منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية

عادت إلى الواجهة عمليات التصفية بين تنظيمَي «داعش» و»جبهة النصرة» في جرود عرسال، إثر خلافات قديمة متجدّدة بينهما حول بسطِ السيطرة في الجرود، حيث كانت قد شهدت المنطقة الأسبوع الماضي اشتباكات عنيفة بين الطرفين، سُمعت أصداؤها في عرسال، لتُترجم حرب التصفيات الدائرة بمقتل مفتي «داعش» في عرسال «أبو بكر الرقاوي» الذي وُجد منتصف ليل السبت جثةً، مصاباً بطلقات نارية عدة في محلّة الجوبان قرب وادي حميد.

تؤكّد المعلومات أنّ «أبو طاقية» أو الشيخ مصطفى الحجيري، وبعدما «قام بلعبة» من خلال تسريب المعلومات إلى الجيش عن مكان وجود القياديّين في «داعش» طارق الفليطي وسامح البريدي، كجزءٍ من حربه ضد هذا التنظيم لصالح «النصرة» من خلال تسليم رأسيهما بطريقة غير مباشرة إلى الجيش عن طريق طرف ثالث، اجتمعَ منذ بضعة أيام بأركان «النصرة» بعدما تجاوزَت تصرّفات «داعش» بالنسبة إليه الحدود بقتلِ أبناء عرسال؛ مثل قتيبة الحجيري وهو ابن عم والده، والمؤهّل أوّل زاهر عز الدين من فرع المعلومات.


وفي الاجتماع، طلبَ الحجيري من «النصرة» وضعَ خطّة تقوم على المبادرة بتصفية «داعش» وقياداته في عرسال، ومحاولة إنهاء هذا الوجود في الجرود، وعلى هذا الأساس قتَلت «النصرة» الرقاوي، الذي كان مسؤولاً أمنياً عن المسلّحين المتمترسين والمنتشرين في الجرود، وعن اغتيالات «داعش» في لبنان.


هذه العملية أراحت شكليّاً أبناءَ عرسال، لكنّه كان ارتياحاً مشوباً بالحذر، حيث أكّدوا أنّ التخلّص من الرقاوي لا يكفي وحده لطَمأنتهم، معتبرين أنّ إرساء الأمن في منطقتهم لا يتحقّق إلّا من خلال بسطِ الجيش سلطتَه في عرسال، بحسب مصدر معني.


وقد يكون أكثرَ ما عزّز الحقد في نفوس أهالي عرسال تجاه الرقاوي هو اتّصالاته بأهالي العسكريين المخطوفين وتهديدُهم لابتزازهم، إضافةً إلى ظهوره في إحدى الصور وهو يضع سكّيناً على رقبة أحدِهم.


في المقابل، كانت الأجهزة الأمنية تتمنّى لو أنّ هؤلاء الأشخاص لم يتعرّضوا لعمليات تصفية حتى تطاولهم الدولة وتحاكمهم أمام المحاكم المختصة والقضاء.


وتقول التقارير والمعلومات إنّ ما يحصل في عرسال بدأ منذ أكثر من أسبوعين عندما وصَلت لـ«النصرة» في الجرود أسلحةٌ من الداخل السوري، فنفّذت على إثرها عملية عسكرية ضد مواقع «داعش» واحتلّت مركزَين أساسيَين له في الجانب اللبناني من الحدود، وتأتي هذه التطوّرات إثر تعيين أمير جديد لـ«النصرة» في عرسال بعد رحيل أبو مالك التلّي مع مبلغٍ كبير من المال وانتقالِه إلى القلمون.


الحجيري... تاريخ حافل بالإرهاب


الحجيري الذي كان مجرّدَ شيخ عادي في عرسال قبل الأحداث السورية عام 2011، بدأ نشاطاته عبر تأمين حاجات النازحين السوريين وتقديم أراضيه لبناء مخيّمات لهم، وهو ما وثّقَ علاقته بالمجموعات المسلّحة وتحديداً «النصرة»، بعد إيوائه بعضاً من مسلّحيها، واستمرّ في تعزيز هذه العلاقة مع تطوّر الأحداث، مستفيداً من غياب الدولة عن عرسال آنذاك.


وللحجيري المتورّط في ملفات عدة، «تكتيك» معيّن في «قلب الطاولة» لعِلمه مسبَقاً بتغيُّر المعادلات، ويقيناً منه بأنّ الدولة قد تسامحه على فظاعة أعماله وأنّه قد ينجح في تسوية أوضاعه لدى القضاء في حال إفشائه عن مكان وجود مطلوبين تسعى الدولة وراءهم، وفي هذه الحال كان لا بدّ من فضحِ مكان بريدي والفليطي اللذين خَطفا العسكريين في عرسال، رغم أنّه يومها أدّى دوراً بارزاً في مساعدتهم لتنفيذ خطّتهم، وكان الحجيري قبل ذلك قد لعبَ دوراً في التوسّط لإطلاق صحافيين خُطفوا في الداخل السوري، وسارت أقاويل بأنّه ربّما كان متورّطاً في عمليات الخطف وفي الحصول على نسبة من الفدية.


والحجيري، صاحب مقولة «أُسلّم نفسي عندما يصبح هناك عدلٌ في القضاء»، لم يتردّد في تربية أبنائه براء وعبادة على معتقداته الإجرامية نفسِها، فتورّط براء بالإرهاب، فيما حفلَ ملف عبادة بالمشاركة في قتل 4 شبّان من آل أمهز وجعفر في وادي رافق، وفي قتل الضابط بيار بشعلاني والمعاون أوّل ابراهيم زهرمان في عرسال، إضافةً إلى اتّهامه بأنّه أحد الذين نَقلوا السيارة المفخّخة التي فُجِّرت في الرويس في آب 2013، لذلك مهما تعدّدت الآراء حول الحجيري، يتّفق الجميع على أنّ تسوية ملفّه هي جزء لا يتجزّأ من الحلّ في عرسال.


وفيما تتنافس التنظيمات المسلّحة على بسط سيطرتها على جرود عرسال، يَدفع أبناء البلدة الثمنَ غالياً، إذ إنّهم لبنانيون ينتمون إلى منطقة لبنانية، فلماذا قُدّر لها أن تكون خاضعةً لتنظيمات إرهابية أجنبية، وفي هذا الإطار تُطرَح سلسلة أسئلة: إلى ماذا ستؤول النتائج، هل ستنجح «النصرة» بتصفية «داعش» والسيطرة على الجرود؟ وماذا ستكون ردّة فِعل «داعش» وكيف سيردّ أهالي عرسال؟















أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024