منذ 7 سنوات | لبنان / الديار

الخطاب الهادئ لرئيس تكتل التغيير والاصلاح الجنرال ميشال عون البعيد عن التعبئة والتجييش التي اعتادها في مســيرته السياسية والحشد الشعبي الذي سلك طريق قصر بعبدا لاحياء ذكرى 13 تشرين الاول، ما هو الا تأكيد المؤكد ان عون لا يزال يمثل الرقم المسيحي الصعب، وهو قادر على الحشد تحت مختلف العناوين رغم كل «الفيتوات» والعراقيل.

صحيح ان مشهدية الجماهير لم تكن على صورة السنوات الماضية، الا ان عون بعث برسائل متعددة الى الحلفاء والخصـوم بلغـة تصالحية انفتاحية واستيعابية. 

فما جرى امس على طريق بعبدا يدعم المؤشرات السياسية القائلة بأن «التسوية الرئاسية» في خط تصاعدي وما هي الا ايام حتى تنضج «الطبخة» ويعلن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ترشيحه للعماد عون.

الا ان المعلومات تتضارب حيث تؤكد ان الاجواء التفاؤلية التي سادت اول من امس تبددت، فكل المعطيات تشير الى ان الحريري يواجه داخل تياره مشكلة حقيقية في مسألة تبنيه ترشيح العماد ميشال عون ويدرس كيفية معالجتها قبل الاعلان، الا ان الصورة ستعود وتنقشع مطلع هذا الاسبوع. 

الا ان اوساطاً سياسية تقول ان الحريري يعرف تماماً ان استدارته السياسية لا تقف عند الخطاب «المعتدل» او اكتشافه حجم تمثيل الجنرال عون، كما انه يدرك تماماً ان عودته الى الرئاسة الثالثة في ظل ما يعانيه سياسياً ومالياً ليست وحدها سبباً في طرح «التسوية»، فهو ينظر الى المشهد العام في المنطقة، فايقن ـ ومن خلفه السعودية ـ ان هذا المشهد بدأ بالتغيير لصالح محور الممانعة انطلاقاً من البوابة السورية، وفهمت المملكة ان دورها يتراجع في ظل الاحلاف الجديدة وخصوصا السنية، فاعطت الضوء الاخضر للحريري لتبني ترشيح عون، لان الحريري، تقول الاوساط، ما كان ليتجرأ على هذه الخطوة لولا مباركة السعودية وان كان في السر، وكل الضجة التي يفتعلها «صقور» المستقبل ما هي الا زوبعة في فنجان، لان الحريري مغطى سعودياً، وكل كلام خارج هذا السياق ما هو الا هلوسة.

وتؤكد مصادر ديبلوماسية عربية ان السعودية جن جنونها عندما التقى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب ارودغان حيث كرّس التحول في معادلة العلاقات بين البلدين بدءاً بالمصالح الاقتصادية وصولاً الى الازمة السورية، فالاستدارة «الاردوغانية» ضربت السعودية في الصميم وجعلها تفكر ملياً بما يمكن تحقيقه في لبنان فارتأت الحدّ من الخسائر ووقف «نزيف» حلفائها عبر «دفش» الحريري لاطلاق مبادرة في الوقت الضائع.


 فوبيا السعودية 


وتؤكد المصادر الديبلوماسية انه «ليس فقط الانقلاب التركي في سوريا هو الذي جعل السعودية تعيد حساباتها في الملف اللبناني، انما ما جعلها قلقة ايضاً هو التقارب التركي - الايراني في ملفات عدة تتعلّق بسوريا والمنطقة، وتشير المصادر الى ان ما يُثير هلع السعودية هو اقتراب ايران من تحقيق مشروعها الاستراتيجي الذي يتلخص بتأمين ممّر بري يخترق العراق من نقطة الحدود بين البلدين ثم شمال شرق سوريا الى حلب وحمص وينتهي بميناء اللاذقية على البحر المتوسط، فهذا الانجاز الايراني هو الذي يجعل السعودية تصرّ على عدم مشاركة الحشد الشعبي العراقي في المعركة المرتقبة لاستعادة مدينة الموصل.

اذاً، السعودية بدأت تشعر فعلاً ان هناك من ينافسها ويزاحمها بشدة على قياد السنّة في المنطقة، لذا يصبّ تحرك الحريري لبنانياً ضمن هذا «الفوبيا» السعودي بعدما كانت تحتكر «الدور السني» في لبنان. 

لذا جاءت النصائح الغربية لها بان تخطو خطوة ايجابية تجاه الملف الرئاسي اللبناني والقبول بانتخاب الجنرال عون بعدما سمعت من الاميركيين والاوروبيين كلاماً مشجعاً للسير بالتسوية الرئاسية، لذا بادرت وزخمت مبادرة الحريري...


 انتخاب عون محسوم 


وتشير المعلومات الى ان رئيس مجلس  النواب نبيه بري والنائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وجميع الاقطاب تبلّغوا بالسير بانتخاب عون، لان انتخابه محسوم وينتظر اللمسات الاخيرة.

وتشير المصادر الى ان «التريّو» غير راض على هذه التسوية، فقد نقل زوّار بري عنه امس قوله: «انا لا اخيف احداً،  ولا احد يخيفني وموقفي واضح وصريح، وكما قلت سابقاً سأصوّت في الجلسة للذي اريد ان اصوّت له».

وقال مازحاً: «ما عاد بدي الموالاة بدي جرّب المعارضة».

و«توتَر» فرنجية قائلاً: «انا مرشح ولن اتراجع... والكلمة الفصل لصندوق الاقتراع في 31 تشرين الاول».

الا ان «توترة» جنبلاط كانت لافتة ومثار تساؤلات فقال: «اتت كلمة السرّ يبدو... الله يستر».

وتؤكد المعلومات انه مهما صدر عن «التريّو» المعارض، فاذا جاءت كلمة السر بالسير العماد عون سيمشون، ولكن بعد ايجاد المخارج اللائقة لقبولهم.


 ورشة نفض شاملة للمستقبل 


وعلى خط مواز، بدأت الترتيبات في تيار المستقبل بإطلاق ورشة نفض شاملة كل منسقيات المناطق من عكار الى طرابلس وبيروت والجنوب والبقاع بعد حالة الانكفاء التي يشهدها التيار في قواعده الشعبية خاصة في البيئات التي تعتبر مخزونه البشري وبعدما اصاب التيار الكثير من الترهل والانفصام وانقطاع التواصل ما بين القيادات والقواعد الشعبية من جهة واثر اقفال «حنفيات» المال والخدمات وحسب المصادر المتابعة فإن الحريري يتجه الى تظهير وجوه شبابية جديدة تستلم منسقيات في كل المناطق اضافة الى تكليفه احمد الحريري لاختيار اسماء طامحة للمقاعد النيابية من الشخصيات المتمولة ومن الوجوه الطارئة على الحياة السياسية دون ان يكون لها حيثية شعبية لاعتقاد ان هذا التيار وبرغم من حالته المترهلة فانه يستطيع ترشيح عصا وهذا كاف لان تنجح طالما شرط المال متوفر لدى هذه العصا حيث يحتاج التيار الى من يتكئ عليه مالياً لخوض المعارك الانتخابية.

وهذا ما بدأ العمل به الحريري في جولاته المتكررة الى الشمال وقد بدا انه بصدد التحضير لهذه النفضة الكبرى في صفوف المستقبل استعدادا لعقد المؤتمر التأسيسي في 24 تشرين الثاني المقبل بحيث سيكون المؤتمر محطة مفصلية تنتج قيادات جديدة في بيروت وكل المناطق اللبنانية اضافة الى انتاج مكتب سياسي جديد حيث يبدو انه قد سحب الثقة من القيادات الحالية التي كانت إحدى أسباب تراجع التيار بالاضافة الى السبب الرئيسي المالي الخدماتي، عدا عن نشوء مراكز قوى داخل التيار أدت الى تشرذمه كما أدت الى تمرد عدد من القيادات عليه، وبات في الاونة الاخيرة العبارة التي تتكرر بين وقت وآخر كلما ادلى احد نواب المستقبل او بعض قياداته بموقف يربك الحريري الذي يسارع بترداد هذا النائب لا يمثلنا على غرار ما حصل مؤخراً مع النائب محمد قباني وقبله مع النائب محمد كباره ومع فتفت ومصطفى علوش وغيرهم.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024