تواجه معركة استعادة مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، من قبضة تنظيم «داعش« تحديات حقيقية ابرزها الخلافات بين الاطراف السياسية بشأن مستقبل المحافظة بعد طرد المتشددين، واتساع نزوح الاف السكان من مناطق النزاع التي تشهد تباطؤا واضحا في سير المعارك التي دخلت اسبوعها الثالث، حيث تشهد المحاور التي يسيطر عليها الجيش العراقي وميليشيا «الحشد الشعبي» اشتباكات متوسطة الحدة.


وقالت مصادر سياسية مطلعة ان 4 تحديات تضغط على الحكومة العراقية وتلقي بظلالها على اجواء المعركة الدائرة حول الموصل لطرد «داعش« من معقله الاساس في العراق.


واضافت المصادر في تصريح لصحيفة «المستقبل« ان «الحكومة العراقية تعاني تحديات حقيقية تعوق تقدم القوات العراقية بشكل سريع نحو الموصل، وتربك الخطط العسكرية الموضوعة لطرد «داعش« من المدينة»، مشيرة الى ان «التحديات تتركز في الجانب السياسي عبر اتساع نطاق الخلافات بين الكتل السياسية الفاعلة وخصوصا بين السنة والاكراد من جهة، والشيعة من جهة اخرى بشأن مستقبل محافظة نينوى بعد «داعش«، اذ يرفض الشيعة تحول المحافظة الى اقليم على غرار اقليم كردستان وهو ما يطالب به ساسة سنة واكراد«.


واوضحت المصادر ان «التحدي الاخر يتمثل بانعكاسات الازمة مع تركيا واحتمالات نشر قواتها في شمال العراق لحماية التركمان، وهو تحد مكلف للعراق ان دخل في مواجهة عسكرية مع القوات التركية المتواجدة اصلا في بعشيقة (قرب الموصل)، مشيرة إل ان «الاحزاب والفصائل المسلحة 


الشيعية ترفض بشدة الاستعانة بالقوات التركية وتهدد بمواجهة مفتوحة معها بينما يطالب ممثلو العرب السنة والاكراد بابرام تفاهم مع انقرة لاشراكها في الحرب على «داعش« في الموصل، وهو امر تؤيده الولايات المتحدة».


ولفتت المصادر الى ان «مشاركة الحشد الشعبي في معركة نينوى تمثل معضلة اخرى، كونه يثير سجالات حامية بين الاطراف السياسية، خصوصا مع رفض السنة لدخولهم المعركة ورغبة ممثلي الكتل الشيعية بان يكون لفصائلهم بصمة في معركة الموصل، لاسيما الهجوم على مدينة تلعفر (ذات الاغلبية التركمانية) والتي ترفض انقرة اي اقتراب للميليشيات الشيعية منها، خشية حصول اعمال انتقامية ضد التركمان السنة، وهو امر يحتاج الى تفاهمات اقليمية لمنع اي انفجار في الاوضاع الامنية«.


وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حذر أول من أمس السبت، قوات الحشد الشعبي من مهاجمة التركمان في تلعفر، وقال: «اذا قام الحشد الشعبي بزرع الرعب هناك، فسيكون ردنا مختلفا»، من دون ان يحدد التدابير التي سيتخذها، مؤكداً ان المعلومات المتوافرة لديه لا تسمح بأن يؤكد ان قوات «الحشد الشعبي» متوجهة الى تلعفر. لكنه قال «على كل حال نحن لن ننظر بشكل ايجابي» الى هجوم للحشد الشعبي على تلعفر.


واشارت المصادر الى ان «التحدي الرابع يتلخص بكون المعارك الجارية في محافظة نينوى، دفعت بآلاف السكان الى النزوح من مناطق التماس والتوجه إلى المناطق الحدودية بين العراق وسوريا، او الى المناطق الكردية في سوريا»، مشيرة الى ان «نازحي الموصل يواجهون الكثير من المصاعب في المناطق الحدودية لجهة قلة المياه والطعام والأدوية والنظافة، فضلا عن ان المنظمات الإنسانية لا تقدم لهم المساعدات الضرورية مع اقتراب فصل الشتاء، وهو ما يلقي على كاهل الحكومة العراقية اعباء باهظة تدفعها الى التريث وعدم الاسراع باقتحام مدينة الموصل«.


وفي ظل العقبات التي تحيط بسير معركة الموصل، يسعى قادة ميليشيات «الحشد الشعبي« الى تهدئة المخاوف من اشتراكهم في الحملة العسكرية من خلال التأكيد على عدم دخولهم مركز محافظة نينوى، والاكتفاء بقطع الطريق الرابط بين الموصل والرقة في سوريا، وحماية الحدود العراقية ــ السورية.


وقال الناطق باسم الحشد الشعبي كريم النوري ان «لا وجود لاي احتمال لنشوء خلافات مذهبية مع مشاركة «الحشد الشعبي« في معركة الموصل، فالمشاركة تأتي لتعزيز الاخوة وللدفاع عن ابناء الموصل«.


واضاف النوري امس أن «مشاركة الحشد مع قوات الجيش العراقي والبيشمركة، وابناء الموصل، تجعل عملية التحرير، وطنية، ولا توجد فيها اي حساسية، باستثناء بعض السياسيين» موضحا ان «التقدم يسير بحسب الخطة الموضوعة من قبل رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي«، ومشددا على ان «الحشد لن يدخل الى مركز الموصل، بل ان مهامه محددة بقطع الطريق الرابط بين الموصل والرقة وحماية الحدود«.


وتشن فصائل الحشد الشعبي لليوم الثاني على التوالي عمليات عسكرية في محور غرب الموصل لاستعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش« منذ 2014.


وذكر بيان لفريق الاعلام الحربي التابع للحشد ان «الحشد باشر عملياته العسكرية لاستكمال تحرير مناطق غرب الموصل من سيطرة داعش»، مضيفا، «ان قوات الحشد دخلت السلماني، وتلاحق عناصر «داعش« داخل شوارعها، بالاضافة الى محاصرة قرية مشيرفة« جنوب غرب الموصل.


واوضح البيان ان «قوات الحشد استكملت تطهير منطقة المستنطق الاولى، وتتحرك باتجاه المستنطق الثانية ومنطقة الشيك لتحريرها«.


واثناء تقدمها، اشتبكت ميليشيات الحشد مع عناصر من «داعش«، ودارت مواجهات عنيفة في المحور الجنوبي، خصوصا وان قطعات الحشد تسير باتجاه عين جحش ثم تل عبطة وتل سروال باتجاه قضاء تلعفر.


وفي حال السيطرة على هذه المناطق الصحرواية، فسيتم قطع الطريق الرابط بين الموصل وقضاء البعاج الذي تسلكه عناصر «داعش« الهاربة الى سوريا .


وكان الحشد الشعبي أعلن اول من امس انطلاق عملية عسكرية لاستعادة مناطق غرب مدينة الموصل من سيطرة تنظيم «داعش«.


وفي المحور الشرقي، افادت مصادر كردية بان «قوات البيشمركة الكردية استعادت قريتي كانونة وروجبيان اللتين كانتا محاصرتين في ناحية بعشيقة، من سيطرة تنظيم «داعش«.


وتقع قريتا كانونة وروجبيان بين الفاضلية ومركز ناحية بعشيقة المحاصرة من قبل قوات البيشمركة منذ عدة أيام.


كما احكمت القوات العراقية بحسب مصدر فيها، سيطرتها امس على قرية علي رش التي تسكنها اغلبية من قومية الشبك الشيعية، جنوب شرق مدينة الموصل.


الى ذلك، أعلنت الشرطة العراقية في بيان لقائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، استعادة 61 قرية من تنظيم «داعش» وتحرير 1400 كيلومتر مربع، وإخلاء 1396 عائلة نازحة منذ انطلاق عمليات تحرير نينوى ضمن المحور الجنوبي، وذلك منذ بدء الحملة العسكرية لاستعادة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال العراق) في 17 تشرين الأول الجاري، مشيرة إلى «مقتل 747 إرهابياً وإلقاء القبض على 88 آخرين خلال الفترة نفسها»، دون أن يتم التطرق إلى الخسائر القوات العراقية.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024