منذ 6 سنوات | حول العالم / Huffington Post

في حين يحزم الأثرياء وأصحاب النفوذ أمتعتهم استعداداً لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في وقتٍ لاحق من الشهر الجاري (يناير/كانون الثاني 2018)، ربما يصطحب أحدهم كتاباً أو اثنين. ولكن من غير المُرجح أن يكون هذا الكتاب واحداً من إحدى الروايات المثيرة التي تُقرأ في المطارات لإضاعة الوقت.

وفي هذا الصدد، أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي -الذي يُنظم تجمُّع القادة العالميين ورجال الأعمال في بلدةٍ تقع بجبال الألب السويسرية منذ عام 1971- قائمةً تضم كتباً أوصى بها اثنان من مُنظمي منتدى دافوس معروفان أيضاً بنهمهم للقراءة، وهما بيل غيتس ومارك زوكربيرغ، بحسب تقرير صحيفة The Guardian.

وبالنسبة لمن لا يعرف مؤتمر دافوس، فهو مؤتمر سنوي يقام لمدة 5 أيام، يجتمع فيه نحو 2500 شخص من أشهر الساسة ورجال ورواد الأعمال، بغرض مناقشة أهم المشاكل التي تواجه العالم.

وإذا كان غيتس وزوكربيرغ من محبي أعمال المؤلفين؛ إي إل جيمس وجون غريشام وجوان رولينغ، فإن القائمة لم تتضمن أعمالاً مشابهة. في الواقع، ضمت عدداً قليلاً من كتب الخيال، وركزت على الكتب الواقعية ذات المحتوى الدسم. ولم تتضمن سوى كتاب واحد من كتب الخيال العلمي هو "The Three-Body Problem"، من تأليف الكاتب الصيني ليو سيشين.

لطالما اعتُبر غيتس وزوكربيرغ -اللذان يحتلان المركزَين الثاني والرابع في قائمة أغنى أغنياء العالم- القراءة مفتاحاً لنجاحهما؛ إذ يقرأ غيتس -الذي جمع معظم ثروته المقدرة بـ92 مليار دولار (68 مليار جنيه إسترليني) من شركة مايكروسوفت التي شارك في تأسيسها في عام 1975- مدة ساعة على الأقل كل ليلة، وينهي كتاباً واحداً كل أسبوع.

أما زوكربيرغ، الذي يملك ثروة تبلغ 77 مليار دولار بعد 13 عاماً من إنشائه موقع فيسبوك من داخل غرفة نومه في جامعة هارفارد الأميركية، فليس قارئاً سريعاً مثل غيتس، لكنَّ خطته للعام الجديد في مطلع عام 2015، كانت أن يقرأ كتاباً واحداً على الأقل كل أسبوعين.

اتفق عليه زوكربيرغ وغيتس



pinker

ويتفق كلاهما على أنَّه من الضروري قراءة كتاب Better Angels of Our Nature: Why Violence has Declined -المُجلد المكوَّن من 800 صفحة- الذي ألَّفه ستيفن بينكر أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد.

يناقش الكتاب فكرة أنَّه بينما قد يبدو أنَّ العالم أصبح أخطر، فإنَّ إلقاء نظرةٍ أعمق على التاريخ البشري يُظهر أنَّ العنف في تراجعٍ متزايد. وقفز الكتاب على قائمة الكتب الأكثر مبيعاً بموقع أمازون، حين غرَّد غيتس للمرة الأولى على تويتر، قائلاً: "إنَّه أكثر الكتب التي قرأتها إلهاماً".

وقال غيتس: "أوضح (بينكر) كيف يُصبح العالم مكاناً أفضل. يبدو هذا جنوناً لكنَّه صحيح؛ فهذا الوقت هو الأكثر سلمية في تاريخ البشرية. وهذا أمرٌ هام؛ لأنَّك إذا كنت تعتقد أنَّ العالم يتحسَّن، فسترغب في نشر التقدم لمزيدٍ من الناس والأماكن. ولا يعني هذا تجاهلك المشاكل الخطيرة التي نواجهها، قدر ما يعني فقط أنَّك تعتقد أنَّه بالإمكان حلها".
وكتب غيتس في استطلاعِ رأيٍ نشره على مدونته الخاصة، قائلاً إنَّ كتاب بينكر كان "واحداً من أهم الكتب التي قرأتها، ليس فقط في العام الجاري؛ بل حياتي كلها".

واختاره زوكربيرغ كأحد الكتب في نادي كتب موقع فيسبوك، الذي يجعل العناوين التي يختارها تدخل في قائمة أكثر الكتب مبيعاً. وقال مُعلقاً: "إنَّه كتابٌ ملائم تماماً حول كيفية انخفاض مُعدل العنف بانتظام على مر تاريخنا وأسباب ذلك، وكيف يمكننا مواصلة هذا الاتجاه".

قد تكون قراءة هذا الكتاب أمراً مفيداً لحاضري المنتدى البالغ عددهم 2500 من القادة العالميين ورجال الأعمال ورؤساء المؤسسات الخيرية، وسيحمل منتدى هذا العام شعار "خَلق مستقبل مشترك في عالمٍ منقسم".

يُذكر أنَّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واحدٌ من بين نحو 40 زعيماً عالمياً سيحضرون المنتدى في العام الجاري، وسيكون بذلك أول رئيس أميركي يتوجَّه إلى دافوس، بعد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون منذ عام 2000. وليس معروفاً عن ترامب كونه زعيماً قارئاً للكتب الطويلة؛ فعندما سُئِلَ في مقابلةٍ تلفزيونية عن آخر كتابٍ قرأه، أجاب: "أقرأ مقاطعَ وأجزاءً وفصولاً، فأنا لا أملك وقتاً لذلك".

بين علم الجينوم والاقتصاد



body problem
كتاب The Three-Body Problem

ويُوصي غيتس أيضاً بقراءة كتاب The Gene: An Intimate History، لمؤلفه سيدهارتا موخيرجي، المُتخصص بعلم الأورام وخريج جامعات أكسفورد وهارفارد وستانفورد. وقال غيتس: "كتب موخيرجي هذا الكتاب للجمهور العادي؛ لأنَّه يعلم أنَّ تقنيات علم الجينوم على أعتاب التأثير علينا جميعاً تأثيراً عميقاً".

ويوصي زوكربيرغ بكتاب The Three-Body Problem لمؤلفه سيشين، باعتباره "استراحةً ممتعة" بين كتب علم الاقتصاد والعلوم الاجتماعية ذات المحتوى الثقيل التي أدرجها في القائمة. جديرٌ بالذكر أنَّ الكتاب ظهر في أثناء الثورة الثقافية التي دشنها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ويُستَهل الكتاب بهجومٍ فضائي يغزو الأرض بعد إرسال الحكومة الصينية إشاراتٍ سرية إلى الفضاء.

وقال جيمس دونت، مؤسس متجر الكتب Daunt books في إنكلترا ومدير شركة ووترستونز، عن ذلك الكتاب: "من اللطيف جداً أن نعرف أنَّه حتى أعظم الناجحين الأذكياء يحبون الخيال العلمي. نجح كتاب Three Body Problem نجاحاً عظيماً، وساعد على توسيع جاذبية الخيال العلمي منذ أن مدحه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما (في يناير/كانون الثاني 2017)".

وأوضح دونت أنَّ القائمة شملت بعض "أفضل الكتب الواقعية الهامة في السنوات القليلة الماضية". وذكر بعضها قائلاً: "كان كتاب Sapiens، لمؤلفه يوفال نوح هراري، هو الكتاب الورقي الأكثر مبيعاً العام الماضي في ووترستونز، وربما ستتوقع أن يكون كتاباً The Gene، وBetter Angels، وكتاب World Order لمؤلفه هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، من بين الدعائم الأساسية على كل طاولةٍ تحوي الكتب الواقعية الجادة في متاجرنا".

وقالت الروائية إليف شافاق، عضوة لجنة التحكيم بلجنة جائزة مان بوكر الدولية، في العام الماضي، إنَّ منظمَي المنتدى الاقتصادي العالمي بيل غيتس وزوكربيرغ، قد بعثا بـ"رسالةٍ إيجابية وبنَّاءة للغاية" بإعلان هذه القائمة.

وأضافت: "في عالمٍ يتضح فيه أنَّ الكثير من السياسيين ورجال الأعمال وقادة المجتمع لا يقرأون بكل أسف، وفي عالمٍ أصبح فيه قول الحقيقة أمراً تزداد صعوبته، من المهم أن ندعم الكتب وحرية الحديث والمعرفة والخيال. ومع ذلك، ما يقلقني هو أنَّه على الرغم من تنُّوع محتوى القائمة وانتقائه بعناية من نواحٍ أخرى، تكاد القائمة تخلو من المؤلَّفات النسائية، فما السبب؟! أتمنَّى بصدقٍ أن يقرأوا المزيد منها في العام الجديد".



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024