وسط انحسار التحركات السياسية الداخلية وجمود المشاورات والاتصالات المتعلقة بمساعي الخروج من المأزق الحكومي في انتظار فسحة زمنية ستتمدد الى الاسبوع الاخير من أيلول اي الى ما بعد عودة رئيس الحكومة تمام سلام من نيويورك ، اتجهت الأنظار والاهتمامات اللبنانية اسوة بالاهتمامات الاقليمية والدولية نحو التطور البارز المتمثل بالاتفاق الاميركي الروسي حول سوريا والذي تم التوصل اليه في ساعات الصباح الاولى من السبت الفائت . 

والواقع ان الساعات الماضية بدت مثقلة بترقب لبناني واسع للتطور الحاصل نظرا الى الكثير من الغموض الذي كان لا يزال يشوب التوصل الى الاتفاق الذي أعلن عقب محادثات جنيف الماراثونية بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف ، علما ان المعلومات التي أعلنت عن الاتفاق طغت عليها هدنة حلب في المقام الاول فيما انتظرت الاوساط المراقبة سائر التفاصيل الاخرى المتصلة بوقف النار على كل الجبهات السورية وما يتصل بالمرحلة الاختبارية للهدنة ووقف النار وما بعدهما لجهة اقامة تنسيق عسكري مشترك بين الجانبين الاميركي والروسي في الحرب على التنظيمات المتطرفة ولا سيما منها داعش والنصرة .

 ويمكن القول ان النظرة الغالبة الى هذا الاتفاق توحي بان اختراقا ديبلوماسيا كبيرا قد حصل ولكنه سيبقى عرضة لحصار الشكوك في إمكانات تنفيذه ميدانيا اولا ومن ثم في قدرة طرفيه على الزام سائر اللاعبين المتورطين معها في الحرب في الاتجاه نحو حل يبدو ان الاتفاق طامح الى ان يشكل خطوطه الإطارية العريضة . تترك هذه الشكوك بطبيعة الحال للمرحلة الاختبارية التي تبدأ يوم الاثنين مع سريان مهلة هدنة حلب اولا علما ان الحكومة السورية وافقت على الاتفاق رسميا امس كما ان فصائل المعارضة وافقت عليه . ولكن العد العكسي لبدء الهدنة شهد اشتدادا للمعارك على كل جبهات حلب خصوصا الامر الذي عد توظيفا ميدانيا للساعات الاخيرة قبل سريان الهدنة سعيا لتحقيق تقدمات ميدانية سواء من جانب النظام السوري او من جانب فصائل المعارضة .


في اي حال تشكل الايام القليلة المقبلة فسحة بارزة للحكم على طبيعة هذا الاتفاق وحجمه وخلفياته المعلنة وغير المعلنة وما اذا كان يتصف بالملاءة الكافية لاتفاق إطاري يفسح لاعادة سائر القوى والدول المتورطة في الحرب السورية الى سكة الحل السياسي ام انه سيواجه مجددا بفشل وإخفاق ليسا غريبين عن كل محاولة مماثلة بذلت في السابق . ثمة في لبنان تضارب واسع في التقويمات الاولية للاتفاق تكشف شُح المعطيات الجدية الموثوقة عن تفاصيله وخلفياته غير المعلنة بعد . 

بعض هذه التقويمات يذهب بعيدا في الحديث عن اتفاق صفقة بين اميركا وروسيا لا تقف عند حدود سوريا وربما تتسع الى بقع متفجرة أخرى كاليمن . وبعضها الآخر يشكك في الاتفاق الى حدود نعيه سلفا . وبين هذين الحدين لن يكون أي مجال لحسم الاتجاه الصحيح الا في ظل انتظار الساعات والايام المقبلة التي يفترض ان تحمل ميدانيا اولا الإجابة عن مدى جدية التطور وحجمه واتساع حلقاته التنفيذية مع الدول الاقليمية المعنية ومن ثم معرفة كل التفاصيل التي تضمنها الاتفاق .


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024