً.


وفي حلب، سقط عشرات القتلى والجرحى من جراء القصف الجوي والمدفعي على أحياء بشرق المدينة، ولا سيما حيي الفردوس والمغاير.


وقالت وكالة «سانا» التابعة لدمشق إن قوات الأسد مع «القوات الرديفة» سيطرت على دواري الجزماتي والحلوانية وصولاً إلى طريق هنانو في أحياء حلب الشرقية المحاصرة.


ونقل مراسل الجزيرة عن المعارضة المسلحة قولها إن المناطق التي تقدم إليها النظام لا تزال مناطق مواجهات واشتباك بين الطرفين، وإنها لا تزال مستمرة في صد هجمات قوات النظام على مختلف الجبهات، كما أكدت شبكة شام أن المعارضة قتلت وجرحت العديد من جنود النظام والمليشيات وأنها قصفت الأكاديمية العسكرية وجمعية الزهراء بصواريخ غراد.


وقال القيادي في الجيش الحر محمد الشيخ لوكالة الأناضول إن فصائل المعارضة اضطرت للانسحاب السبت من أحياء كرم الطراب والجزماتي والحلوانية وطريق الباب جراء القصف. 


وقال مسؤول بارز في المعارضة إن جماعات المعارضة في حلب أبلغت الولايات المتحدة بأنها لن تنسحب من المنطقة المحاصرة بالمدينة بعد أن دعت روسيا لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحابهم.


وقال صحافيون من «رويترز» في المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة في المدينة إنهم سمعوا دوي انفجارات شديدة قادم من شرق حلب مع حلول الليل. وقال مسؤول الجبهة الشامية إن تحقيق مكاسب جديدة قد يجبر المعارضة على الانسحاب إلى الركن الجنوبي الغربي من منطقتهم. وأضاف المسؤول «ستكون مناطق حلب القديمة مهددة بدرجة كبيرة... أنها الأرض المحروقة.»


وقال زكريا ملاحفجي المسؤول الكبير بالمعارضة السورية متحدثاً من تركيا إن جماعات المعارضة التي تقاتل في حلب أبلغت مسؤولين أميركيين السبت أنها لن تترك المدينة. وأضاف ملاحفجي أن المسؤولين الأميركيين سألوا مقاتلي المعارضة «هل تريدون الخروج (أم) الصمود؟» وقال ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لتجمع فاستقم الموجود في حلب «نحن ردينا على الأمريكان كالآتي: نحن لا يمكن أن نترك مدينتنا وبيوتنا للمليشيات المرتزقة التي حشدها النظام في حلب.» وتابع «ما ممكن أن نترك بيتنا للأفغاني والعراقي وإلى آخره. هذه أحياؤنا وهذه بيوتنا وهذه مدينتنا ونحن صامدون.» وقال «سمعوا الجواب وما علقوا بأي شي.» 


وأضاف ملاحفجي أن مقاتلي المعارضة دعوا «أشقاء وأصدقاء الشعب السوري لأن يقفوا معنا.. يصمدوا معنا ما دمنا صابرين وواقفين وبنفس الوقت نطالب بشكل عاجل جدا ليس من أجلنا ولكن من أجل المصابين ومن أجل المدنيين بدخول مساعدات طبية وإنسانية من دواء وغداء وإجلاء الجرحى والمصابين».


ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاثنين على مشروع قرار يطالب بهدنة مبدئية لمدة سبعة أيام في حلب يمكن تجديدها بعد ذلك. لكن لم يتضح ما إذا كانت روسيا التي تتمتع بالفيتو ستستخدمه لمنع صدور القرار.


وكانت السعودية والإمارات وقطر وتركيا أصدرت بياناً مشتركاً دعت فيه إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا.


كما أوضح البيان المشترك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تضطلع بمسؤولياتها المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين، لا سيما في وقت أصبح فيه مجلس الأمن غير قادر على فعل ذلك بسبب عدم وجود إجماع.


وذكر أن الأسابيع الماضية شهدت تصعيدا على شرق حلب، ما ينذر بعواقب وخيمةٍ بحق المدنيين، كما أشار البيان إلى تدهور الوضع الإنساني في حلب بعدما باتت المستشفيات غير قادرة على علاج أولئك الذين نجوا من الموت.


واستنكر البيان أن يتم التعامل مع الأزمة السورية كما لو كان الأمر عادياً، موضحاً أن هذه الظروف المروعة تؤكد أن الدعوة لعقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة لها ما يبررها. 



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024