منذ 7 سنوات | لبنان / وكالة وطنية

اختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم الاول لزيارته الرعوية لقرى وبلدات جبة المنيطرة في قضاء جبيل، بقداس احتفالي ترأسه في كاتدرائية مار الياس في قرطبا، عاونه فيه راعي الابرشية المطران ميشال عون والمطران منجد الهاشم، وخدمته جوقة الرعية بقيادة الاخ روي توما.


وحضر القداس النائبان سيمون ابي رميا ووليد الخوري، منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، النائبة السابقة مهى الخوري أسعد، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، نائب رئيس بلدية قرطبا غسان القسيس واعضاء المجلس البلدي ومخاتير البلدة وعقيلة رئيس البلدية انطوانيت فادي مرتينوس، نقيب اصحاب المؤسسات السياحية جان بيروتي، المدير العام لمستشفى قرطبا الحكومي عباد السخن، العميد المتقاعد ميشال كرم، المحامي فادي روحانا صقر، رئيس النادي الرياضي جورج كرم، المونسونيور يوسف السخن، رئيس دير مار سركيس وباخوس الاب بطرس زيادة، كاهن الرعية الخوري شربل شليطا، رئيس كاريتاس لبنان الاب بول كرم، المسؤول الاعلامي في ابرشية جبيل الخوري انطوان عطالله، رئيس مركز الدفاع المدني في جبيل شكيب غانم ولفيف من الكهنة والاباء وحشد من المؤمنين.


عون


في بداية القداس القى المطران عون كلمة رحب فيها بالراعي باسم ابناء الابرشية، واصفا الزيارة بأنها "زيارة الاب والراعي الى رعيته وابنائه"، وقال: "لبلدة قرطبا دور رائد في منطقة جبة المنيطرة وفي كل الجبل، وهي اليوم تستقبلكم بالفرح. هذه الزيارة اليوم هي لتؤكد ان الارض التي نحافظ عليها لا احد يستطيع اخذها منا، والارض التي سقيناها بالعرق والدم ستبقى ارضنا، شرط ان نعرف الحفاظ عليها وعلى جبلنا لنبقى ونستمر. هذه الزيارة تثبتنا بالايمان وبالثوابت التي عليها أسست بطريركيتك الشركة والمحبة، ونحن بدورنا ايضا لكي نكون ابناء الكنيسة ونصمد في وجه كل التحديات والصعوبات التي تواجهنا علينا ان نكون متضامنين بروح الشركة الحقيقية وبالمحبة".


وختم عون: "نعاهدك يا صاحب الغبطة ان نبقى على الامانة لدعوتنا المسيحية والمضي قدما شاهدين لايماننا ولمسيحيتنا في هذا الجبل، وهذه الشهادة تكون ثابتة بقدر ما نعيش المحبة والشركة والتضامن والاخوة".


الراعي


وبعد الانجيل ألقى الراعي عظة بعنوان "ليكونوا واحدا، ليؤمن العالم أنك أنت أرسلتني وأنك أحببتهم كما أحببتني" (يو 17:21-22)، استهلها بالقول: "صلى يسوع من أجل وحدة المؤمنين به، لأن بوحدتهم يشهدون أنه هو ضامن وحدتهم، وأن محبة الله في قلوبهم هي التي تجمعهم. وحدة المسيحيين هدف ينبغي السعي إليه باستمرار، فهي تبنى كل يوم. وهي مسؤولية لأنها تحمل طابع الشهادة للمسيح وهم أعضاء في جسده الواحد، ولمحبة الله المسكوبة في قلوبهم، وهي محبة تجمع وتوحد: أيها الآب، ليكونوا واحدا، كما نحن واحد، فيؤمن العالم أنك أنت أرسلتني، وأنك أحببتهم كما أحببتني (يو17:21-22). على أساس هذه الوحدة الروحية تبنى الوحدة في العائلة والكنيسة والمجتمع، وتبنى الوحدة الوطنية".


أضاف: "يسعدني وسيادة راعي الأبرشية المطران ميشال عون أن نختم اليوم الأول من زيارتنا الراعوية لهذه المنطقة. وقد شملت رعايا تحت القلعة ويانوح والمغيري وعبود، وها نحن ختاما في رعية قرطبا العزيزة. فإنني أجدد تحيتي ومحبتي لأبناء وبنات هذه الرعايا ولكهنتها، وجميع سكانها، لنوابها ورؤساء بلدياتها ومخاتيرها، لأخوياتها ومنظماتها الرسولية، للجان إدارة أوقافها، وأنديتها. نحن في منطقة تحمل تراثا تاريخيا نفيسا من حياتنا الكنسية المارونية واللبنانية. وهو تراث انتم تخافظون عليه بكل تفان وإخلاص، كما حافظ عليه الآباء والاجداد. ويسعدني شخصيا أن تأتي الزيارة بعد خمس سنوات من خدمتي البطريركية وغيابي عنها بالجسد لا بالروح. فكنتم دائما في ذاكرتي وقلبي وصلاتي. وكنا على اتصال دائم معكم من خلال سيادة أخينا المطران ميشال عون راعي الأبرشية، الذي أحييه وأشكره على كلمة الترحيب اللطيفة وعلى تنظيم هذه الزيارة الراعوية معكم ومع كهنة رعايانا الأحباء والرهبان والراهبات. وإني اقدر خدمته وخدمتهم الراعوية، وموآزرتكم لهم. وقد تحقق تقدم كبير في مختلف الحقول الراعوية والاجتماعية والإنمائية".


وتابع: "ليكونوا واحدا" (يو17: 21). من أجل وحدة المسيحيين صلى الرب يسوع، لأن في وحدتهم سلامهم وتضامنهم، واندفاعهم في خدمة مجتمعاتهم وأوطانهم. لم يكن المسيحيون يوما، بحكم طبيعتهم الكنسية واللاهوتية الرسالية، مجموعة منغلقة على ذاتها تعنى فقط بشؤونها، وكأنها في حالة تقوقع وghetto. فهم كأعضاء في الكنيسة، جسد المسيح، متواجدون في كل مكان، ويحملون إلى ثقافات الشعوب خميرة ثقافة الإنجيل، ثقافة الأخوة والمحبة والسلام، ثقافة الحقيقة والحرية والعدالة، ثقافة كرامة الشخص البشري وقيمة الحياة البشرية وقدسيتها، ثقافة العيش معا كمواطنين متساوين مع سائر مواطنيهم ومشاركين بروح المسؤولية في حياة أوطانهم ومؤسساتهم دولهم الدستورية. وهذا ما حققوه بامتياز في لبنان، عبر مسيرة تاريخية طويلة بدأت مع البطريرك الأول القديس يوحنا مارون جيلا بعد جيل، وصولا إلى البطريرك الياس الحويك الذي قاد المسيرة الصعبة في بداية القرن العشرين، حتى إعلان دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920، فإلى البطريرك أنطون عريضه وإنجاز الاستقلال والسيادة الكاملين، وجلاء الجيوش الأجنبية، وإقامة الميثاق الوطني للعيش المشترك المسيحي- الإسلامي المنظم في الدستور، وصيغة تطبيقه بالمشاركة المتساوية والمتوازنة في الحكم والإدارة، في سنة 1943. هذه هي الوحدة الوطنية التي يضمنها ويسير على تحقيقها رئيس الجمهورية. ما يقتضي واجب الضمير الوطني انتخابه".


وقال: "بفضل هذه الجهود المارونية، التي كان يوحدها البطريرك، جاء لبنان مميزا عن سائر بلدان المنطقة، في نظامه السياسي الديموقراطي القائم على اعتماد الحريات العامة، وشرعة حقوق الإنسان، والتعددية الدينية والثقافية في الوحدة الوطنية. وفي كل مرة كانت الجهود تتبعثر، كان التأثير يضعف والنظام السياسي يتراجع، ويتراجع معه الاقتصاد وسائر وجوه الحياة الاجتماعية. وهذا ما نشهده اليوم بكل أسف".


أضاف: "ليكونوا واحدا، كما نحن واحد". إنها الوحدة الروحية أولا مع الله بالصلاة وممارسة الأسرار وحفظ وصاياه والعيش بموجب كلامه، كلام الحياة. وعليها تبنى الوحدة في العائلة بانسجام الحياة الزوجية كجماعة حب وحياة، وبتفاني كل واحد من الزوجين في إسعاد الآخر، وهي الغاية من الزواج الذي أوجده الله بفيض من حبه. وتتسع هذه الوحدة لتشمل الوالدين وأولادهم، وهؤلاء فيما بينهم، ويشكلون معا كنيسة بيتية يتعلمون فيها الصلاة، وينقلون الإيمان من جيل إلى جيل، ويؤلفون مجتمعا قائما على حسن العلاقات بين الأشخاص. وعلى الوحدة الروحية تبنى الوحدة الاجتماعية القائمة على الاحترام المتبادل بين مكونات المجتمع، وعلى الأخلاقية في التعامل والقيام بالخدمة العامة، وعلى التضامن والتعاون والتكامل. إنني أحيي المجتمع المدني وأقدر وحدته التي هي الضامنة للوحدة الوطنية".


وختم الراعي: "لا نستطيع سماع صلاة المسيح من أجل وحدة المؤمنين به، من دون التزامنا ببناء هذه الوحدة في كل أبعادها العمودية والأفقية. فنشهد للعالم أن شخص المسيح هو الذي يوحدنا، وأن محبة الله لنا هي التي تجمعنا. وباتحاد القلوب والأفكار والنفوس نرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".


مزرعة السياد


وبعد القداس زار الراعي والوفد المرافق كنيسة سيدة الحرزمانية ثم كنيسة مار تادي. وكان قد زار بلدة مزرعة السياد- عبود حيث كان في استقباله النائب سيمون أبي رميا، النائبين السابقين فارس سعيد ومهى الخوري أسعد، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، قائمقام جبيل نجوى سويدان فرح، رئيس البلدية الدكتور روبير غاريوس وأعضاء المجلس البلدي ومختار البلدة وفاعلياتها، وبعد صلاة شكر في كنيسة سيدة النجاة، والقى غاريوس كلمة ترحيب أعلن خلالها تأييده لمواقف الراعي الوطنية والروحية، مشيرا إلى "اننا اليوم بأمس الحاجة إلى الشركة والمحبة في حياتنا الوطنية من أجل وطن نفتخر بكيانه ونحبه ونعمل من أجله".


الراعي


ورد الراعي بكلمة شكر فيها رئيس المجلس البلدي والأعضاء على الإستقبال، وقال: "إن الرب يساعدنا كلنا كلبنانيين لنكون بنائين وخلقوين، ولا يجب أن نصل إلى وقت من الركود السياسي المخيف الحاصل اليوم وكأننا لسنا معنيين بلبنان وننتظر الخارج، وفي الوقت عينه يستمر الشعب اللبناني بعيشه الطبيعي وكأن الأمر لا يعنيه".


وأمل "أن يتحرك السياسيون لإيجاد مخارج للشلل الحاصل"، مؤكدا أن "المخرج موجود في لبنان، والشعب اللبناني بالرغم من كل الصعوبات لا يحب الركود، والجماعة السياسية في لبنان يجب أن تخرج من هذا الركود وتقف وتتحمل مسؤولياتها التاريخية، لأنه إذا إستمر هذا الركود الخطير سيسقط الهيكل على رأس الجميع".


وختم الراعي: "نسأل مريم العذراء أن تحمي لبنان والشعب اللبناني من كل الشرور والمخاطر". 



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024